للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَمْ يَصِرْ الزِّنَا عَادَةً لَهَا وَلَمْ تُشْتَهَرْ بِهِ أَمَّا إذَا وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا يُكْتَفَى بِسُكُوتِهَا إجْمَاعًا.

قَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ بَلَغَكِ النِّكَاحُ فَسَكَتِّ فَقَالَتْ - مُجِيبَةً لَهُ -: بَلْ رَدَدْتُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَقَالَ زُفَرُ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى سُكُوتِهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ وَإِنْ أَقَامَاهَا جَمِيعًا فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الرَّدَّ وَالْبَيِّنَةُ إنَّمَا هِيَ عَلَى الْإِثْبَاتِ وَإِنْ أَقَامَ الزَّوْجُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا أَجَازَتْ حِينَ أُخْبِرَتْ وَأَقَامَتْ هِيَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا رَدَّتْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الصُّورَةِ وَبَيِّنَتُهُ أَثْبَتَتْ اللُّزُومَ فَتَرَجَّحَتْ عَلَى بَيِّنَتِهَا بِخِلَافِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ ثَمَّ قَامَتْ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْعَدَمِ وَهُوَ السُّكُوتُ لَا عَلَى إثْبَاتِ شَيْءٍ حَادِثٍ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا قَامَتْ عَلَى السُّكُوتِ وَهُوَ عَدَمُ الْكَلَامِ وَبَيِّنَتُهَا قَامَتْ عَلَى إثْبَاتِ الرَّدِّ وَقَوْلُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إنْ حَلَفَتْ بَرِئَتْ وَإِنْ نَكَلَتْ لَزِمَهَا النِّكَاحُ.

قَوْلُهُ (وَلَا يُسْتَحْلَفُ فِي النِّكَاحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُسْتَحْلَفُ فِيهِ) قَالَ فِي الْكَنْزِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُسْتَحْلَفُ فِي ثَمَانِيَةِ أَشْيَاءَ: النِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ وَالْفَيْءُ فِي الْإِيلَاءِ وَالرِّقُّ وَالِاسْتِيلَادُ وَالْوَلَاءُ وَالنَّسَبُ وَالْحُدُودُ وَعِنْدَهُمَا يُسْتَحْلَفُ فِي جَمِيعِهِمَا إلَّا فِي الْحُدُودِ وَصُورَةُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهَا نِكَاحًا أَوْ هِيَ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَفِي الرَّجْعَةِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهَا أَوْ هِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَفِي الْإِيلَاءِ ادَّعَى عَلَيْهَا أَوْ هِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ أَنَّهُ فَاءَ إلَيْهَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُونَ، وَفِي الرِّقِّ ادَّعَى عَلَى مَجْهُولٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْ ادَّعَى الْمَجْهُولُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ وَأَنْكَرَ الْآخَرُونَ وَفِي الْوَلَاءِ ادَّعَى عَلَى مَعْرُوفٍ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ أَوْ هُوَ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَفِي النَّسَبِ ادَّعَى عَلَى مَجْهُولٍ أَنَّهُ وَلَدُهُ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ وَفِي الِاسْتِيلَادِ ادَّعَتْ أَمَةٌ عَلَى مَوْلَاهَا أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ هَذَا الْوَلَدَ أَوْ وَلَدًا قَدْ مَاتَ وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى وَأَمَّا إذَا ادَّعَى الْمَوْلَى ذَلِكَ عَلَيْهَا فَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهَا فَالدَّعْوَى تُتَصَوَّرُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمَنْظُومَةِ

وَفِي جُحُودِ الْمَرْءِ الِاسْتِيلَاءُ

فَقَيَّدَ بِجُحُودِهِ.

قَوْلُهُ (وَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِلَفْظِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالتَّمْلِيكِ) وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ النِّكَاحَ عِنْدَنَا يَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظَةٍ يَقَعُ بِهَا التَّمْلِيكُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَهَذَا احْتِرَازٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَيَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ هُوَ الصَّحِيحُ وَصُورَتُهُ أَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ بِعْتُ نَفْسِي مِنْك أَوْ قَالَ أَبُوهَا بِعْتُك ابْنَتِي بِكَذَا وَهَلْ يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الشِّرَاءِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْتُك بِكَذَا فَأَجَابَتْ بِنَعَمْ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَلْخِيُّ يَنْعَقِدُ قَوْلُهُ (وَلَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةٍ وَالْإِبَاحَةِ) ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مُؤَقَّتَةٌ وَذَلِكَ يُنَافِي النِّكَاحَ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ التَّأْبِيدُ وَأَمَّا الْإِبَاحَةُ وَالْإِعَارَةُ وَالْإِحْلَالُ فَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِسَبَبٍ لِلْمِلْكِ قَوْلُهُ (وَلَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ) ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ فِيهَا مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ فَقَالَتْ قَبِلْتُ النِّكَاحَ وَلَا أَقْبَلُ الْمَهْرَ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ أَصْلٌ وَالْمَالُ تَبَعٌ وَقَدْ قَبِلَتْ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ لِرَجُلٍ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ تَزَوَّجْتُكَ عَلَى كَذَا مِنْ الْمَالِ إنْ أَجَازَ أَبِي أَوْ رَضِيَ فَقَالَ قَبِلْتُ لَا يَصِحُّ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ فَقَالَ رَضِيَتْ أَوْ أَجَزْت جَازَ وَلَوْ أَضَافَ النِّكَاحَ إلَى نِصْفِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ زَوَّجْتُك نِصْفَ ابْنَتٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ التَّعَدِّيَ مُمْتَنِعٌ إذْ الْحُرْمَةُ فِي سَائِرِ الْأَجْزَاءِ تَغْلِبُ الْحِلَّ فِي هَذَا الْجُزْءِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ نِصْفُك طَالِقٌ حَيْثُ تَصِحُّ الْإِضَافَةُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ هُنَا كَانَ ثَابِتًا فِي كُلِّ الْأَجْزَاءِ فَلَمَّا أَوْقَعَ الْحُرْمَةَ فِي بَعْضِهَا وَقَعَ فِي الْكُلِّ احْتِيَاطًا لِعَدَمِ التَّجَزُّؤِ.

قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ نِكَاحُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ إذَا زَوَّجَهُمَا الْوَلِيُّ بِكْرًا كَانَتْ الصَّغِيرَةُ أَوْ ثَيِّبًا) وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ إلَّا الْأَبُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إلَّا الْأَبُ وَالْجَدُّ إذَا كَانَتْ بِكْرًا وَأَمَّا إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَا يُزَوِّجُهَا أَحَدٌ عِنْدَهُ قَالَ فِي النَّوَادِرِ إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَ أَوْ الصَّغِيرَةَ غَيْرُ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَعْقِدَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِمَهْرٍ مُسَمًّى وَمَرَّةً بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِي التَّسْمِيَةِ نُقْصَانٌ فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ وَيَصِحُّ الثَّانِي بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَوْ أَنَّ صَغِيرَةً لَا يُسْتَمْتَعُ بِهَا زَوَّجَهَا أَبُوهَا فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ الزَّوْجَ بِمَهْرِهَا دُونَ نَفَقَتِهَا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ بِإِزَاءِ الِاحْتِبَاسِ لِحَقِّ الزَّوْجِ وَهِيَ غَيْرُ مَحْبُوسَةٍ لِحَقِّهِ وَالْمَهْرُ بِإِزَاءِ الْمِلْكِ وَهُوَ ثَابِتٌ وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً زَوَّجَتْ ابْنَتَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>