للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دِرْهَمٍ قَفِيزَ حِنْطَةٍ أَوْ دَنَانِيرَ وَقِيمَةُ ذَلِكَ تَزِيدُ عَلَى الْمِائَةِ صَحَّ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا دِينَارًا، أَوْ إلَّا قَفِيزَ حِنْطَةٍ لَزِمَهُ الْمِائَةُ الدِّرْهَمِ إلَّا قِيمَةَ الدِّينَارِ، أَوْ الْقَفِيزِ) وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَلَوْ قَالَ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوْبًا لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِيهِمَا جَمِيعًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَصِحُّ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَإِنْ كَانَ اسْتَثْنَى مَا لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِنَفْسِهِ كَالثَّوْبِ وَالشَّاةِ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَنَا.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْمُسْتَثْنَى، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِنَفْسِهِ كَالْكَيْلِيِّ، وَالْوَزْنِيِّ، وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ جَازَ عِنْدَهُمَا وَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ لَا يَجُوزُ فَإِذَا صَحَّ هَذَا فَقَوْلُهُ إلَّا دِينَارًا، أَوْ إلَّا قَفِيزَ حِنْطَةٍ اسْتِثْنَاءُ مَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِنَفْسِهِ فَصَحَّ فَيُطْرَحُ عَنْهُ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ قِيمَةُ ذَلِكَ الْمُسْتَثْنَى، وَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الْمُسْتَثْنَى يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ مَا أَقَرَّ بِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ وَكُرُّ شَعِيرٍ إلَّا كُرَّ حِنْطَةٍ وَقَفِيزَ شَعِيرٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ وَيَلْزَمُهُ الْإِقْرَارَانِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ إلَّا كُرَّ حِنْطَةٍ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى الْجُمْلَةَ فَصَارَ لَغْوًا فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا قَفِيزَ شَعِيرٍ فَقَدْ أَدْخَلَ بَيْنَ الْكُرِّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَبَيْنَ الْقَفِيزِ الشَّعِيرِ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ فَانْقَطَعَ الِاسْتِثْنَاءُ فَصَارَ كَمَا لَوْ سَكَتَ ثُمَّ اسْتَثْنَى.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الشَّعِيرِ وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْحِنْطَةِ فَيَلْزَمُهُ كُرُّ حِنْطَةٍ وَتِسْعٌ وَثَلَاثُونَ قَفِيزًا مِنْ الشَّعِيرِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مُتَّصِلٌ وَقَدْ اسْتَثْنَى مِنْهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ يَا فُلَانُ إلَّا تِسْعَةَ دَرَاهِمَ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَيَّ وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ الْمُنَادَى بِهِ هُوَ الْمُقَرُّ لَهُ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ مُتَوَجِّهٌ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الْمُقَرِّ لَهُ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا شَيْئًا قَلِيلًا لَزِمَهُ الْأَلْفُ إلَّا الشَّيْءَ الْقَلِيلَ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْقَلِيلِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ) (قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَدِرْهَمٌ فَالْمِائَةُ دَرَاهِمُ) يَعْنِي تَلْزَمُهُ كُلُّهَا دَرَاهِمَ وَكَذَا الدَّنَانِيرُ، وَالْمَكِيلُ، وَالْمَوْزُونُ، وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ ثَلَاثَةٌ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ لَزِمَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا قَالَ الْخُجَنْدِيُّ: إذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ وَدِرْهَمٌ كَانَ عَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَإِنْ قَالَ: عَشَرَةٌ وَدِرْهَمَانِ كَانَ عَلَيْهِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَفِي الْقِيَاسِ يَلْزَمُهُ فِي الْأَوَّلِ دِرْهَمٌ، وَفِي الثَّانِي دِرْهَمَانِ وَتَفْسِيرُ الْعَشَرَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ: عَشَرَةٌ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لَزِمَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ قَالَ: عَشَرَةٌ وَدِينَارٌ وَعَشَرَةٌ وَدِينَارَانِ فَهُوَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ) (قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَثَوْبٌ لَزِمَهُ ثَوْبٌ وَاحِدٌ) وَالْمَرْجِعُ فِي تَفْسِيرِ الْمِائَةِ إلَيْهِ وَكَذَا إذَا قَالَ لَهُ مِائَةٌ وَثَوْبَانِ يَلْزَمُهُ ثَوْبَانِ وَيُرْجَعُ فِي تَفْسِيرِ الْمِائَةِ إلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ: مِائَةٌ وَثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ فَالْجَمِيعُ أَثْوَابٌ وَكَذَا إذَا قَالَ لَهُ: مِائَةٌ وَشَاتَانِ يَلْزَمُهُ شَاتَانِ وَتَفْسِيرُ الْمِائَةِ إلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ وَثَلَاثُ شِيَاهٍ فَالْكُلُّ شِيَاهٌ، وَإِنْ قَالَ عَشَرَةٌ وَعَبْدٌ لَزِمَهُ الْعَبْدُ وَتَفْسِيرُ الْعَشَرَةِ إلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ فَالْبَيَانُ إلَيْهِ فَإِنْ قَالَ: دَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ، أَوْ فُلُوسًا أَوْ جَوْزًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ: كَمَا إذَا قَالَ عَلَيَّ شَيْءٌ فَالْبَيَانُ إلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَنَيِّفًا، أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَنَيِّفٌ فَالْقَوْلُ فِي النَّيِّفِ مَا قَالَ إمَّا دِرْهَمٌ، أَوْ أَكْثَرُ وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ النَّيِّفَ مَا زَادَ وَأَنَافَ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ، وَإِنْ قَالَ بِضْعٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا فَالْبِضْعُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ الثَّلَاثَةِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ قَرِيبٌ مِنْ أَلْفٍ، أَوْ جُلُّ أَلْفٍ، أَوْ زُهَاءُ أَلْفٍ، أَوْ عُظْمُ أَلْفٍ فَعَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ وَشَيْءٌ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: فِي الزِّيَادَةِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي النِّصْفِ وَمَا دُونَهُ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ وَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا بِإِقْرَارِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِقْرَارُ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ يَرْفَعُ الْكَلَامَ مِنْ أَصْلِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَلِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ إمَّا إبْطَالٌ، أَوْ تَعْلِيقٌ فَإِنْ كَانَ إبْطَالًا فَقَدْ بَطَلَ، وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقًا فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ، أَوْ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إذَا مِتّ، أَوْ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ، أَوْ إذَا أَفْطَرَ النَّاسُ؛ لِأَنَّهُ فِي بَيَانِ مَعْنَى الْمُدَّةِ فَيَكُونُ تَأْجِيلًا لَا تَعْلِيقًا حَتَّى لَوْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْأَجَلِ يَكُونُ الْمَالُ حَالًّا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ قَالَ لِفُلَانِ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ شَاءَ فُلَانٌ كَانَ بَاطِلًا، وَإِنْ قَالَ فُلَانٌ شِئْت؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ مُعَلَّقٌ بِخَطَرٍ فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِدُخُولِ الدَّارِ، أَوْ بِهُبُوبِ الرِّيحِ، وَإِنْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ مِتّ فَالْأَلْفُ لَازِمَةٌ لَهُ إنْ عَاشَ، أَوْ مَاتَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ وَذَكَرَ أَجَلًا مَجْهُولًا فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ وَيَبْطُلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>