بِهَا فِي ذَلِكَ أَيْ فِي تَوَقُّفِ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ عَلَى ثَلَاثِ حِيَضٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْحِيَضَ لَا تَكُونُ عِنْدَهُ فَيَسْتَوِي فِيهَا الْمَدْخُولَةُ وَغَيْرُهَا ثُمَّ نَنْظُرُ إنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَهُ فَكَذَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ عَلَيْهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ قَوْلُهُ لَمْ تَقَعْ عَلَيْهَا الْفُرْقَةُ حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا ثُمَّ إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِمُضِيِّ ثَلَاثِ حِيَضٍ فَهِيَ فُرْقَةٌ بِطَلَاقٍ عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فُرْقَةٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُسْلِمُ فَهِيَ فُرْقَةٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا أَسْلَمَ زَوْجُ الْكِتَابِيَّةِ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا) ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا ابْتِدَاءً فَلَأَنْ يَبْقَى أَوْلَى قَوْلُهُ (وَإِذَا خَرَجَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ إلَيْنَا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مُسْلِمًا وَقَعَتْ الْبَيْنُونَةُ بَيْنَهُمَا) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَقَعُ قَوْلُهُ (وَإِذَا سُبِيَ أَحَدُهُمَا وَقَعَتْ الْبَيْنُونَةُ) لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ قَوْلُهُ (وَإِنْ سُبِيَا مَعًا لَمْ تَقَعْ الْبَيْنُونَةُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ بِهِمَا دِينٌ وَلَا دَارٌ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ إلَيْنَا مُهَاجِرَةً جَازَ أَنْ تَتَزَوَّجَ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَقَالَا عَلَيْهَا الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠] وَفِي الْمَنْعِ مِنْ تَزْوِيجِهَا تَمَسُّكٌ بِعِصْمَتِهِ قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ تَتَزَوَّجْ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا) وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَجُوزُ النِّكَاحُ وَلَا يُقِرُّ بِهَا الزَّوْجُ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا كَمَا فِي الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا؛ لِأَنَّ مَاءَ الْحَرْبِيِّ لَا حُرْمَةَ لَهُ فَحَلَّ مَحَلَّ الزِّنَا وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهَا حَامِلٌ بِوَلَدٍ ثَابِتِ النَّسَبِ فَتُمْنَعُ مِنْ النِّكَاحِ احْتِيَاطًا.
قَوْلُهُ (وَإِذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَنْ الْإِسْلَامِ وَقَعَتْ الْبَيْنُونَةُ بَيْنَهُمَا فُرْقَةً بِغَيْرِ طَلَاقٍ) عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَتْ الرِّدَّةُ مِنْ الزَّوْجِ فَهِيَ طَلَاقٌ وَإِنْ كَانَتْ مِنْهَا فَهِيَ فُرْقَةٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ هُوَ يُعْتَبَرُ بِالْإِبَاءِ وَأَبُو يُوسُفَ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْإِبَاءِ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ إبَاءَ الزَّوْجِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ فَالرِّدَّةُ كَذَلِكَ وَأَبُو حَنِيفَةَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَوَجْهُهُ أَنَّ الرِّدَّةَ مُنَافِيَةٌ لِلنِّكَاحِ وَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ فَتَعَذَّرَتْ الرِّدَّةُ أَنْ تُجْعَلَ طَلَاقًا بِخِلَافِ الْإِبَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ الْإِمْسَاكَ بِالْمَعْرُوفِ فَيَجِبُ التَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ وَلِهَذَا تَتَوَقَّفُ الْفُرْقَةُ بِالْإِبَاءِ عَلَى الْقَضَاءِ وَلَا تَتَوَقَّفُ بِالرِّدَّةِ وَسَوَاءٌ كَانَ ارْتِدَادُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُوجِبُ فَسْخَ النِّكَاحِ عِنْدَنَا قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ امْرَأَةٌ ارْتَدَّتْ لِتُفَارَقَ زَوْجَهَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ وَتُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَتُعَزَّرُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ سَوْطًا وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ إلَّا بِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْمُصَفَّى يُجَدِّدُ الْعَقْدَ بِمَهْرٍ يَسِيرٍ رَضِيَتْ أَوْ أَبَتْ يَعْنِي أَنَّهَا تُجْبَرُ عَلَى تَجْدِيدِ النِّكَاحِ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُرْتَدُّ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَقَرَّ بِالدُّخُولِ قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَهَا النِّصْفُ) ؛ لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ حَصَلَتْ مِنْهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَصَارَتْ كَالطَّلَاقِ قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا) ؛ لِأَنَّهَا مَنَعَتْ بُضْعَهَا بِالِارْتِدَادِ فَصَارَتْ كَالْبَائِعِ إذَا أَتْلَفَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ ارْتَدَّتْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَقَرَّ بِالدُّخُولِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ قِبَلِهَا.
(قَوْلُهُ وَإِنْ ارْتَدَّا مَعًا ثُمَّ أَسْلَمَا مَعًا فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا) .
وَقَالَ زُفَرُ يَبْطُلُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ رِدَّةَ أَحَدِهِمَا مُنَافِيَةٌ وَفِي رِدَّتِهِمَا رِدَّةُ أَحَدِهِمَا وَزِيَادَةٌ وَأَمَّا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الِارْتِدَادِ دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَبْطُلُ لِإِصْرَارِ الْآخَرِ عَلَى الرِّدَّةِ وَهِيَ مُنَافِيَةٌ مِثْلَ ابْتِدَائِهَا وَلَوْ أَنَّ حَرْبِيًّا تَزَوَّجَ حَرْبِيَّةً ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَالْفُرْقَةُ لَا تَقَعُ بِنَفْسِ الْإِسْلَامِ مَا لَمْ تَحِضْ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَ حِيَضٍ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