للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ فِي الْخُصُومَةِ مُتَعَذِّرٌ لِلْإِفْضَاءِ إلَى الشَّغَبِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَلِأَنَّهُمَا إذَا اشْتَرَكَا فِي الْخُصُومَةِ لَمْ يُفْهِمَا فَيَقُومُ أَحَدُهُمَا فِيهَا مَقَامَ الْآخَرِ إلَّا إذَا انْتَهَيَا إلَى قَبْضِ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ الْقَبْضُ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَيْهِ.

وَأَمَّا طَلَاقُ زَوْجَتِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَعِتْقُ عَبْدِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَرَدُّ الْوَدِيعَةِ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ فَأَشْيَاءُ لَا تَحْتَاجُ إلَى الرَّأْيِ بَلْ هِيَ تَعْبِيرٌ مَحْضٌ فَعِبَارَةُ الِاثْنَيْنِ وَالْوَاحِدِ فِيهِ سَوَاءٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهُمَا طَلِّقَاهَا إنْ شِئْتُمَا أَوْ أَمْرُهَا بِأَيْدِيكُمَا فَإِنَّ أَحَدَهُمَا إذَا طَلَّقَ وَأَبَى الْآخَرُ لَمْ يَقَعْ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ إلَى رَأْيِهِمَا وَلِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِفِعْلِهِمَا فَاعْتُبِرَ بِدُخُولِهِمَا الدَّارَ، وَلَوْ قَالَ طَلِّقَاهَا جَمِيعًا ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا أَحَدُهُمَا وَاحِدَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا الْآخَرُ طَلْقَتَيْنِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى ثَلَاثٍ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِرَدِّ وَدِيعَةٍ قَيَّدَ بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُمَا بِقَبْضِهَا لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالْقَبْضِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ إذَا قَبَضَهَا أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ اجْتِمَاعَهُمَا وَهُوَ مُمْكِنٌ وَلَهُ فِيهِ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّ حِفْظَ اثْنَيْنِ أَنْفَعُ فَإِذَا قَبَضَ أَحَدُهُمَا صَارَ قَابِضًا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ فَيَضْمَنُ.

وَأَمَّا إذَا قَبَضَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ لَا يَضْمَنُ وَقَوْلُهُ أَوْ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ أَوْ بِعِتْقِ عَبْدِهِ يَعْنِي زَوْجَةً بِعَيْنِهَا أَوْ عَبْدًا بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الرَّأْيِ أَمَّا إذَا وَكَّلَهُمَا بِطَلَاقِ زَوْجَةٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا أَوْ بِعِتْقِ عَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا يَرْجِعُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي إخْرَاجِ زَوْجَةٍ دُونَ زَوْجَةٍ وَعِتْقِ عَبْدٍ دُونَ عَبْدٍ فَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِذَلِكَ دُونَ صَاحِبِهِ، وَكَذَا إذَا وَكَّلَهُمَا بِعِتْقِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ عَلَى مَالٍ أَوْ خُلْعِ زَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ مَا طَرِيقُهُ الْعِوَضُ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ وَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَوَكَّلَ رَجُلَيْنِ بِقَبْضِهِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَقْبِضَهُ دُونَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِهِمَا وَلَمْ يَرْضَ بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا وَالشَّيْءُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَيْدِي.

قَوْلُهُ (وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ بِمَا وُكِّلَ بِهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ بِهِ الْمُوَكِّلُ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهِ التَّصَرُّفَ دُونَ التَّوْكِيلِ بِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يُسْتَفَادُ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ مِثْلُهُ وَلِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِهِ وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي الْآرَاءِ. وَأَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ قَوْلُهُ (أَوْ يَقُولَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك) لِإِطْلَاقِ التَّفْوِيضِ إلَى رَأْيِهِ ثُمَّ إذَا أَذِنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ قَالَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك فَوَكَّلَ وَكِيلًا كَانَ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَكِيلًا عَنْ الْمُوَكِّلِ حَتَّى لَا يَمْلِكُ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ عَزْلَهُ، وَكَذَا لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ وَيَنْعَزِلَانِ جَمِيعًا بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَفِي الْفَتَاوَى إذَا وَكَّلَ رَجُلًا وَفَوَّضَ إلَيْهِ الْأَمْرَ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ رَجُلًا صَحَّ تَوْكِيلُهُ وَلَهُ عَزْلُهُ أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ وَكِّلْ فُلَانًا فَوَكَّلَهُ الْوَكِيلُ لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ إلَّا بِرِضَا الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ (فَإِنْ وَكَّلَ بِغَيْرِ إذْنِ مُوَكِّلٍ فَعَقَدَ وَكِيلُهُ بِحَضْرَتِهِ جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُصُولُ رَأْيِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ حَصَلَ رَأْيُهُ وَتَكَلَّمُوا فِي الْعُهْدَةِ وَحُقُوقِ الْعَقْدِ عَلَى مَنْ هِيَ قَالَ الْبَقَّالِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ.

وَفِي الْعُيُونِ وَقَاضِي خَانْ عَلَى الثَّانِي قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ إجَازَةُ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ مَا عَقَدَ الثَّانِي بِحَضْرَتِهِ أَمْ لَا قَالَ فِي الْأَصْلِ لَا يُشْتَرَطُ، وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ يَقُولُونَ يُشْتَرَطُ وَالْمُطْلَقُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَجَازَهُ وَقَوْلُهُ فَعَقَدَ وَكِيلُهُ بِحَضْرَتِهِ قَيَّدَ بِالْعَقْدِ حَتَّى لَوْ وَكَّلَهُ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْعَتَاقِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ بِذَلِكَ فَطَلَّقَ الْوَكِيلُ الثَّانِي أَوْ أَعْتَقَ بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ؛ لِأَنَّ تَوْكِيلَهُ لِلْأَوَّلِ كَالشَّرْطِ فَكَأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِتَطْلِيقِ الْأَوَّلِ فَلَا يَقَعُ بِدُونِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ يَتَعَلَّقَانِ بِالشَّرْطِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ مِنْ الْإِثْبَاتَاتِ فَلَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ قَوْلُهُ (وَإِنْ عَقَدَ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ فَأَجَازَهُ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ جَازَ) إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ أَمَّا لَوْ اشْتَرَى فَالشِّرَاءُ يَنْفُذُ عَلَى الْوَكِيلِ.

وَفِي الْهِدَايَةِ إذَا عَقَدَ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ فَاتَهُ رَأْيُهُ إلَّا أَنْ يَبْلُغَهُ فَيُجِيزَهُ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ غَيْرُ الْوَكِيلِ فَأَجَازَهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ حَضَرَهُ رَأْيُهُ.

قَوْلُهُ (وَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَ الْوَكِيلَ عَنْ الْوَكَالَةِ مَتَى شَاءَ) ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ حَقُّهُ فَلَهُ أَنْ يُبْطِلَهُ إلَّا إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ بِغَيْرِ رِضَا مَنْ لَهُ الْحَقُّ كَمَا لَوْ وَضَعَ الرَّهْنَ عِنْدَ عَدْلٍ وَسَلَّطَهُ عَلَى بَيْعِهِ عِنْدَ مَحِلِّ الْأَجَلِ ثُمَّ عَزَلَهُ الرَّاهِنُ لَمْ يَصِحَّ عَزْلُهُ إذَا كَانَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>