للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ حَتَّى تَدْخُلَ الدَّارَ فَيَقَعَ الثَّلَاثُ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَهِيَ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَلَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيقُ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولَةً وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَتَعَلَّقَتْ الثَّانِيَةُ لِكَوْنِهَا فِي الْعِدَّةِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي مَكَّةَ طَلُقَتْ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ) ، وَكَذَا إذَا قَالَ بِمَكَّةَ وَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَخْتَصُّ بِمَكَانٍ دُونَ مَكَان؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ لَهَا بِالطَّلَاقِ فِي مَكَّةَ وَمَتَى طَلُقَتْ فِيهَا طَلُقَتْ فِي كُلِّ الْبِلَادِ.

قَوْلُهُ (وَكَذَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي الدَّارِ) يَعْنِي أَنَّهَا تَطْلُقُ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا فِي الْحَالِ فَإِنْ قِيلَ إذَا عُرِفَ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ بِمَكَّةَ عُرِفَ أَيْضًا عَدَمُهُ بِالدَّارِ فَمَا فَائِدَةُ ذِكْرِ الدَّارِ قُلْنَا إنَّمَا ذَكَرَ الدَّارَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا لَمْ يَخْتَصَّ بِمَكَّةَ؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْأَمَاكِنِ فَإِذَا كَانَتْ مُطَلَّقَةً فِيهَا فَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ مُطَلَّقَةً فِي سَائِرِ الْأَمَاكِنِ فَوَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الدَّارِ لِيُعْلِمَ أَنَّ عَدَمَ الِاخْتِصَاصِ بِالْمَكَانِ لَا بِاعْتِبَارِ شَرَفِ مَكَّةَ وَأَمَّا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي ذَهَابِك إلَى مَكَّةَ فَهُوَ عَلَى الذَّهَابِ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ فِي عَلَى فِعْلٍ فَصَارَ شَرْطًا وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي الشَّمْسِ وَهِيَ فِي الظِّلِّ كَانَتْ طَالِقًا مَكَانَهَا؛ لِأَنَّ الشَّمْسَ لَيْسَتْ بِفِعْلٍ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ فِي مَكَانِ الشَّمْسِ وَالْمُطَلَّقَةُ فِي مَكَان الْمُطَلَّقَةُ فِي كُلِّ مَكَان وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ طَلُقَتْ حِينَ تَكَلَّمَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَيَّامَ ظَرْفًا وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا ظَرْفًا لِلْإِيقَاعِ فَصَارَ الظَّرْفُ جُزْءًا مِنْهَا وَقَدْ وُجِدَ عَقِيبَ كَلَامِهِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إذَا دَخَلْتِ مَكَّةَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَدْخُلَ مَكَّةَ) ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِشَرْطِ الدُّخُولِ، وَهُوَ فِعْلٌ غَيْرُ مَوْجُودٍ فَلَمْ تَطْلُقْ دُونَ وُجُودِهِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ) ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِالطَّلَاقِ فِي جَمِيعِ الْغَدِ وَذَلِكَ بِوُقُوعِهِ فِي أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ فَإِنْ نَوَى بِهِ آخِرَ النَّهَارِ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ نَوَى التَّخْصِيصَ فِي الْعُمُومِ، وَهُوَ يَحْتَمِلُهُ وَنِيَّةُ التَّخْصِيصِ فِي الْعُمُومِ صَحِيحَةٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا إذَا قَالَ لَا آكُلُ طَعَامًا، وَهُوَ يَنْوِي طَعَامًا دُونَ طَعَامٍ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا أَوْ غَدًا الْيَوْمَ يُؤْخَذُ بِأَوَّلِ الْوَقْتَيْنِ الَّذِي تَفَوَّهَ بِهِ فَيَقَعُ فِي الْأَوَّلِ فِي الْيَوْمِ وَفِي الثَّانِي فِي الْغَدِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ الْيَوْمَ كَانَ تَنْجِيزًا وَالْمُنَجَّزُ لَا يَحْتَمِلُ الْإِضَافَةَ وَإِذَا قَالَ غَدًا كَانَ إضَافَةً وَالْمُضَافُ لَا يَتَجَزَّأُ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ الْإِضَافَةِ فَلَغَا الشَّرْطَ فِي اللَّفْظَيْنِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا طَلُقَتْ الْيَوْمَ طَلْقَةً فِي الْحَالِ وَلَا تَطْلُقُ أُخْرَى فِي غَدٍ؛ لِأَنَّ بِوُقُوعِ هَذِهِ الطَّلْقَةِ الْيَوْمَ تَتَّصِفُ بِهَا الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ يَقَعُ وَاحِدَةٌ لَا غَيْرُ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي غَدٍ الْيَوْمَ لَا يَقَعُ إلَّا فِي غَدٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَصَفَهَا بِالطَّلَاقِ غَدًا وَبِالطَّلَاقِ الَّذِي يَقَعُ فِي غَدٍ لَا تَكُونُ مَوْصُوفَةً بِهِ الْيَوْمَ فَلَغَا.

