وَاحِدٌ مِنْ الشُّفَعَاءِ أَوَّلًا وَأَثْبَتَ شُفْعَتَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي لَهُ بِجَمِيعِهَا، ثُمَّ إذَا حَضَرَ شَفِيعٌ آخَرُ وَأَثْبَتَ الشُّفْعَةَ قَضَى لَهُ بِنِصْفِ الدَّارِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى دَارًا وَهُوَ شَفِيعُهَا، ثُمَّ جَاءَ شَفِيعٌ مِثْلُهُ قَضَى لَهُ بِنِصْفِهَا، وَإِنْ جَاءَ شَفِيعٌ أَوْلَى مِنْهُ قَضَى لَهُ بِجَمِيعِهَا، وَإِنْ جَاءَ شَفِيعٌ دُونَهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَذَا فِي الْخُجَنْدِيِّ قَالَ فِي شَرْحِهِ إذَا كَانَ لِلدَّارِ شُفَعَاءُ فَحَضَرَ بَعْضُهُمْ وَغَابَ بَعْضُهُمْ فَطَلَبَ الْحَاضِرُ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ يَجُوزُ أَنْ يَطْلُبَ وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَطْلُبَ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْحَاضِرِ بِالشَّكِّ فَإِنْ جَاءَ الْغَائِبُ وَطَلَبَ حَقَّهُ شَارَكَهُ، وَإِنْ كَانَ الْحَاضِرُ قَالَ فِي غَيْبَةِ الْغَائِبِ: أَنَا آخُذُ النِّصْفَ، أَوْ الثُّلُثَ وَهُوَ مِقْدَارُ حَقِّهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يَأْخُذُ الْجَمِيعَ - إنْ شَاءَ -، أَوْ يَدَعُ.
وَفِي الْيَنَابِيعِ إذَا طَلَبَ الْحَاضِرُ نِصْفَ الدَّارِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ سَوَاءٌ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ سِوَى ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَظُنَّ فَإِنْ قَالَ الْحَاضِرُ: لَمَّا جَاءَ الْغَائِبُ يَطْلُبُ الشُّفْعَةَ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْكُلَّ أَوْ تَدَعَ فَقَالَ الْغَائِبُ لَا آخُذُ إلَّا النِّصْفَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ وَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْهُ فَإِنْ جَعَلَ بَعْضُ الشُّفَعَاءِ حَقَّهُ لِبَعْضٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَيَسْقُطُ حَقُّ الْجَاعِلِ وَيُقْسَمُ عَلَى عَدَدِ مَنْ بَقِيَ فَإِذَا كَانَ لِلدَّارِ شَفِيعَانِ فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْكُلَّ أَوْ يَدَعَ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ اشْتَرَى دَارًا بِعَرَضٍ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِقِيمَتِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِمَكِيلٍ، أَوْ مَوْزُونٍ أَخَذَهَا بِمِثْلِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاعَ عَقَارًا بِعَقَارٍ أَخَذَ الشَّفِيعُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقِيمَةِ الْآخَرِ) هَذَا إذَا كَانَ شَفِيعًا لَهُمَا جَمِيعًا أَمَّا إذَا كَانَ شَفِيعًا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَخَذَهُ بِقِيمَةِ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا بَلَغَ الشَّفِيعَ أَنَّهَا بِيعَتْ بِأَلْفٍ فَسَلَّمَ شُفْعَتَهُ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا بِيعَتْ بِأَقَلَّ، أَوْ بِحِنْطَةٍ، أَوْ بِشَعِيرٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ، أَوْ أَكْثَرُ فَتَسْلِيمُهُ بَاطِلٌ وَلَهُ الشُّفْعَةُ) لِأَنَّ فِي التَّبْلِيغِ غُرُورًا، وَلِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ مَا دُونَ الْأَلْفِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْأَلْفِ وَقَدْ يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ الْأَلْفِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ أَنَّهَا بِيعَتْ بِدَنَانِيرَ قِيمَتُهَا أَلْفٌ، أَوْ أَكْثَرُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ) يَعْنِي إذَا سَلَّمَ، وَإِنْ كَانَ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ فَلَهُ الشُّفْعَةُ.
