بِمَنْزِلَةِ إيفَاءِ الدَّيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا اخْتَلَفَ الْخَيَّاطُ وَصَاحِبُ الثَّوْبِ فَقَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ: أَمَرْتُك أَنْ تَعْمَلَهُ قَبَاءً وَقَالَ الْخَيَّاطُ قَمِيصًا، أَوْ قَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ لِلصَّبَّاغِ أَمَرْتُك أَنْ تَصْبُغَهُ أَحْمَرَ فَصَبَغْته أَصْفَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّ الْإِذْنَ مُسْتَفَادٌ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الثَّوْبِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَمْ آذَنْ لَك فِي الْعَمَلِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَكَذَا هَذَا؛ لَكِنَّهُ يُحَلَّفُ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ شَيْئًا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَفَ فَالْخَيَّاطُ ضَامِنٌ) يَعْنِي إنْ شَاءَ صَاحِبُ الثَّوْبِ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الصَّبْغِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ الْمُسَمَّى كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى وَلَوْ جَاءَ إلَى خَيَّاطٍ بِثَوْبٍ فَقَالَ لَهُ: اُنْظُرْ إلَى هَذَا الثَّوْبِ إنْ كَفَانِي قَمِيصًا فَاقْطَعْهُ وَخِطْهُ بِدِرْهَمٍ فَقَالَ: نَعَمْ يَكْفِيك، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَنْ قَطَعَهُ: لَا يَكْفِيك ضَمِنَ قِيمَةَ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَدْخَلَ عَلَيْهِ حَرْفَ شَرْطٍ وَهِيَ " إنْ " فَقَدْ أَمَرَهُ بِقَطْعٍ مَوْصُوفٍ بِشَرْطِ الْكِفَايَةِ فَإِذَا لَمْ يَكْفِ لَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ الْمَشْرُوطَةُ فَضَمِنَ، وَإِنْ قَالَ: اُنْظُرْ أَيَكْفِينِي قَمِيصًا؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: اقْطَعْهُ فَإِذَا هُوَ لَا يَكْفِيهِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِقَطْعٍ مُطْلَقٍ عَارٍ عَنْ الْوَصْفِ وَالشَّرْطِ جَمِيعًا وَقَدْ فَعَلَ مَا أَمَرَهُ فَلِهَذَا لَمْ يَضْمَنْ.
وَلَوْ دَفَعَ إلَى قَصَّارٍ ثَوْبًا لِيَقْصُرَهُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي جَاءَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ يَطْلُبُهُ مِنْهُ فَجَحَدَهُ إيَّاهُ، ثُمَّ جَاءَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَسَلَّمَهُ إلَيْهِ مَقْصُورًا وَطَلَبَ الْأُجْرَةَ إنْ كَانَ قَصَرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجْحَدَهُ فَلَهُ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّهُ قَصَرَهُ لَهُ عَلَى مُوجَبِ الْعَقْدِ وَجَحَدَهُ مَقْصُورًا فَلَهُ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ قَصَرَهُ بَعْدَمَا جَحَدَهُ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَصَرَهُ لِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ عَمِلْتَهُ لِي بِغَيْرِ أُجْرَةٍ وَقَالَ الصَّانِعُ بِأُجْرَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الثَّوْبِ مَعَ يَمِينِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَا قِيمَةَ لَهَا إلَّا مِنْ جِهَةِ الْعَقْدِ، وَالْأَصْلُ أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ تَقَوُّمَ عَمَلِهِ وَالصَّانِعُ يَدَّعِيهِ فَكَانَ الْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَانَ حَرِيفًا لَهُ) أَيْ مُعَامِلًا لَهُ (فَلَهُ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَرِيفًا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ حَرِيفًا فَقَدْ جَرَتْ عَادَتُهُ أَنَّهُ يَخِيطُ لَهُ بِأُجْرَةٍ فَصَارَ الْمُعْتَادُ كَالْمَنْطُوقِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَرِيفًا فَلَا عَادَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ الصَّانِعُ مُبْتَذِلًا لِهَذِهِ الصَّنْعَةِ بِالْأُجْرَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنَّهُ عَمِلَهُ بِأُجْرَةٍ) لِأَنَّهُ لَمَّا فَتَحَ الْحَانُوتَ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَنَصَبَ نَفْسَهُ لِلْخِيَاطَةِ جَرَى ذَلِكَ مَجْرَى التَّنْصِيصِ عَلَى الْأَجْرِ اعْتِبَارًا لِلظَّاهِرِ، وَالْقِيَاسُ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَوْلُهُمَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْوَاجِبُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لَا يَتَجَاوَزُ بِهَا الْمُسَمَّى) .
وَقَالَ زُفَرُ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُسَمَّى مَعْلُومًا أَمَّا إذَا كَانَ مَجْهُولًا كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ عَلَى دَابَّةٍ، أَوْ ثَوْبٍ، أَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا عَلَى أَنْ يَعْمُرَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ إجْمَاعًا وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ أَجْرًا يَجِبُ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، ثُمَّ الْأُجْرَةُ لَا تَجِبُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ بِالتَّخْلِيَةِ بَلْ إنَّمَا تَجِبُ بِحَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ حَيْثُ تَجِبُ الْأُجْرَةُ بِالتَّخْلِيَةِ انْتَفَعَ بِهَا أَوْ لَمْ يَنْتَفِعْ إذَا خُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا.
. (قَوْلُهُ: وَإِذَا قَبَضَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّارَ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْهَا) لِأَنَّهُ تَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ فَأَوْجَبَ ذَلِكَ اسْتِقْرَارَ الْبَدَلِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ غَصَبَهَا غَاصِبٌ مِنْ يَدِهِ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ) هَذَا إذَا غَصَبَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute