للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَالَتِهِ، وَإِنْ جَاءَ مُسْلِمًا بَعْدَ الْحُكْمِ بِلَحَاقِهِ لَمْ يَعُدْ الْوَكِيلُ فِي الْوَكَالَةِ الْأُولَى، وَإِنْ ارْتَدَّ الْوَكِيلُ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ انْقَطَعَتْ وَكَالَتُهُ، وَإِنْ عَادَ لَمْ تَعُدْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَعُودُ كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ وَإِذَا لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ فَأَخَذَ الْوَرَثَةُ مَالِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَأَكَلُوهُ ثُمَّ رَجَعَ مُسْلِمًا كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُمْ، وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِي حَكَمَ بِلَحَاقِهِ وَقَضَى بِمَالِهِ لِلْوَرَثَةِ ثُمَّ رَجَعَ مُسْلِمًا فَوَجَدَ جَارِيَةً فِي يَدِ الْوَارِثِ فَأَبَى الْوَارِثُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ وَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ أَوْ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا كَانَ مَا صَنَعَهُ جَائِزًا وَلَا شَيْءَ لِلْمُرْتَدِّ قَوْلُهُ (وَإِذَا وَكَّلَ الْمُكَاتَبُ ثُمَّ عَجَزَ أَوْ الْمَأْذُونُ لَهُ فَحُجِرَ عَلَيْهِ أَوْ الشَّرِيكَانِ فَافْتَرَقَا فَهَذِهِ الْوُجُوهُ تُبْطِلُ الْوَكَالَةَ عَلِمَ الْوَكِيلُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) ؛ لِأَنَّ عَجْزَ الْمُكَاتَبِ يُبْطِلُ إذْنَهُ كَمَوْتِهِ، وَكَذَا الْحَجْرُ عَلَى الْمَأْذُونِ وَافْتِرَاقُ الشَّرِيكَيْنِ يُبْطِلُ إذْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا اشْتَرَكَا فِيهِ وَلِأَنَّ بَقَاءَ الْوَكَالَةِ يَعْتَمِدُ بَقَاءَ الْأَمْرِ، وَقَدْ بَطَلَ بِالْعَجْزِ وَالْحَجْرِ وَالِافْتِرَاقِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا عَزْلٌ حُكْمِيٌّ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ كَالْمَوْتِ وَقَوْلُهُ أَوْ الشَّرِيكَانِ فَافْتَرَقَا سَوَاءٌ اشْتَرَكَا عَنَانًا أَوْ مُفَاوَضَةً ثُمَّ وَكَّلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ ثَالِثًا.

قَوْلُهُ (وَإِذَا مَاتَ الْوَكِيلُ أَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا بَطَلَتْ وَكَالَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِعْلُهُ بَعْدَ جُنُونِهِ وَمَوْتِهِ قَوْلُهُ (فَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّصَرُّفُ إلَّا أَنْ يَعُودَ مُسْلِمًا) قَبْلَ الْحُكْمِ بِلَحَاقِهِ هَذَا إذَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ حَتَّى عَادَ مُسْلِمًا فَإِنَّهُ يَعُودُ وَكِيلًا إجْمَاعًا، وَإِنْ قَضَى الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ ثُمَّ عَادَ مُسْلِمًا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَعُودُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَعُودُ.

قَوْلُهُ (وَمَنْ وَكَّلَ بِشَيْءٍ ثُمَّ تَصَرَّفَ فِيمَا وَكَّلَ بِهِ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَصَرَّفَ فِيمَا وَكَّلَ بِهِ تَعَذَّرَ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَهَذَا اللَّفْظُ يَنْتَظِمُ وُجُوهًا مِثْلَ أَنْ يُوَكِّلَهُ بِإِعْتَاقِ عَبْدِهِ أَوْ بِكِتَابَتِهِ فَأَعْتَقَهُ أَوْ كَاتَبَهُ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ أَوْ يُوَكِّلَهُ بِتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ أَوْ بِشِرَاءِ شَيْءٍ فَيَفْعَلَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ يُوَكِّلَهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ فَيُطَلِّقَهَا الزَّوْجُ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَنْقَضِ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُطَلِّقَهَا أَيْضًا أَمَّا إذَا انْقَضَتْ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَا إذَا وَكَّلَهُ بِالْخُلْعِ فَخَالَعَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ الْوَكِيلَ يَنْعَزِلُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا لِتَعَذُّرِ التَّصَرُّفِ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْمُوَكِّلِ، وَكَذَا إذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ بِنَفْسِهِ فَلَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ بِنَفْسِهِ مَنْعٌ لَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فَصَارَ كَالْعَزْلِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مَرَّةً أُخْرَى بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ بِالْهِبَةِ فَوَهَبَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَهَبَ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي الرُّجُوعِ فَكَانَ دَلِيلُ عَدَمِ الْحَاجَةِ إمَّا الرَّدُّ بِقَضَاءِ قَاضٍ فَهُوَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَلَمْ يَكُنْ دَلِيلَ زَوَالِ الْحَاجَةِ فَإِذَا عَادَ إلَيْهِ ثُمَّ مَلَكَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ، وَإِنْ رُدَّ عَلَيْهِ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُوَكِّلِ إخْرَاجٌ لِلْوَكِيلِ مِنْ الْوَكَالَةِ.

قَوْلُهُ (وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَعَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ) ، وَكَذَا مَنْ لَا يَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مُؤْتَمَنٌ فَإِذَا بَاعَ مِنْ هَؤُلَاءِ لَحِقَتْهُ تُهْمَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَؤُلَاءِ مُتَّصِلَةٌ وَالْإِجَارَةُ وَالصَّرْفُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ قَوْلُهُ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُمْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ إلَّا فِي عَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ) ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ مُطْلَقٌ وَلَا تُهْمَةَ؛ لِأَنَّ الْأَمْلَاكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>