وَقَالَ زُفَرُ: لَهُ الشُّفْعَةُ ثَمَّ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا قِيلَ لَهُ: إنَّ الْمُشْتَرِيَ فُلَانٌ فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُهُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ) لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَصْلُحُ لَهُ مُجَاوَرَةُ زَيْدٍ وَلَا يَصْلُحُ لَهُ مُجَاوَرَةُ عَمْرٍو فَإِذَا سَلَّمَ لِمَنْ يَرْضَى بِجِوَارِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَسْلِيمًا فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَإِذَا قِيلَ لَهُ إنَّ الْمُشْتَرِيَ زَيْدٌ فَسَلَّمَ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ زَيْدٌ وَعَمْرٌو صَحَّ تَسْلِيمُهُ لِزَيْدٍ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ عَمْرٍو؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ لَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِ، وَإِنْ بَلَغَهُ أَنَّهُ اشْتَرَى نِصْفَ الدَّارِ فَسَلَّمَ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا اُشْتُرِيَتْ كُلُّهَا فَلَهُ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ بَلَغَهُ أَنَّهَا بِيعَتْ كُلُّهَا فَسَلَّمَ، ثُمَّ بَانَ أَنَّ الَّذِي بِيعَ نِصْفُهَا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ فِي جَمِيعِهَا كَانَ مُسَلِّمًا فِي جُزْءِ كُلٍّ مِنْهَا فَيَصِحُّ تَسْلِيمُهُ فِي الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ ثَمَنُ النِّصْفِ مِثْلَ ثَمَنِ الْكُلِّ بِأَنْ أُخْبِرَ أَنَّهُ اشْتَرَى الْكُلَّ بِأَلْفٍ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى النِّصْفَ بِالْأَلْفِ أَمَّا إذَا أُخْبِرَ أَنَّهُ اشْتَرَى الْكُلَّ بِأَلْفٍ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ اشْتَرَى النِّصْفَ بِخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّهُ عَلَى شُفْعَتِهِ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ اشْتَرَى دَارًا لِغَيْرِهِ فَهُوَ الْخَصْمُ فِي الشُّفْعَةِ) لِأَنَّهُ هُوَ الْعَاقِدُ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ يَدِ الْوَكِيلِ وَيُسَلِّمَ إلَيْهِ الثَّمَنَ وَتَكُونَ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَى الْمُوَكِّلِ) لِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَهَا لَمْ يَبْقَ لَهُ يَدٌ فَيَكُونُ الْخَصْمُ هُوَ الْمُوَكِّلَ وَلَوْ قَالَ لِلشَّفِيعِ أَجْنَبِيٌّ: سَلِّمْ الشُّفْعَةَ لِلْمُشْتَرِي فَقَالَ سَلَّمْتُهَا لَك، أَوْ وَهَبْتهَا، أَوْ أَعْرَضْت عَنْهَا كَانَ تَسْلِيمًا فِي الِاسْتِحْسَانِ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا خَاطَبَهُ لِزَيْدٍ فَقَالَ سَلَّمْتهَا لَك فَكَأَنَّهُ قَالَ سَلَّمْتهَا لَهُ مِنْ أَجْلِك، وَإِنْ قَالَ: الشَّفِيعُ لَمَّا خَاطَبَهُ الْأَجْنَبِيُّ قَدْ سَلَّمْت لَك شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ وَهَبْت لَك شُفْعَتَهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَسْلِيمًا؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا بَاعَ دَارِهِ إلَّا مِقْدَارَ ذِرَاعٍ فِي طُولِ الْحَدِّ الَّذِي يَلِي الشَّفِيعَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ) لِانْقِطَاعِ الْجِوَارِ؛ لِأَنَّ الْجِوَارَ إنَّمَا يَحْصُلُ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute