للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الزَّوْجِ وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْت الْأُولَى أَوْ الْوُسْطَى أَوْ الْأَخِيرَةَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا وَاحِدَةً وَإِنَّمَا لَا يُحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ لِدَلَالَةِ التَّكْرَارِ عَلَيْهِ إذْ الِاخْتِيَارُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ هُوَ الَّذِي يَتَكَرَّرُ وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْت اخْتِيَارَهُ فَهِيَ ثَلَاثٌ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهَا لِلْمَرَّةِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا فِي قَوْلِهِ طَلِّقِي نَفْسَك فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ) ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهَا بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَصَرِيحُ الطَّلَاقِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَائِنًا كَانَ رَجْعِيًّا قَوْلُهُ (فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا وَقَدْ أَرَادَ الزَّوْجُ ذَلِكَ وَقَعْنَ عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ طَلِّقِي مَعْنَاهُ افْعَلِي فِعْلَ الطَّلَاقِ، وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ فَيَقَعُ عَلَى الْأَقَلِّ مَعَ احْتِمَالِ الْكُلِّ فَلِهَذَا يَعْمَلُ فِيهِ بِنِيَّةِ الثَّلَاثِ وَيَنْصَرِفُ إلَى الثَّلَاثِ عِنْدَ عَدَمِهَا ثُمَّ إذَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا وَقَالَ الزَّوْجُ إنَّمَا أَرَدْت وَاحِدَةً لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ تَقَعُ وَاحِدَةٌ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك مَتَى شِئْتِ فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مَتَى عَامَّةٌ فِي الْأَوْقَاتِ فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْت وَلَهَا الْمَشِيئَةُ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ إذَا وَمَتَى لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَإِذَا شَاءَتْ وُجِدَ شَرْطُ الطَّلَاقِ فَطَلُقَتْ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا مَشِيئَةٌ حَتَّى لَوْ اسْتَرْجَعَهَا فَشَاءَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تُؤَثِّرْ مَشِيئَتُهَا وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا شِئْت كَانَ ذَلِكَ لَهَا أَبَدًا حَتَّى يَقَعَ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ كُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَكُلَّمَا شَاءَتْ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ فَإِنْ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ سَقَطَتْ مَشِيئَتُهَا وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهَا تُوجِبُ عُمُومَ الِانْفِرَادِ لَا عُمُومَ الِاجْتِمَاعِ فَلَا تَمْلِكُ الْإِيقَاعَ جُمْلَةً وَجَمْعًا وَإِنْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك إنْ شِئْت فَذَلِكَ مَقْصُورٌ عَلَى الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ " إنْ " لَا تَقْتَضِيَ الْوَقْتَ، وَكَذَا إنْ أَحْبَبْتِ أَوْ رَضِيَتْ أَوْ أَرَدْتِ كُلُّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِفِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِ الْقَلْبِ فَهُوَ مِثْلُ الْخِيَارِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ لِرَجُلٍ طَلِّقْ امْرَأَتِي فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ) ؛ لِأَنَّ هَذَا تَوْكِيلٌ وَاسْتِعَانَةٌ وَلَيْسَ بِتَمْلِيكٍ فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِلْمَرْأَةِ طَلِّقِي نَفْسَك سَوَاءٌ قَالَ لَهَا إنْ شِئْت أَوْ لَمْ يَقُلْ فَإِنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهَا عَامِلَةٌ لِنَفْسِهَا فَكَانَ تَمْلِيكًا لَا تَوْكِيلًا.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ طَلِّقْهَا إنْ شِئْت فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي الْمَجْلِسِ خَاصَّةً) وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ وَعِنْدَ زُفَرَ هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ تَفْوِيضًا فَإِنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ النَّهْيَ عَنْهُ وَكُلُّ مَا كَانَ تَوْكِيلًا لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَيَمْلِكُ الزَّوْجُ الرُّجُوعَ عَنْهُ وَالنَّهْيَ عَنْهُ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ إذَا قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَكِ سَوَاءٌ قَالَ لَهَا إنْ شِئْت أَوْ لَا فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ خَاصَّةً وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهَا؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ، وَكَذَا إذَا قَالَ لِرَجُلٍ طَلِّقْ امْرَأَتِي وَقَرَنَهُ بِالْمَشِيئَةِ فَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَقْرُنْهُ بِالْمَشِيئَةِ كَانَ تَوْكِيلًا وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْمَجْلِسِ وَيَمْلِكُ الْعَزْلَ عَنْهُ وَإِذَا قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك وَصَاحِبَتَك فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ فِي حَقِّهَا وَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ صَاحِبَتَهَا فِي الْمَجْلِسِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي حَقِّ صَاحِبَتِهَا وَإِنْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ طَلِّقَا امْرَأَتِي إنْ شِئْتُمَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا التَّفَرُّدُ بِالطَّلَاقِ مَا لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ طَلِّقَا امْرَأَتِي وَلَمْ يَقْرُنْهُ بِالْمَشِيئَةِ كَانَ تَوْكِيلًا وَكَانَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُطَلِّقَهَا وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً فَهِيَ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ إيقَاعَ الثَّلَاثِ فَتَمْلِكُ إيقَاعَ الْوَاحِدَةِ ضَرُورَةً وَإِنْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَكِ وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهَا أَتَتْ بِغَيْرِ مَا فُوِّضَ إلَيْهَا فَكَانَتْ مُبْتَدَأَةً وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهَا أَتَتْ بِمَا مَلَكَتْهُ وَزِيَادَةٍ فَصَارَ كَمَا إذَا طَلَّقَهَا الزَّوْجُ أَلْفًا وَإِنْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك وَاحِدَةً أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فِيهَا فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي طَلْقَةً بَائِنَةً وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا أَتَتْ بِالْأَصْلِ وَزِيَادَةِ وَصْفٍ فَيَلْغُو الْوَصْفُ وَيَبْقَى الْأَصْلُ وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك وَاحِدَةً بَائِنَةً فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً وَقَعَتْ بَائِنَةً اعْتِبَارًا لِأَمْرِ الزَّوْجِ وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ إنْ شِئْت الثَّلَاثَ وَهِيَ مَا شَاءَتْ الثَّلَاثَ فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك وَاحِدَةً إنْ شِئْت فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا فَكَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ مَشِيئَةَ الثَّلَاثِ لَيْسَ مَشِيئَةً لِلْوَاحِدَةِ وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ مَشِيئَةَ الثَّلَاثِ مَشِيئَةٌ لِلْوَاحِدَةِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ لَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>