مَاتَ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَإِنْ كَانَ كُفْئًا وَرِثَهُ الْبَاقِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَرِثُهُ كُفْئًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَهِيَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَمَةِ إذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَلَا ظِهَارُهُ وَإِنْ وَطِئَ كَانَ وَطْؤُهُ حَرَامًا قَالَ فِي الْكَرْخِيِّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إذَا أَذِنَ الْوَلِيُّ لِلْمَرْأَةِ فِي النِّكَاحِ فَعَقَدَتْ فَجَازَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِقَوْلِ امْرَأَةٍ بِحَالٍ.
قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ إجْبَارُ الْبَالِغَةِ عَلَى النِّكَاحِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا) .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ إجْبَارُ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ قَوْلُهُ (وَإِذَا اسْتَأْذَنَهَا فَسَكَتَتْ أَوْ ضَحِكَتْ فَذَلِكَ إذْنٌ مِنْهَا) وَقِيلَ إذَا ضَحِكَتْ كَالْمُسْتَهْزِئَةِ لَا يَكُونُ رِضًا.
وَفِي الْهِدَايَةِ إذَا اسْتَأْمَرَهَا غَيْرُ وَلِيّ أَوْ اسْتَأْمَرَهَا وَلِيٌّ وَهُنَاكَ أَوْلَى مِنْهُ لَمْ يَكُنْ سُكُوتُهَا رِضًا حَتَّى تَتَكَلَّمَ؛ لِأَنَّ هَذَا السُّكُوتَ لِقِلَّةِ الِالْتِفَاتِ إلَى كَلَامِهِ فَلَمْ يَكُنْ دَلَالَةً عَلَى الرِّضَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْمِرُ رَسُولَ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَيُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِئْمَارِ تَسْمِيَةُ الزَّوْجِ عَلَى وَجْهٍ يَقَعُ لَهَا الْمَعْرِفَةُ بِهِ لِتَظْهَرَ رَغْبَتُهَا فِيهِ يَعْنِي أَنَّ سُكُوتَهَا لَا يَكُونُ رِضًا إلَّا إذَا بَيَّنَ لَهَا مَنْ يَخْطُبُهَا فَسَكَتَتْ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ رِضًا مَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْهُ فَالسُّكُوتُ لَا يَكُونُ رِضًا؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْمَارَ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا وَلَا يُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْمَهْرِ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ لِلنِّكَاحِ صِحَّةً بِدُونِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَكُونُ رِضًا بِدُونِهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُزَوِّجَ إذَا كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا فَذَكَرَ الزَّوْجَ يَكْفِي وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَهُمَا فَتُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْمَهْرِ أَيْضًا وَإِنْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ لَا يَكُونُ سُكُوتُهَا رِضًا؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ فَإِنْ بَكَتْ عِنْدَ الِاسْتِئْذَانِ لَمْ يَكُنْ رِضًا؛ لِأَنَّهُ دَلِيلُ السُّخْطِ وَالْكَرَاهَةِ وَنَفْيِ الرِّضَا وَقِيلَ إنْ بَكَتْ بِلَا صَوْتٍ لَمْ يَكُنْ كَرَاهَةً وَإِنْ كَانَ مَعَ الصَّوْتِ فَهُوَ دَلِيلُ الْكَرَاهَةِ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ صَوْتٍ فَهُوَ حُزْنٌ عَلَى مُفَارَقَةِ أَبَوَيْهَا وَأَهْلِهَا وَذَلِكَ دَلِيلُ الْإِجَازَةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَعَ الصَّوْتِ كَالْوَيْلِ وَالسُّخْطِ فَهُوَ دَلِيلُ الْكَرَاهَةِ فَلَا يَكُونُ رِضًا وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ الدُّمُوعُ عَذْبَةً فَهُوَ رِضًا، وَإِنْ كَانَتْ مَلْحَةً فَهُوَ كَرَاهَةٌ وَقِيلَ إنْ كَانَتْ بَارِدَةً فَهُوَ مِنْ السُّرُورِ وَالرِّضَا وَإِنْ كَانَتْ حَارَّةً فَلَيْسَ بِرِضًا وَإِذَا قَالَ الْوَلِيُّ لِلْبِكْرِ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُزَوِّجَكِ فُلَانًا فَقَالَتْ غَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ لَمْ يَكُنْ هَذَا إذْنًا وَإِنْ زَوَّجَهَا رَجُلًا ثُمَّ أَخْبَرَهَا فَقَالَتْ كَانَ غَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ كَانَ هَذَا إجَازَةً، وَإِنْ قَالَ أُرِيدُ أَنْ أُزَوِّجَكِ فُلَانًا أَوْ فُلَانًا أَوْ فُلَانًا حَتَّى عَدَّ جَمَاعَةً فَسَكَتَتْ فَبِأَيِّهِمْ زَوَّجَهَا جَازَ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ دَلِيلٌ عَلَى الرِّضَا بِأَيِّهِمْ زَوَّجَهَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ اسْتَأْذَنَ الثَّيِّبَ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهَا بِالْقَوْلِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَالثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا» ؛ وَلِأَنَّ النُّطْقَ لَا يُعَدُّ عَيْبًا مِنْهَا فَلَا مَانِعَ مِنْ النُّطْقِ فِي حَقِّهَا بِخِلَافِ الْبِكْرِ فَإِنَّهُ مِنْهَا دَلِيلٌ عَلَى قِلَّةِ حَيَائِهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ مَارِسْ الْأَزْوَاجَ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِوَثْبَةٍ أَوْ حَيْضَةٍ أَوْ جِرَاحَةٍ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْأَبْكَارِ) أَيْ تُزَوَّجُ كَمَا تُزَوَّجُ الْبِكْرُ فَيَكُونُ سُكُوتُهَا رِضًا، وَكَذَا إذَا زَالَتْ بِطَفْرَةٍ وَهُوَ الْوَثْبَةُ مِنْ تَحْتٍ إلَى فَوْقٍ وَالْوَثْبَةُ مِنْ فَوْقٍ إلَى تَحْتٍ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا حِينَ وَطِئَهَا فَلَهَا الْمَهْرُ كَامِلًا وَلِلْأَبِ أَنْ يَقْبِضَ مَهْرَ الْبِكْرِ بِغَيْرِ إذْنِهَا مَا لَمْ تَنْهَهُ عَنْ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ مَهْرَ الثَّيِّبِ إلَّا بِإِذْنِهَا قَوْلُهُ (وَإِنْ زَالَتْ بِزِنًا فَهِيَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَيَعْنِي أَنَّهَا تُزَوَّجُ كَمَا تُزَوَّجُ الْبِكْرُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ تُزَوَّجُ كَمَا تُزَوَّجُ الثَّيِّبُ وَلَا يُكْتَفَى بِسُكُوتِهَا، وَإِنْ زَالَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ فَهِيَ فِي حُكْمِ الثَّيِّبِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَظْهَرَ ذَلِكَ الْفِعْلَ عَلَيْهَا حِينَ أَلْزَمهَا الْعِدَّةَ وَالْمَهْرَ وَأَثْبَتَ النَّسَبَ بِذَلِكَ ثُمَّ الْخِلَافُ فِي زَوَالِهَا بِالزِّنَا إذَا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهَا الْحَدُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute