للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَلْ أَخَذْتهَا غَصْبًا كَانَتْ غَصْبًا، وَالْآخِذُ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْأَخْذِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ وَادَّعَى الْإِذْنَ فِيهِ فَلَا يُصَدَّقُ كَمَنْ أَكَلَ طَعَامَ غَيْرِهِ أَوْ هَدَمَ دَارَ غَيْرِهِ، أَوْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ وَادَّعَى الْإِذْنَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَخَذْت لَك أَلْفَيْنِ أَحَدَهُمَا وَدِيعَةً، وَالْآخَرَ غَصْبًا فَضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ وَهَذِهِ الْغَصْبُ فَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ بَلْ الْغَصْبُ هُوَ الَّذِي ضَاعَ، وَهَذِهِ الْوَدِيعَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَالِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ قَالَ: اتَّزِنْهَا أَوْ انْتَقِدْهَا، أَوْ أَجِّلْنِيهَا، أَوْ قَدْ قَضَيْتُكَهَا فَهُوَ إقْرَارٌ) كَذَا إذَا قَالَ خُذْهَا، أَوْ تَنَاوَلْهَا أَوْ اسْتَوْفِهَا، وَأَمَّا إذَا قَالَ: خُذْ أَوْ اتَّزِنْ، أَوْ اُنْقُدْ، أَوْ اسْتَوْفِ أَوْ تَنَاوَلْ، أَوْ افْتَحْ كِيسَك، أَوْ هَاتِ مِيزَانَك فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّ هَذَا يُذْكَرُ لِلِاسْتِهْزَاءِ، وَإِنْ قَالَ: هَلْ هِيَ جِيَادٌ، أَوْ زُيُوفٌ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ إقْرَارٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَإِنْ قَالَ فِي جَوَابِهِ نَعَمْ، أَوْ صَدَقْتَ، أَوْ أَنَا مُقِرٌّ، أَوْ لَسْتُ بِمُنْكِرٍ فَهَذَا إقْرَارٌ، وَإِنْ قَالَ لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ مُنْكِرًا وَيُعْرَضُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَإِنْ قَالَ: أَبْرَأْتَنِي مِنْهَا، أَوْ قَدْ قَبَضْتَهَا مِنِّي فَهُوَ إقْرَارٌ وَعَلَيْهِ بَيِّنَةُ الْقَضَاءِ، أَوْ الْإِبْرَاءِ، وَإِنْ قَالَ: عَبِّ لَهَا صُرَّةً قَالَ فِي شَرْحِهِ: هُوَ إقْرَارٌ؛ لِأَنَّ الْهَاءَ رَاجِعَةٌ إلَى الْأَلْفِ وَكَذَا إذَا قَالَ وَهَبْتَهَا لِي، أَوْ قَدْ أَحَلْتُك بِهَا عَلَى فُلَانٍ، أَوْ لَسْت أَقْدِرُ عَلَى قَضَائِهَا الْيَوْمَ فَهَذَا كُلُّهُ إقْرَارٌ، وَإِنْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: اقْضِنِي الْأَلْفَ الَّتِي لِي عَلَيْك فَقَالَ: غَدًا، أَوْ ابْعَثْ لَهَا مَنْ يَقْبِضُهَا، أَوْ أَمْهِلْنِي أَيَّامًا أَوْ أَنْتَ كَثِيرُ الْمُطَالَبَةِ فَهَذَا كُلُّهُ إقْرَارٌ وَكَذَا إذَا قَالَ: لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا بَقِيتُ أَسْتَقْرِضُ مِنْك غَيْرَهَا، أَوْ كَمْ تَمُنُّ عَلَيَّ بِهَا فَهُوَ إقْرَارٌ، وَإِنْ قَالَ نَتَحَاسَبُ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَإِنْ قَالَ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ بَلَى فَهُوَ إقْرَارٌ، وَإِنْ قَالَ نَعَمْ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ إقْرَارٌ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ لَا عَلَى دَقَائِقِ الْعَرَبِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الدَّيْنِ وَكَذَّبَهُ فِي الْأَجَلِ لَزِمَهُ الدَّيْنُ حَالًّا وَيُسْتَحْلَفُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْأَجَلِ) قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ هَذَا إذَا لَمْ يَصِلْ الْأَجَلَ بِكَلَامِهِ أَمَّا إذَا وَصَلَهُ صُدِّقَ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ وَاسْتَثْنَى مُتَّصِلًا بِإِقْرَارِهِ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَزِمَهُ الْبَاقِي) الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: اسْتِثْنَاءِ تَعْطِيلٍ، وَاسْتِثْنَاءِ تَحْصِيلٍ وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ مَفْصُولًا وَيَصِحُّ مَوْصُولًا فَالتَّعْطِيلُ تَعْطِيلُ جَمِيعِ الْكَلَامِ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ، وَأَمَّا اسْتِثْنَاءُ التَّحْصِيلِ فَأَلْفَاظُهُ ثَلَاثَةٌ: إلَّا وَغَيْرُ وَسِوَى، وَإِنَّمَا يَصِحُّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ بِشَرْطِ أَنْ يَتَحَصَّلَ بِإِقْرَارِهِ شَيْءٌ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ، وَإِنْ قَالَ: عَشَرَةٌ إلَّا عَشَرَةً فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ وَيَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ؛ لِأَنَّ هَذَا رُجُوعٌ وَلَيْسَ بِاسْتِثْنَاءٍ وَالرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ بَاطِلٌ وَهَذَا إذَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ خِلَافِهِ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَإِنْ أَتَى عَلَى جَمِيعِ الْمُسَمَّى، نَحْوُ أَنْ يَقُولَ: نِسَاءٍ طَوَالِقُ إلَّا هَؤُلَاءِ وَلَيْسَ لَهُ نِسَاءٌ غَيْرُهُنَّ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَلَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا نِسَائِي لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَطَلُقْنَ كُلُّهُنَّ وَكَذَا إذَا قَالَ عَبِيدِي أَحْرَارٌ إلَّا هَؤُلَاءِ لَمْ يَعْتِقْ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ قَالَ عَبِيدِي أَحْرَارٌ إلَّا عَبِيدِي لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَعَتَقُوا جَمِيعًا وَعَلَى هَذَا الِاعْتِبَارُ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ الْأَقَلُّ، أَوْ الْأَكْثَرُ) وَهَذَا قَوْلُهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ اسْتَثْنَى الْأَكْثَرَ بَطَلَ اسْتِثْنَاؤُهُ وَلَزِمَهُ جَمِيعُ مَا أَقَرَّ بِهِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَثْنَى الْجَمِيعَ لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ وَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ) ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْجَمِيعِ رُجُوعٌ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ، وَإِنْ اسْتَثْنَى بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ فَالِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ نَفْيٌ وَالثَّانِي إيجَابٌ مِثْلُ قَوْلِهِ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشْرَةَ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ نَفْيٌ فَكَأَنَّهُ نَفَى بِهِ الْإِقْرَارَ بِتِسْعَةٍ يَبْقَى وَاحِدٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ الثَّانِي إيجَابٌ فَكَأَنَّهُ أَوْجَبَ الثَّمَانِيَةَ مَعَ الدِّرْهَمِ الْبَاقِي مِنْ الْعَشَرَةِ، وَلَوْ قَالَ: عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمًا لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ تَأْخُذَ مَا أَقَرَّ بِهِ بِيَمِينِك وَالِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ بِيَسَارِكَ وَالِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ بِيَمِينِك وَعَلَى هَذَا إلَى آخِرِ الِاسْتِثْنَاءِ فَمَا اجْتَمَعَ فِي يَسَارِك أَسْقِطْهُ مِمَّا فِي يَمِينِك فَمَا بَقِيَ فَهُوَ الْمُقَرُّ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَثْنَى الْجَمِيعَ لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ وَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ) هَذَا إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ كَمَا إذَا اسْتَثْنَى مِنْ مِائَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>