الصَّغِيرَةَ وَقَبَضَتْ مَهْرَهَا ثُمَّ أَدْرَكَتْ الصَّغِيرَةُ فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ وَصِيَّةً فَلَهَا أَنْ تُطَالِبَ أُمَّهَا بِمَهْرِهَا دُونَ زَوْجِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً فَلَهَا أَنْ تُطَالِبَ الزَّوْجَ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى أُمِّهَا إنْ كَانَ الْمَهْرُ قَائِمًا، وَكَذَا هَذَا فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ.
قَوْلُهُ (وَالْوَلِيُّ هُوَ الْعَصَبَةُ) وَيُعْتَبَرُ فِي الْوِلَايَةِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَإِذَا اجْتَمَعَ وَلِيَّانِ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ فَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا جَازَ سَوَاءٌ أَجَازَ الْآخَرُ أَوْ فَسَخَ بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْآخَرِ وَإِذَا كَانَتْ جَارِيَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ حَتَّى ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُمَا جَازَ أَنْ يَنْفَرِدَ أَحَدُهُمَا بِتَزْوِيجِهِ أَيُّهُمَا كَانَ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ قَوْلُهُ (فَإِنْ زَوَّجَهُمَا الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ فَلَا خِيَارَ لَهُمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ) لِكَمَالِ وِلَايَتِهِمَا وَوُفُورِ شَفَقَتِهِمَا فَكَأَنَّهُمَا بَاشَرَاهُ بِرِضَاهُمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ قَوْلُهُ (وَإِنْ زَوَّجَهُمَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ إنْ شَاءَ أَقَامَ عَلَى النِّكَاحِ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ) وَهَذَا عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا خِيَارَ لَهُمَا اعْتِبَارًا بِالْأَبِ وَالْجَدِّ وَلَهُمَا أَنَّ قَرَابَةَ الْأَخِ نَاقِصَةٌ بِدَلَالَةِ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي الْمَالِ، وَإِطْلَاقُ الْجَوَابِ فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ يَتَنَاوَلُ الْأُمَّ وَالْقَاضِيَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِقُصُورِ الرَّأْيِ فِي الْأُمِّ وَالشَّفَقَةِ فِي الْقَاضِي فَيَتَخَيَّرُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي شَرْحِهِ إذَا زَوَّجَهُمَا الْقَاضِي ثُمَّ بَلَغَا فَلَا خِيَارَ لَهُمَا عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهُمَا الْخِيَارُ وَهُمَا يَقُولَانِ الْقَاضِي يَلِي عَلَيْهِمَا فِي الْمَالِ وَالنِّكَاحِ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ فَأَشْبَهَ الْأَبَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ يَحْتَرِزُ مِنْ الْعَمِّ إذَا كَانَ وَصِيًّا وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ عَقْدُ الْحَاكِمِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ عَقْدِ الْعَمِّ.
فَإِذَا ثَبَتَ لَهُمَا الْخِيَارُ بِوِلَايَةِ الْعَمِّ فَالْحَاكِمُ أَوْلَى ثُمَّ خِيَارُ الْبُلُوغِ عَلَى الْفَوْرِ فَمَتَى عَلِمَتْ بِالنِّكَاحِ فَسَكَتَتْ عَنْ رَدِّهِ بَطَلَ خِيَارُهَا وَلَا يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ إذَا بَلَغَتْ الصَّغِيرَةُ وَقَدْ عَلِمَتْ بِالنِّكَاحِ فَسَكَتَتْ فَهُوَ رِضًا وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِالنِّكَاحِ فَلَهَا الْخِيَارُ حَتَّى تَعْلَمَ فَتَسْكُتَ شَرْطَ الْعِلْمِ بِأَصْلِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ إلَّا بِهِ وَالْوَلِيُّ يَنْفَرِدُ بِهِ فَعُذِرَتْ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْعِلْمُ بِالْخِيَارِ؛ لِأَنَّهَا تَتَفَرَّغُ لِمَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَالدَّارُ دَارُ الْإِسْلَامِ فَلَمْ تُعْذَرْ بِالْجَهْلِ بِخِلَافِ الْمُعْتَقَةِ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ لَا تَتَفَرَّغُ لِمَعْرِفَتِهَا فَتُعْذَرُ بِالْجَهْلِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ وَيُشْتَرَطُ فِي خِيَارِ الْبُلُوغِ الْقَضَاءُ بِخِلَافِ خِيَارِ الْعِتْقِ يَعْنِي إذَا أَدْرَكَتْ الصَّغِيرَةُ وَبَلَغَهَا النِّكَاحُ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا لَمْ تَقَعْ الْفُرْقَةُ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَخِيَارُ الْبُلُوغِ فِي حَقِّ الْبِكْرِ يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُ الْغُلَامِ مَا لَمْ يَقُلْ رَضِيت أَوْ يَجِيءُ مِنْهُ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ رَضِيَ، وَكَذَا الْجَارِيَةُ إذَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْبُلُوغِ اعْتِبَارًا لِهَذِهِ الْحَالَةِ بِحَالَةِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَخِيَارُ الْبُلُوغِ فِي حَقِّ الْبِكْرِ لَا يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ يَعْنِي أَنَّهُ يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ السُّكُوتِ وَلَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ فِي حَقِّ الثَّيِّبِ وَالْغُلَامِ، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بِالرِّضَا غَيْرَ أَنَّ السُّكُوتَ مِنْ الْبِكْرِ رِضًا بِخِلَافِ خِيَارِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِإِثْبَاتِ الْمَوْلَى وَهُوَ الْإِعْتَاقُ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْمَجْلِسُ كَمَا فِي خِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ ثُمَّ خِيَارُ الْعِتْقِ بِفَارِقِ خِيَارِ الْبُلُوغِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ يَقَعُ بِاخْتِيَارِهَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءِ وَلَا يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَلَا يَبْطُلُ بِالْجَهْلِ.
كَذَا فِي الْوَجِيزِ ثُمَّ الْفُرْقَةُ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ لَيْسَتْ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ الْأُنْثَى وَلَا طَلَاقَ لَهَا، وَكَذَا خِيَارُ الْعِتْقِ لِمَا ذَكَرْنَا بِخِلَافِ خِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الَّذِي مَلَكَهَا وَهُوَ مَالِكٌ لِلطَّلَاقِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَرِثَهُ الْآخَرُ، وَكَذَا إذَا مَاتَ بَعْدَ الْبُلُوغِ قَبْلَ التَّفْرِيقِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ قَالَ فِي الْكَرْخِيِّ إذَا زَوَّجَ الْعَمُّ الصَّغِيرَ أَوْ الصَّغِيرَةَ ثُمَّ بَلَغَا فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَسَكَتَتْ عَقِيبَ بُلُوغِهَا سَقَطَ خِيَارُهَا وَإِنْ كَانَتْ وُطِئَتْ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهَا إلَّا بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الرِّضَا، وَكَذَا الْغُلَامُ أَمَّا الْبِكْرُ فَلِأَنَّ سُكُوتَهَا أُجْرِيَ مَجْرَى قَوْلِهَا قَدْ رَضِيَتْ وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَسُكُوتُهَا لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا فَوُقِفَ الرِّضَا عَلَى قَوْلِهَا أَوْ مَا جَرَى مَجْرَاهُ وَكَذَا الْغُلَامُ لَا يُسْتَدَلُّ بِسُكُوتِهِ عَلَى الرِّضَا فَمَا لَمْ يَقُلْ رَضِيت أَوْ يَفْعَلُ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ الرِّضَا لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ.
وَفِي الْعُيُونِ قَالَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الصَّغِيرَةِ زَوَّجَهَا عَمُّهَا فَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا فَحَاضَتْ عِنْدَ الزَّوْجِ قَالَ هِيَ عَلَى خِيَارِهَا مَا لَمْ يُجَامِعْهَا الزَّوْجُ قَالَ قُلْتُ فَإِنْ مَكَثَتْ سَنَةً لَمْ يُجَامِعْهَا وَهِيَ فِي خِدْمَتِهِ قَالَ هِيَ عَلَى خِيَارِهَا مَا لَمْ تَطْلُبْ النَّفَقَةَ.
قَالَ الْخُجَنْدِيُّ الْخِيَارَاتُ ثَلَاثَةٌ: خِيَارُ الْإِدْرَاكِ وَخِيَارُ الْمُعْتَقَةِ وَخِيَارُ الْمُخَيَّرَةِ فَخِيَارُ الْمُدْرِكَةِ يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ إذَا كَانَتْ بِكْرًا فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا لَا يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute