عِبْرَةَ بِهِ وَلَوْ أَجَّلَ الْعِنِّينَ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَقَدْ جُنَّ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَكَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي الطَّلَاقَ عَلَى امْرَأَةِ الْمَجْنُونِ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَلَوْ أَنَّ الْمَجْنُونَ زَوَّجَهُ أَبُوهُ فَلَمْ يَصِل إلَيْهَا لَمْ يُؤَجِّلْهُ؛ لِأَنَّ فُرْقَتَهُ طَلَاقٌ وَالْمَجْنُونُ لَا طَلَاقَ لَهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَإِذَا كَانَ زَوْجُ الْأَمَةِ عِنِّينًا فَالْخِيَارُ فِي ذَلِكَ إلَى الْمَوْلَى عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ إلَى الْأَمَةِ قَوْلُهُ (وَلَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ إذَا كَانَ قَدْ خَلَا بِهَا) ؛ لِأَنَّ خَلْوَةَ الْعِنِّينِ صَحِيحَةٌ تَجِبُ بِهَا الْعِدَّةُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ مَجْبُوبًا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَالِ وَلَمْ يُؤَجِّلْهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي انْتِظَارِهِ ثُمَّ إذَا خَلَا بِهَا فَلَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ نِصْفُ الْمَهْرِ وَتَجِبُ الْعِدَّةُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَجْبُوبُ بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا فَإِنَّهَا تُخَيَّرُ فِي الْحَالِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي الِانْتِظَارِ وَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ مِنْ الصَّبِيِّ إلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِذَا أَسْلَمَتْ امْرَأَتُهُ بَعْدَمَا عَقَلَ وَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يُدْرِكَ قَوْلَهُ (وَالْخَصِيُّ يُؤَجَّلُ كَمَا يُؤَجَّلُ الْعِنِّينُ) ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ مَرْجُوٌّ مِنْهُ، وَهُوَ الَّذِي أُخْرِجَتْ أُنْثَيَاهُ وَبَقِيَ ذَكَرُهُ فَهُوَ وَالْعِنِّينُ سَوَاءٌ وَلَوْ كَانَ بَعْضُ الذَّكَرِ مَجْبُوبًا وَبَقِيَ مَا يُمْكِنُ بِهِ مِنْ الْجِمَاعِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْجِمَاعِ وَقَالَ هُوَ أَنَا أَتَمَكَّنُ مِنْهُ قَالَ بَعْضُهُمْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ مَا يُمْكِنُ بِهِ الْإِيلَاجُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الذَّكَرَ إذَا قُطِعَ بَعْضُهُ ضَعُفَ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ عَرَضَ عَلَيْهِ الْقَاضِي الْإِسْلَامَ فَإِنْ أَسْلَمَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ أَبَى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَكَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا بَائِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ) وَهَذَا إذَا كَانَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَهَذَا إذَا كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا أَمَّا إذَا كَانَ مَجْنُونًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُحْضِرُ أَبَاهُ فَيَعْرِضُ عَلَى الْأَبِ الْإِسْلَامَ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَكَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا بَائِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي مُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ قَدْ مَاتَ وَلَهُ أُمٌّ عَرَضَ عَلَيْهَا كَالْأَبِ فَإِنْ أَسْلَمَتْ وَإِلَّا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا يَعْقِلُ الْإِسْلَامَ عَرَضَ عَلَيْهِ الْقَاضِي الْإِسْلَامَ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا الْحَرْبِيَّةُ إذَا أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهَا لَا تَبِينُ حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ هُنَاكَ مَرْجُوٌّ مِنْ الزَّوْجِ إلَّا أَنَّ الْعَرْضَ عَلَيْهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَأَشْبَهَ الْمُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ وَتَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ عَرَضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ فَإِنْ أَسْلَمَتْ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ أَبَتْ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَلَمْ تَكُنْ الْفُرْقَةُ طَلَاقًا) ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا وَالْمَرْأَةُ لَيْسَتْ بِأَهْلٍ لِلطَّلَاقِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا فَإِنَّ الْفُرْقَةَ هُنَاكَ مِنْ جِهَةِ الرَّجُلِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الطَّلَاقِ قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ) يَعْنِي إذَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِإِبَائِهَا.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا) ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَصَارَتْ مَانِعَةً لِنَفْسِهَا كَالْمُطَاوَعَةِ لِابْنِ زَوْجِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ إبَاءُ الْإِسْلَامِ وَرِدَّةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذَا حَصَلَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَهُوَ فَسْخٌ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَتِهِ فَهُوَ فَسْخٌ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي كِلَيْهِمَا وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ كِلَاهُمَا طَلَاقٌ وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الرِّدَّةُ فَسْخٌ وَإِبَاءُ الزَّوْجِ الْإِسْلَامَ طَلَاقٌ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ تَقَعْ الْفُرْقَةُ عَلَيْهَا حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَإِذَا حَاضَتْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute