حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا؛ لِأَنَّهَا حَامِلٌ بِوَلَدٍ ثَابِتِ النَّسَبِ.
قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَوْلَى أَمَتَهُ وَلَا امْرَأَةَ عَبْدِهَا) يُرِيدُ بِذَلِكَ فِي حَقِّ أَحْكَامٍ لَا زَوَاجٍ مِنْ ثُبُوتِ الْمَهْرِ فِي ذِمَّةِ الْمَوْلَى وَبَقَاءِ النِّكَاحِ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ أَمَّا إذَا تَزَوَّجَهَا مُتَنَزِّهًا عَنْ وَطْئِهَا حَرَامًا عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِمَالِ فَهُوَ حَسَنٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ حُرَّةً أَوْ مُعْتَقَةَ الْغَيْرِ أَوْ مَحْلُوفًا بِعِتْقِهَا وَقَدْ حَنِثَ الْحَالِفُ وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ وَلَا سِيَّمَا إذَا تَدَاوَلَهَا الْأَيْدِي، وَكَذَا لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ يَمْلِكُ مِنْهَا شِقْصًا وَلَا الْمَرْأَةُ أَنْ تَتَزَوَّجَ مَنْ تَمْلِكْ شِقْصًا مِنْهُ، وَكَذَا إذَا مَلَكَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ أَوْ بَعْضَهُ بَعْدَ النِّكَاحِ فَسَدَ النِّكَاحُ، وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَسَدَ النِّكَاحُ وَأَمَّا الْمَأْذُونُ وَالْمُدَبَّرُ إذَا اشْتَرَيَا زَوْجَتَيْهِمَا لَمْ يَفْسُدْ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَمْلِكَانِهَا بِالْعَقْدِ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ فِيهَا حَقُّ الْمِلْكِ، وَكَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ وَهُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ لَمْ يَفْسُدْ نِكَاحُهَا عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي لَا يُدْخِلَ الْمَبِيعَ فِي مِلْكِهِ.
قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ تَزَوُّجُ الْكِتَابِيَّاتِ) سَوَاءٌ كَانَتْ الْكِتَابِيَّةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً عِنْدَنَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ تَزَوُّجُ الْحَرَائِرِ مِنْهُمْ دُونَ الْإِمَاءِ وَأَمَّا وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَيَجُوزُ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ تَزَوُّجُ الْمَجُوسِيَّاتِ وَلَا الْوَثَنِيَّاتِ الْمَجُوسِ) قَوْمٌ يَعْبُدُونَ النَّارَ وَيَسْتَحِلُّونَ نِكَاحَ الْمَحَارِمِ وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ كِتَابِيَّةً فَتَمَجَّسَتْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ وَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا وَإِنْ تَزَوَّجَ يَهُودِيَّةً فَتَنَصَّرَتْ أَوْ نَصْرَانِيَّةً فَتَهَوَّدَتْ لَا يَفْسُدُ نِكَاحُهَا وَلَوْ تَصَابَأَتْ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَفْسُدُ وَعِنْدَهُمَا يَفْسُدُ.
قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ تَزَوُّجُ الصَّابِئَاتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِدِينٍ وَيُقِرُّونَ بِكِتَابٍ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ) وَالصَّابِئُونَ قَوْمٌ عَدَلُوا عَنْ دَيْنِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَعَبَدُوا الْمَلَائِكَةَ مِنْ صَبَا يَصْبُو إذَا خَرَجَ مِنْ دِينٍ إلَى دِينٍ وَقِيلَ هُمْ قَوْمٌ يُؤْمِنُونَ بِإِدْرِيسَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَيُعَظِّمُونَهُ وَقِيلَ: إنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ عَلَى دِينِ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقِبْلَتُهُمْ مَهَبُّ الْجَنُوبِ قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ وَلَا كِتَابَ لَهُمْ لَمْ تَجُزْ مُنَاكَحَتُهُمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ مُشْرِكُونَ.
قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ وَالْمُحْرِمَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَا فِي حَالِ الْإِحْرَامِ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَتَزْوِيجُ الْمُحْرِمِ وَلِيَّتَهُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَتَهُ ثُمَّ زَوَّجَهَا جَازَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِرَاشًا لِمَوْلَاهَا فَإِنَّهَا لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ إلَّا أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا صِيَانَةً لِمَالِهِ وَإِذَا جَازَ النِّكَاحُ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَطَأَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا لِاحْتِمَالِ الشُّغْلِ بِمَاءِ الْمَوْلَى وَلَهُمَا أَنَّ الْحُكْمَ بِجَوَازِ النِّكَاحِ أَمَارَةُ الْفَرَاغِ فَلَا يُؤْمَرُ بِالِاسْتِبْرَاءِ، وَكَذَا إذَا رَأَى امْرَأَةً تَزْنِي فَتَزَوَّجَهَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا وَالْمَعْنَى مَا ذَكَرْنَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
قَوْلُهُ (وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ - بِرِضَاهَا وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهَا وَلِيّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا) .
وَفِي الْهِدَايَةِ أَبُو يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِوَلِيٍّ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ ثُمَّ إذَا انْعَقَدَ مَوْقُوفًا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَلِيِّ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِجَازَةِ لَمْ يَجُزْ بِإِجَازَةِ الْحَاكِمِ بَلْ يُسْقِطُ الْحَاكِمُ وِلَايَةً لِوَلِيٍّ وَيَعْقِدُ عَلَيْهَا عَقْدًا مُسْتَأْنَفًا وَبَطَلَ الْعَقْدُ الْمُتَقَدِّمُ؛ لِأَنَّ كُلَّ عَقْدٍ وَقَفَ عَلَى إجَازَةِ إنْسَانٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُوقَفَ عَلَى إجَازَةِ غَيْرِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا امْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْ الْإِجَازَةِ أَجَازَهُ الْحَاكِمُ يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُ الْوَلِيَّ أَوَّلًا بِالْإِجَازَةِ فَإِنْ أَبَى يَقْضِي عَلَيْهِ بِالْعَضْلِ وَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ فَإِنْ