مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ يَعْنِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهُ رَضِيَ الْآخَرُ بِالْفَسْخِ أَوْ لَمْ يَرْضَ وَقَوْلُهُ إلَّا مِنْ عَيْبٍ أَوْ عَدَمِ رُؤْيَةٍ وَكَذَا خِيَارُ الشَّرْطِ وَإِنَّمَا خَصَّ خِيَارَ الْعَيْبِ وَعَدَمَ الرُّؤْيَةِ مَعَ أَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ مَانِعٌ لُزُومَ الْبَيْعِ أَيْضًا لِأَنَّهُمَا فِي كُلِّ بَيْعٍ يُوجَدَانِ أَمَّا خِيَارُ الشَّرْطِ فَعَارِضٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الشَّرْطِ.
(قَوْلُهُ وَالْأَعْوَاضُ الْمُشَارُ إلَيْهَا لَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ مِقْدَارِهَا فِي جَوَازِ الْبَيْعِ) لِأَنَّ بِالْإِشَارَةِ كِفَايَةٌ فِي التَّفْرِيقِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشَارُ إلَيْهِ ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ أَمَّا فِي الرِّبَوِيَّةِ إذَا بِيعَتْ بِجِنْسِهَا فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ مَعَ جَهَالَةِ مِقْدَارِهَا وَإِنْ أُشِيرَ إلَيْهَا لِاحْتِمَالِ الرِّبَا كَمَا إذَا بَاعَ حِنْطَةً بِحِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرًا بِشَعِيرٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ تَسَاوِيهِمَا وَقَوْلُهُ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ احْتِرَازًا عَنْ السَّلَمِ فَإِنَّ رَأْسَ الْمَالِ فِيهِ إذَا كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يَكْتَفِي بِالْإِشَارَةِ وَقَوْلُهُ وَالْأَعْوَاضُ سَمَّاهَا أَعْوَاضًا قَبْلَ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ تَصِرْ عِوَضًا بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ لِأَنَّهَا تَصِيرُ عِوَضًا بَعْدُ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢] وَإِنَّمَا يَصِيرَانِ شَاهِدَيْنِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ وَالْأَثْمَانُ الْمُطْلَقَةُ لَا تَصِحُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَعْرُوفَةَ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ) صُورَةُ الْمُطْلَقَةِ أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْت مِنْك بِذَهَبٍ أَوْ بِفِضَّةٍ أَوْ بِحِنْطَةٍ أَوْ بِذُرَةٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ قَدْرًا وَلَا صِفَةً.
وَفِي الْيَنَابِيعِ صُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ بِعْت هَذَا مِنْك بِثَمَنٍ أَوْ بِمَا يُسَاوِي فَيَقُولَ اشْتَرَيْت فَهَذَا لَا يَجُوزُ حَتَّى يُبَيِّنَ قَدْرَ الثَّمَنِ وَصِفَتَهُ فَالْقَدْرُ مِثْلُ عَشَرَةٍ أَوْ عِشْرِينَ وَالصِّفَةُ مِثْلُ بُخَارِيٍّ أَوْ سَمَرْقَنْدِيٍّ أَوْ جَيِّدٍ أَوْ وَسَطٍ أَوْ رَدِيءٍ وَقَوْلُهُ مُطْلَقَةً احْتِرَازٌ عَنْ كَوْنِهَا مُشَارًا إلَيْهَا.
(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ إذَا كَانَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا) إنَّمَا قَيَّدَ بِالثَّمَنِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا لَا يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ فَإِنْ شُرِطَ فِيهِ الْأَجَلُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ فِي الْأَعْيَانِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لِلْبَائِعِ فِي تَأْجِيلِهَا لِأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي الْحَالَيْنِ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْعَقْدُ يُوجِبُ تَسْلِيمَهَا فَلَا فَائِدَةَ فِي تَأْخِيرِهَا وَلَا كَذَلِكَ الثَّمَنُ لِأَنَّ شَرْطَ الْأَجَلِ فِي الدُّيُونِ فِيهِ فَائِدَةٌ وَهِيَ اتِّسَاعُ الْمُدَّةِ الَّتِي يَتَمَكَّنُ الْمُشْتَرِي مِنْ تَحْصِيلِ الثَّمَنِ فِيهَا فَلِذَلِكَ جَازَ فِيهِ وَقَوْلُهُ إذَا كَانَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَجْهُولًا أَثَّرَ فِي التَّسْلِيمِ فَيُطَالِبُهُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ فِي قَرِيبِ الْمُدَّةِ وَالْمُشْتَرِي فِي بِعِيدِهَا وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْأَقَلِّ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي فِي الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى قَدْرِهِ وَاخْتَلَفَا فِي مُضِيِّهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَمْ يَمْضِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدَّعْوَى.
(قَوْلُهُ وَمَنْ أَطْلَقَ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ كَانَ عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ) مَعْنَاهُ ذَكَرَ قَدْرَ الثَّمَنِ وَلَمْ يَذْكُرْ صِفَتَهُ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ بِعْت مِنْك بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَفِي الْبَلَدِ دَرَاهِمُ مُخْتَلِفَةٌ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ جَازَ الْبَيْعُ وَتَتَعَيَّنُ الدَّرَاهِمُ الَّتِي يَتَعَامَلُ النَّاسُ بِهَا فِي الْبَلَدِ غَالِبًا فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ وَمَنْ أَطْلَقَ الثَّمَنَ أَيْ أَطْلَقَهُ عَنْ ذِكْرِ الصِّفَةِ وَأَمَّا الْقَدْرُ فَقَدْ ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَيْنَ تِلْكَ الْأُولَى فَيَلْزَمُ التَّكْرَارُ فَبَانَ لَك أَنَّ قَوْلَهُ: وَالْأَثْمَانُ الْمُطْلَقَةُ أَنَّهَا مُطْلَقَةٌ عَنْ ذِكْرِ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ جَمِيعًا وَأَنَّ قَوْلَهُ وَمَنْ أَطْلَقَ الثَّمَنَ مُطْلَقٌ عَنْ ذِكْرِ الصِّفَةِ لَا غَيْرُ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْت بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَمْ يَقُلْ بُخَارِيَّةً أَوْ غِطْرِيفِيَّةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ يَخْتَلِفَانِ فِي أَحْكَامٍ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَجُوزُ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَمِنْهَا أَنَّ هَلَاكَ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُوجِبُ فَسْخَ الْعَقْدِ وَهَلَاكَ الثَّمَنِ لَا يُوجِبُهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَقَعُ عَلَى عَيْنِهِ وَإِنَّمَا يَقَعُ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ فَإِذَا هَلَكَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بَقِيَ مَا فِي الذِّمَّةِ بِحَالِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ النُّقُودُ مُخْتَلِفَةً فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ أَحَدَهَا) يَعْنِي مُخْتَلِفَةَ الْمَالِيَّةِ إلَّا أَنَّ التَّعَامُلَ بِهَا سَوَاءٌ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute