للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَخْصُوصٍ وَهِيَ مُؤْتَمَنَةٌ عَلَيْهِ وَعَلَى كِسْوَتِهِ وَحُلِيِّهِ فَإِنْ سُرِقَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ لَمْ يَلْزَمْهَا ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهَا أَجِيرٌ خَاصٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَبِلَتْ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا الْإِجَارَةَ) إذَا خَافُوا عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ لَبَنِهَا؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْحَامِلِ يَضُرُّ بِالصَّبِيِّ فَكَانَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي الْفَسْخِ وَكَذَا إذَا مَرِضَتْ لَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْمَرِيضَةِ يَضُرُّ بِالصَّبِيِّ وَلَهَا أَيْضًا أَنْ تَفْسَخَ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ عُذْرٌ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ الرَّضَاعِ إنْ لَمْ يَكُنْ تَسَلَّمَ الْأُجْرَةَ وَقَدْ قَالُوا فِي الظِّئْرِ: إذَا كَانَتْ مِمَّنْ يَشِينُهَا الْإِرْضَاعُ فَلِأَهْلِهَا أَنْ يَفْسَخُوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ يُعَيَّرُونَ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ فِي الْمَثَلِ: تَمُوتُ الْحُرَّةُ وَلَا تَأْكُلُ بِثَدْيِهَا وَكَذَلِكَ إذَا امْتَنَعَتْ مِنْ الْإِرْضَاعِ فَلَهَا ذَلِكَ إذَا كَانَ يَشِينُهَا الرَّضَاعُ فَإِنْ كَانَتْ الظِّئْرُ سَارِقَةً وَخَافُوا عَلَى مَتَاعِ الصَّبِيِّ مِنْهَا فَلَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا، وَإِنْ كَانُوا يُؤْذُونَهَا بِأَلْسِنَتِهِمْ أُمِرُوا بِالْكَفِّ عَنْهَا فَإِنْ فَعَلُوا، وَإِلَّا كَانَ لَهَا الْفَسْخُ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا أَنْ تُصْلِحَ طَعَامَ الصَّبِيِّ) بِأَنْ تَمْضُغَ لَهُ الطَّعَامَ وَلَا تَأْكُلَ شَيْئًا يُفْسِدُ لَبَنَهَا وَيَضُرُّ بِالصَّبِيِّ وَعَلَيْهَا طَبْخُ طَعَامِهِ وَغَسْلُ ثِيَابِهِ وَمَا يُعَالَجُ بِهِ الْأَطْفَالُ مِنْ الدُّهْنِ وَالرَّيْحَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَمَّا طَعَامُهُ فَعَلَى أَهْلِهِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ مِنْ الدُّهْنِ وَالرَّيْحَانِ أَنَّهُ عَلَى الظِّئْرِ فَذَلِكَ مِنْ عَادَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَفِي شَرْحِهِ إنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ عَلَيْهَا فَهُوَ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِذَلِكَ فَهُوَ عَلَى أَهْلِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرْضَعَتْهُ فِي الْمُدَّةِ بِلَبَنِ شَاةٍ فَلَا أَجْرَ لَهَا) ؛ لِأَنَّ هَذَا إيجَارٌ وَلَيْسَ بِإِرْضَاعٍ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ بِالْإِرْضَاعِ فَإِنْ اسْتَأْجَرَتْ الظِّئْرُ لَهُ ظِئْرًا أُخْرَى فَأَرْضَعَتْهُ فَلَهَا الْأُجْرَةُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ إرْضَاعَ الثَّانِيَةِ يَقَعُ لِلْأُولَى فَكَأَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ بِنَفْسِهَا، وَفِي الْقِيَاسِ لَا أَجْرَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى عَمَلِهَا قَالَ فِي الْكَرْخِيِّ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ لَا يَرْضَعُ لَبَنَهَا، أَوْ يَتَقَيَّأُ مِنْهُ، أَوْ تَكُونُ سَارِقَةً، أَوْ زَانِيَةً تَتَشَاغَلُ بِالزِّنَا عَنْ حِفْظِ الصَّبِيِّ فَلِأَهْلِهِ أَنْ يَفْسَخُوا الْإِجَارَةَ، وَإِنْ ضَاعَ الصَّبِيُّ مِنْ بَيْتِهَا، أَوْ سَقَطَ فَمَاتَ، أَوْ سُرِقَ شَيْءٌ مِنْ ثِيَابِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَيْهِ وَقَدْ أَخَذَتْهُ بِإِذْنِ أَهْلِهِ.