قَوْلَهُ الْيَوْمَ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ آخِرَ النَّهَارِ وَأَوَّلَهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا بِالْوَاوِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَاحِدَةً وَلَا تَطْلُقُ غَيْرَهَا؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ لِلِاشْتِرَاكِ وَقَدْ وَصَفَهَا بِالطَّلَاقِ فِي الْوَقْتَيْنِ وَهِيَ بِالطَّلْقَةِ الْأُولَى تَتَّصِفُ بِالطَّلَاقِ فِي الْوَقْتَيْنِ وَإِنْ قَالَ غَدًا وَالْيَوْمَ تَطْلُقُ الْيَوْمَ وَاحِدَةً وَغَدًا أُخْرَى.

وَقَالَ زُفَرُ لَا تَطْلُقُ إلَّا وَاحِدَةً وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي غَدٍ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَإِنْ قَالَ نَوَيْتُ بِهِ آخِرَ النَّهَارِ صُدِّقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ دِيَانَةً وَقَضَاءً وَعِنْدَهُمَا لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ وَيَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ جَعَلَ الْغَدَ ظَرْفًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ وَكَوْنُهُ ظَرْفًا لَا يَقْتَضِي كَوْنَهَا مُطَلَّقَةً فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهِ؛ لِأَنَّ الظَّرْفِيَّةَ لَا تَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ أَلَا تَرَى أَنَّك إذَا قُلْت صُمْت فِي شَعْبَانَ لَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ صَائِمًا فِي جَمِيعِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ غَدًا؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الِاسْتِيعَابُ حَيْثُ وَصَفَهَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ مُضَافًا إلَى جَمِيعِ الْغَدِ أَلَا تَرَى أَنَّك إذَا قُلْت صُمْت شَعْبَانَ اقْتَضَى صَوْمَ جَمِيعِهِ وَلَهُمَا أَنَّهُ وَصَفَهَا بِالطَّلَاقِ فِي جَمِيعِ الْغَدِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ غَدًا وَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ وَإِنَّمَا تَزَوَّجَهَا الْيَوْمَ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِهِ أَمْسِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ أَمْسِ وَإِنَّمَا اشْتَرَاهُ الْيَوْمَ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ حُرًّا أَمْسِ يَحْرُمُ اسْتِرْقَاقَهُ الْيَوْمَ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتَ حُرُّ الْأَصْلِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْمَرْأَةِ كَوْنِهَا طَالِقًا أَمْسِ لَا يَحْرُمُ نِكَاحَهَا الْيَوْمَ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا أَوَّلَ أَمْسِ وَقَعَ الطَّلَاقُ السَّاعَةَ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إلَى حَالِ مِلْكِهِ.

وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَقَدُّمُ الطَّلَاقِ عَلَى النِّكَاحِ وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ يَوْمَ أَتَزَوَّجُك فَأَنْتِ طَالِقٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>