للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُضَارَبَةِ كَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَأَمَّا الْفَاكِهَةُ فَالْمُعْتَادُ مِنْهَا يَجْرِي مَجْرَى الطَّعَامِ، وَالْإِدَامِ، وَأَمَّا اللَّحْمُ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ كَمَا كَانَ يَأْكُلُ فِي الْعَادَةِ، وَإِذَا رَجَعَ الْمُسَافِرُ إلَى مِصْرِهِ وَمَعَهُ مِنْ الثِّيَابِ الَّذِي اكْتَسَاهَا وَمِنْ الطَّعَامِ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِلنَّفَقَةِ شَيْءٌ رَدَّهُ إلَى مَالِ الْمُضَارَبَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ فِي ذَلِكَ) ، أَوْ يَقُولَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِك؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَتَضَمَّنُ مِثْلَهُ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْقُوَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ، أَوْ التَّفْوِيضِ الْمُطْلَقِ إلَيْهِ كَمَا فِي التَّوْكِيلِ فَإِنَّ الْوَكِيلَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ إلَّا إذَا قِيلَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك بِخِلَافٍ فِي الْإِيدَاعِ، وَالْإِبْضَاعِ؛ لِأَنَّهُ دُونَهُ فَيَتَضَمَّنُهُ وَبِخِلَافِ الْإِقْرَاضِ حَيْثُ لَا يَمْلِكُهُ، وَإِنْ قِيلَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِك؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ بَلْ هُوَ تَبَرُّعٌ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ أَمَّا الدَّفْعُ مُضَارَبَةً فِي قَوْلِهِ: اعْمَلْ بِرَأْيِك فَهُوَ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ خَصَّ لَهُ رَبُّ الْمَالِ التَّصَرُّفَ فِي بَلَدٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ فِي سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فَيُتَخَصَّصُ وَكَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ بِضَاعَةً إلَى مَنْ يُخْرِجُهَا مِنْ تِلْكَ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْإِخْرَاجَ بِنَفْسِهِ فَلَا يَمْلِكُ تَفْوِيضَهُ إلَى غَيْرِهِ فَإِنَّهُ خَرَجَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ، أَوْ دَفَعَ الْمَالَ إلَى مَنْ أَخْرَجَهُ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْإِخْرَاجِ حَتَّى يَشْتَرِيَ بِهِ خَارِجَ الْبَلَدِ فَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ أَعَادَهُ إلَى الْبَلَدِ عَادَتْ الْمُضَارَبَةُ كَمَا كَانَتْ عَلَى شَرْطِهَا، وَإِنْ اشْتَرَى بِهِ قَبْلَ الْعَوْدِ صَارَ مُخَالِفًا ضَامِنًا وَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ فَيَكُونُ لَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ وَضِيعَتُهُ وَلَا يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَإِنْ اشْتَرَى بِبَعْضِهِ وَأَعَادَ بَقِيَّتَهُ إلَى الْبَلَدِ ضَمِنَ قَدْرَ مَا اشْتَرَى بِهِ وَلَا يَضْمَنُ قَدْرَ مَا أَعَادَ وَأَلْفَاظُ التَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ أَنْ يَقُولَ خُذْ هَذَا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ بِهِ فِي الْكُوفَةِ أَوْ فَاعْمَلْ بِهِ فِي الْكُوفَةِ أَمَّا إذَا قَالَ وَاعْمَلْ بِهِ فِي الْكُوفَةِ بِالْوَاوِ لَا يَكُونُ تَقْيِيدًا وَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا، وَفِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْوَاوَ حَرْفُ عَطْفٍ وَمَشُورَةٍ وَلَيْسَ مِنْ حُرُوفِ الشَّرْطِ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إذَا وَقَّتَ لِلْمُضَارَبَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِعَيْنِهَا جَازَ وَبَطَلَ الْعَقْدُ بِمُضِيِّهَا) ؛ لِأَنَّهَا تَوْكِيلٌ فَتَوَقَّتَ بِمَا وَقَّتَهُ، وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْعُمُومِ، وَالْخُصُوصِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْعُمُومَ وَلَوْ قَالَ: اعْمَلْ بِهِ فِي سُوقِ الْكُوفَةِ فَعَمِلَ فِي الْكُوفَةِ فِي غَيْرِ سُوقِهَا جَازَ، وَإِنْ قَالَ: لَا تَعْمَلْ إلَّا فِي سُوقِ الْكُوفَةِ فَعَمِلَ فِي غَيْرِ سُوقِهَا فَهُوَ مُخَالِفٌ وَيَكُونُ مَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ تَبِيعَ مِنْهُ صَحَّ التَّقْيِيدُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّاهُ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا التَّقْيِيدِ فَائِدَةً وَهُوَ الثِّقَةُ بِفُلَانٍ فِي الْمُعَامَلَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَشْتَرِيَ أَبَا رَبِّ الْمَالِ وَلَا ابْنَهُ وَلَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) بِقَرَابَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا مِثْلُ أَنْ يَحْلِفَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى عَبْدٍ؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الرِّبْحُ وَذَلِكَ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَبِدُخُولِهِمْ فِي مِلْكِ رَبِّ الْمَالِ يَعْتِقُونَ فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِمْ وَكَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَنْ قَدْ وَلَدَتْ مِنْ رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِرَبِّ الْمَالِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهَا وَكَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ خَمْرًا وَلَا جُلُودَ الْمَيْتَةِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اشْتَرَاهُمْ كَانَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ دُونَ الْمُضَارَبَةِ) لِأَنَّ الشِّرَاءَ مَتَى وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْمُشْتَرِي نَفَذَ عَلَيْهِ وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا شِرَاءً فَاسِدًا مِمَّا يُمْلَكُ إذَا قَبَضَ فَلَيْسَ بِمُخَالِفٍ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الشِّرَاءِ عَامٌّ فِي الصَّحِيحِ، وَالْفَاسِدِ وَذَلِكَ مِمَّا يُمْكِنُ بَيْعُهُ بَعْدَ قَبْضِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى نَفْسِهِ) لِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ نَصِيبُهُ وَيَفْسُدُ نَصِيبُ رَبِّ الْمَالِ، أَوْ يَعْتِقُ عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْرُوفِ، فَيُمْنَعُ التَّصَرُّفَ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ اشْتَرَاهُمْ ضَمِنَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ) ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ فَيَضْمَنُ بِالنَّقْدِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَهُمْ) لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ؛ إذْ لَا شَرِكَةَ لَهُ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهِمْ بِحُكْمِ الْمُضَارَبَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُمْ عَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْهُمْ وَلَمْ يَضْمَنْ لِرَبِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>