للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَتَزَوَّجَهَا لَيْلًا طَلُقَتْ وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنَا مِنْكِ طَالِقٌ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَإِنْ نَوَى طَلَاقًا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لِإِزَالَةِ الْقَيْدِ، وَهُوَ فِيهَا دُونَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهَا هِيَ الْمَمْنُوعَةُ مِنْ التَّزَوُّجِ وَالْخُرُوجُ وَالزَّوْجُ يَنْطَلِقُ إلَى مَا شَاءَ مِنْ التَّزْوِيجِ بِثَلَاثٍ سِوَاهَا وَيَسْتَمْتِعُ بِإِمَائِهِ وَإِنْ قَالَ أَنَا مِنْك بَائِنٌ أَوْ عَلَيْكِ حَرَامٌ يَنْوِي الطَّلَاقَ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ الْإِبَانَةَ لِإِزَالَةِ الْوَصْلَةِ وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ، وَكَذَا التَّحْرِيمُ لِإِزَالَةِ الْحِلِّ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ فَصَحَّتْ إضَافَتُهَا إلَيْهِمَا وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ إجْمَاعًا وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا فَكَذَلِكَ أَيْضًا عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَطْلُقُ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً وَالْفَرْقُ لِمُحَمَّدٍ أَنَّهُ أَدْخَلَ الشَّكَّ فِي الْوَاحِدَةِ لِدُخُولِ كَلِمَةِ أَوْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّفْيِ فَسَقَطَ اعْتِبَارُ الْوَاحِدَةِ وَبَقِيَ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الشَّكَّ فِي أَصْلِ الْإِيقَاعِ فَلَا يَقَعُ وَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ الشَّكُّ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَلَا يَدْرِي أَطَلَّقَهَا أَمْ لَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اجْتِنَابُهَا وَكَانَ عَلَى يَقِينِهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ يَقِينًا.

وَإِذَا ضَمَّ إلَى امْرَأَتِهِ مَا لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مِثْلَ الْحَجَرِ وَالْبَهِيمَةِ فَقَالَ أَحَدُكُمَا طَالِقٌ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَطْلُقُ وَإِنْ ضَمَّ إلَيْهَا مَنْ يُوصَفُ بِالطَّلَاقِ إلَّا أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ طَلَاقَهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى زَوْجَتِهِ وَإِنْ ضَمَّ إلَيْهَا رَجُلًا فَقَالَ أَحَدُكُمَا طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يَصِحُّ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ بِحَالٍ كَالْبَهِيمَةِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُوصَفُ بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ تُسَمَّى طَلَاقًا، وَهُوَ يُوصَفُ بِالْبَيْنُونَةِ وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَمَيِّتَةٍ لَمْ تَطْلُقْ زَوْجَتُهُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَةَ تُوصَفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ مَوْتِهَا وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ هَذِهِ الْكَلْبَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ وَكَذَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ هَذَا الْحِمَارُ حُرٌّ عَتَقَ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ اخْتَارِي نَفْسَك يَنْوِي بِذَلِكَ الطَّلَاقَ أَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا مَا دَامَتْ فِي مَجْلِسِهَا ذَلِكَ) وَإِنْ تَطَاوَلَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ مَا لَمْ تَقُمْ مِنْهُ أَوْ تَأْخُذُ فِي عَمَلٍ آخَرَ، وَكَذَا إذَا قَامَ هُوَ مِنْ الْمَجْلِسِ فَالْأَمْرُ فِي يَدِهَا مَا دَامَتْ فِي مَجْلِسِهَا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَنْهَاهَا عَمَّا جَعَلَ إلَيْهَا وَلَا يَفْسَخُ قَوْلَهُ (فَإِنْ قَامَتْ مِنْهُ أَوْ أَخَذَتْ فِي عَمَلٍ آخَرَ خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا) يَعْنِي إذَا قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا؛ لِأَنَّهَا إذَا قَامَتْ صَارَتْ مُعَرَّضَةً، وَكَذَا إذَا اُشْتُغِلَتْ بِعَمَلٍ آخَرَ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَاطِعٌ لِمَا كَانَ قَبْلَهُ كَمَا إذَا دَعَتْ بِطَعَامٍ لِتَأْكُلَهُ أَوْ نَامَتْ أَوْ امْتَشَطَتْ أَوْ اغْتَسَلَتْ أَوْ اخْتَضَبَتْ أَوْ جَامَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ خَاطَبَتْ رَجُلًا بِالْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ فَهَذَا كُلُّهُ يُبْطِلُ خِيَارَهَا وَإِنْ أَكَلَتْ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ شَرِبَتْ جَرْعَةً أَوْ جَرْعَتَيْنِ أَوْ نَامَتْ قَاعِدَةً أَوْ لَبِسَتْ ثِيَابًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَقُومَ أَوْ فَعَلَتْ فِعْلًا قَلِيلًا وَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ بِالِاخْتِيَارِ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا وَكَذَا لَوْ قَالَتْ اُدْعُوَا لِي شُهُودًا أُشْهِدُهُمْ عَلَى اخْتِيَارِي أَوْ اُدْعُوَا لِي أَبِي أَسْتَشِيرُهُ أَوْ كَانَتْ قَائِمَةً فَقَعَدَتْ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا وَإِنْ كَانَتْ قَاعِدَةً فَاتَّكَأَتْ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا وَإِنْ كَانَتْ قَاعِدَةً فَاضْطَجَعَتْ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا وَبِهِ قَالَ زُفَرُ وَالثَّانِيَةُ لَا يَبْطُلُ وَإِنْ كَانَتْ قَاعِدَةً فَقَامَتْ يَبْطُلُ خِيَارُهَا.

وَكَذَا إذَا كَانَتْ قَائِمَةً فَرَكِبَتْ؛ لِأَنَّ هَذَا إعْرَاضٌ وَإِنْ خَيَّرَهَا وَهِيَ رَاكِبَةٌ فَإِنْ سَارَتْ الدَّابَّةُ بِهَا قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ بَطَلَ خِيَارُهَا؛ لِأَنَّ سَيْرَ الدَّابَّةِ مِنْ فِعْلِهَا؛ لِأَنَّهَا تَقْدِرُ عَلَى إيقَافِهَا، وَكَذَا إذَا خَيَّرَهَا وَالدَّابَّةُ تَسِيرُ فَسَارَتْ قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ بَطَلَ خِيَارُهَا وَإِنْ أَوْقَفَتْهَا فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا وَإِنْ خَيَّرَهَا وَهِيَ فِي السَّفِينَةِ فَسَارَتْ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهَا؛ لِأَنَّ سَيْرَهَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى إيقَافِهَا وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْبَيْتِ فَكُلُّ مَا أَبْطَلَ خِيَارُهَا فِي الْبَيْتِ أَبْطَلَهُ فِيهَا وَمَا لَا فَلَا وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مَعَهَا عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ كَانَا فِي مَحْمِلٍ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا وَإِنْ ابْتَدَأَتْ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَ خِيَارُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ فَرْضًا أَوْ تَطَوُّعًا وَإِنْ خَيَّرَهَا وَهِيَ فِي الصَّلَاةِ فَأَتَمَّتْهَا إنْ كَانَتْ فَرِيضَةً أَوْ وِتْرًا فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا وَإِنْ كَانَتْ تَطَوُّعًا إنْ سَلَّمَتْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا وَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهِمَا بَطَلَ خِيَارُهَا؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فِي التَّطَوُّعِ كَالدُّخُولِ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى وَإِنْ كَانَتْ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ الْأُولَى لَمْ يُبْطِلْ خِيَارُهَا بِانْتِقَالِهَا إلَى الشَّفْعِ الثَّانِي، وَكَذَا سُنَّةُ الْجُمُعَةِ وَعَلَى هَذَا الشُّفْعَةُ وَإِنْ سَبَّحَتْ أَوْ قَرَأَتْ شَيْئًا يَسِيرًا لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهَا وَإِنْ طَالَ بَطَلَ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِنْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك كَمَا شِئْتِ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَغَيْرِهِ وَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا فِي كُلِّ مَجْلِسٍ وَاحِدَةً حَتَّى تَبِينَ بِثَلَاثٍ؛ لِأَنَّ كُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ إلَّا أَنَّهَا لَا تُطَلِّقُ نَفْسَهَا فِي كُلِّ مَجْلِسٍ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَإِذَا اسْتَوْفَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>