(قَوْلُهُ: وَكُلُّ صَانِعٍ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ فَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْعَيْنَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ عَمَلِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأُجْرَةَ كَالصَّبَّاغِ، وَالْقَصَّارِ) وَكَذَا الْخَيَّاطُ فَلَوْ حَبَسَ فَضَاعَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي الْحَبْسِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِهَلَاكِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ فِي يَدِهِ مَضْمُونٌ قَبْلَ الْحَبْسِ فَإِذَا حَبَسَهُ أَوْلَى أَنْ يُضْمَنَ لَكِنَّهُ عِنْدَهُمَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ مَعْمُولًا وَلَهُ الْأُجْرَةُ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ إنْ كَانَ الْقَصَّارُ يَقْصُرُ بِالنَّشَا، وَالْبَيْضِ فَلَهُ حَقُّ الْحَبْسِ، وَإِنْ كَانَ يُبَيِّضُ الثَّوْبَ لَا غَيْرُ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ لَيْسَ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْعَيْنَ كَالْحَمَّالِ، وَالْمَلَّاحِ) لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ نَفْسُ الْعَمَلِ وَهُوَ غَيْرُ قَائِمٍ فِي الْعَيْنِ فَلَا يُتَصَوَّرُ حَبْسُهُ وَغَسْلُ الثَّوْبِ نَظِيرُ الْحَمْلِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْآبِقِ حَيْثُ يَكُونُ لِلرَّادِّ حَبْسُهُ لِاسْتِيفَاءِ الْجُعْلِ وَلَا أَثَرَ لِعَمَلِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى شَرَفِ الْهَلَاكِ وَقَدْ أَحْيَاهُ فَكَأَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ فَلَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فَإِنْ حَبَسَ الْحَمَّالُ الْمَتَاعَ فَهُوَ غَاصِبٌ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِعَمَلِهِ، وَالْعَيْنُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ فَإِذَا حَبَسَهَا بِدَيْنِهِ صَارَ غَاصِبًا كَالْوَدِيعَةِ فَإِنَّهَا لَا تُحْبَسُ لِأَجْلِ الدَّيْنِ، ثُمَّ إذَا حَبَسَ الْعَيْنَ ضَمِنَهَا ضَمَانَ الْغَصْبِ وَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا مَحْمُولَةً وَلَهُ الْأَجْرُ، وَإِنْ شَاءَ غَيْرَ مَحْمُولَةٍ بِلَا أَجْرٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: فِي الْحَمَّالِ إذَا بَلَغَ الْمَنْزِلَ فَطَلَبَ الْأُجْرَةَ قَبْلَ أَنْ يَضَعَ الشَّيْءَ مِنْ رَقَبَتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَضَعَهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْزَالَ مِنْ تَمَامِ الْعَمَلِ.

. (قَوْلُهُ: وَإِذَا شَرَطَ عَلَى الصَّانِعِ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ غَيْرَهُ) بِأَنْ قَالَ: عَلَى أَنْ تَعْمَلَ بِنَفْسِك، أَوْ بِيَدِك أَمَّا إذَا قَالَ عَلَى أَنْ تَخِيطَهُ فَهُوَ مُطْلَقٌ كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَطْلَقَ لَهُ الْعَمَلَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَعْمَلُهُ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ عَمَلٌ فِي ذِمَّتِهِ وَيُمْكِنُهُ إيفَاؤُهُ بِنَفْسِهِ وَبِالِاسْتِعَانَةِ بِغَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>