للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثَلَاثًا وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا خِيَارَ لَهَا ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فِي قَوْلِهِ اخْتَارِي؛ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ، وَكَذَا أَيْضًا فِي قَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك فَإِنْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك إذَا شِئْت أَوْ مَتَى شِئْت أَوْ إذَا مَا شِئْت فَلَهَا فِي الْمَجْلِسِ وَغَيْرِهِ أَنْ تَخْتَارَ مَرَّةً وَاحِدَةً لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّ إذَا وَمَتَى يُفِيدَانِ الْوَقْتَ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهَا اخْتَارِي أَيَّ وَقْتٍ شِئْت فَإِنْ اخْتَارَتْ فِي الْمَجْلِسِ زَوْجَهَا خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا فِي كُلَّمَا وَغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ (فَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فِي قَوْلِهِ اخْتَارِي نَفْسَك كَانَتْ وَاحِدَةً بَائِنَةً) وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بِنِكَاحٍ مُسْتَقْبَلٍ قَوْلُهُ (وَلَا يَكُونُ ثَلَاثًا وَإِنْ نَوَى الزَّوْجُ ذَلِكَ) .

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَكُونُ ثَلَاثًا إذَا نَوَى ذَلِكَ قَوْلُهُ (وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ النَّفْسِ فِي كَلَامِهِ أَوْ كَلَامِهَا) حَتَّى لَوْ قَالَ اخْتَارِي فَقَالَتْ اخْتَرْت فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِذَا قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي أَوْ أَبِي أَوْ أُمِّي أَوْ أَهْلِي أَوْ الْأَزْوَاجَ فَهَذَا كُلُّهُ دَلَالَةٌ عَلَى الطَّلَاقِ وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي لَا بَلْ زَوْجِي أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي وَزَوْجِي وَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْت زَوْجِي لَا بَلْ نَفْسِي أَوْ اخْتَرْت زَوْجِي وَنَفْسِي لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَخَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا وَإِنْ قَالَتْ أَنَا أَخْتَارُ نَفْسِي فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَقَعَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مُجَرَّدَ وَعْدٌ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَقَعُ.

وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ أَنَا أُطَلِّقُ نَفْسِي لَا يَقَعُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي أَوْ أَبَنْت نَفْسِي أَوْ حَرَّمْت نَفْسِي أَوْ طَلَّقْت نَفْسِي كَانَ جَوَابًا وَيَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَإِنْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي أَوْ أَبَنْت نَفْسِي أَوْ حَرَّمْت نَفْسِي كَانَ جَوَابًا وَيَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي لَا يَكُونُ جَوَابًا وَلَوْ قَالَ اخْتَارِي نَفْسَك وَنَوَى الثَّلَاثَ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَلَا يَكُونُ ثَلَاثًا وَإِنْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا أَوْ نَوَى الثَّلَاثَ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا وَقَعْنَ وَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً فَهِيَ وَاحِدَةٌ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا لَا يَقَعُ شَيْءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ وَاحِدَةٌ وَإِنْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك وَلَا نِيَّةَ لَهُ أَوْ نَوَى وَاحِدَةً فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْمُفَوَّضَ إلَيْهَا صَرِيحُ الطَّلَاقِ وَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا وَقَدْ أَرَادَ الزَّوْجُ ذَلِكَ وَقَعْنَ عَلَيْهَا وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَتْ أَمَةً؛ لِأَنَّهُ جِنْسُ حَقِّهَا وَإِنْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ أَبَنْتُ نَفْسِي طَلُقَتْ وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ الْإِبَانَةَ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا أَبَنْتُكِ يَنْوِي الطَّلَاقَ أَوْ قَالَتْ أَبَنْتُ نَفْسِي فَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ أَجَزْت ذَلِكَ بَانَتْ بِخِلَافِ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ اخْتَرْتُك أَوْ اخْتَارِي يَنْوِي الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ.

وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ ابْتِدَاءً اخْتَرْت نَفْسِي فَقَالَ الزَّوْجُ أَجَزْت لَا يَقَعُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عُرِفَ طَلَاقًا إذَا حَصَّلَ جَوَابًا لِلتَّخْيِيرِ وَقَوْلُهُ طَلِّقِي نَفْسَك لَيْسَ بِتَخْيِيرٍ فَيَلْغُو وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِقَوْلِهَا أَبَنْتُ نَفْسِي؛ لِأَنَّهَا أَتَتْ بِغَيْرِ مَا فُوِّضَ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْإِبَانَةَ تُغَايِرُ الطَّلَاقَ وَإِنْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ فَإِنْ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا بَطَلَ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهَا طَلِّقِي ضَرَّتَك؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ فَيُقْبَلُ الرُّجُوعُ قَوْلُهُ (مَا دَامَتْ فِي مَجْلِسِهَا) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْخِيَارُ مُؤَقَّتًا أَمَّا إذَا كَانَ مُؤَقَّتًا كَمَا إذَا قَالَ لَهَا اخْتَارِي نَفْسَك الْيَوْمَ أَوْ هَذَا الشَّهْرَ أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً فَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا سَوَاءٌ أَعْرَضَتْ عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ اُشْتُغِلَتْ بِعَمَلٍ آخَرَ أَوْ لَمْ تُعْرِضْ فَهُوَ سَوَاءٌ وَيَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الْمُؤَقَّتِ وَإِنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي الْيَوْمَ أَوْ أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ أَوْ هَذَا الشَّهْرَ فَلَهَا الْخِيَارُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْيَوْمِ أَوْ الشَّهْرِ لَا غَيْرُ وَإِنْ قَالَ يَوْمًا فَهُوَ مِنْ سَاعَةِ تَكَلَّمَ إلَى مِثْلِهَا مِنْ الْغَدِ وَإِنْ قَالَ شَهْرًا فَهُوَ مِنْ السَّاعَةِ الَّتِي تَكَلَّمَ فِيهَا إلَى أَنْ يَسْتَكْمِلَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَالْخِيَارُ إذَا كَانَ مُؤَقَّتًا يَبْطُلُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ سَوَاءٌ عَلِمَتْ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُؤَقَّتٍ.

مِثَالُهُ إذَا قَالَ لَهَا أَمْرُكِ بِيَدِكِ وَهِيَ تَسْمَعُ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فِي مَجْلِسِهَا فَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً إنْ لَمْ يُؤَقِّتْ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي مَجْلِسِ عِلْمِهَا وَإِنْ وَقَّتَهُ بِوَقْتٍ فَبَلَغَهَا الْعِلْمُ مَعَ بَقَاءِ شَيْءٍ مِنْ الْوَقْتِ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي بَقِيَّةِ الْوَقْتِ وَإِنْ مَضَى الْوَقْتُ قَبْلَ أَنْ تَعْلَمَ ثُمَّ عَلِمَتْ فَلَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ خَصَّ التَّفْوِيضَ بِزَمَانٍ فَيَبْطُلُ بِمُضِيِّهِ عَلِمَتْ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ وَإِنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي اخْتَارِي اخْتَارِي بِالْوَاوِ أَوْ بِالْفَاءِ أَوْ بِالْأَلِفِ فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي مَرَّةً أَوْ بِمَرَّةٍ أَوْ دُفْعَةً أَوْ بِدُفْعَةٍ أَوْ وَاحِدَةً أَوْ بِوَاحِدَةٍ أَوْ اخْتِيَارُهُ يَقَعُ ثَلَاثًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْت تَطْلِيقَةً أَوْ بِتَطْلِيقَةٍ تَقَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>