للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنْ كُنْت تُحِبِّينِي أَوْ تَبْغُضِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ أَنَا أُحِبُّك أَوْ أَبْغَضُك وَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِنْ كَانَ فِي قَلْبِهَا بِخِلَافِ مَا أَظْهَرَتْ) وَإِنْ قَالَ إنْ كُنْتِ تُحِبِّينِي بِقَلْبِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ أَنَا أُحِبُّك وَهِيَ كَاذِبَةٌ طَلُقَتْ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ الْمَحَبَّةَ إذَا عَلِقَتْ بِالْقَلْبِ يُرَادُ بِهَا حَقِيقَةُ الْحُبِّ وَلَمْ يُوجَدْ وَهُمَا يَقِيسَانِهِ عَلَى الْأَوَّلِ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ طَلَاقًا بَائِنًا فَمَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَرِثَتْ مِنْهُ) ، وَكَذَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَمَعْنَاهُ إذَا طَلَّقَهَا بِغَيْرِ سُؤَالٍ مِنْهَا وَلَا رِضًا أَمَّا إذَا سَأَلَتْهُ ذَلِكَ فَطَلَّقَهَا بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا أَوْ خَالَعَهَا أَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَمَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَا تَرِثُ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِإِبْطَالِ حَقِّهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْبَائِنَ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ لَا يُحَرِّمُ الْمِيرَاثَ فِي الْعِدَّةِ سَوَاءٌ طَلَّقَهَا بِسُؤَالِهَا أَوْ بِغَيْرِ سُؤَالِهَا؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُ النِّكَاحَ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا فِي صِحَّتِهِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَمَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَرِثَتْ مِنْهُ وَانْقَلَبَتْ عِدَّتُهَا إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ إذَا أَبَانَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَرِثَتْ مِنْ الزَّوْجِ، وَهُوَلَا يَرِثُ مِنْهَا وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ وَقْتَ الطَّلَاقِ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ أَمَّا إذَا كَانَتْ وَقْتَ الطَّلَاقِ مَمْلُوكَةً أَوْ كِتَابِيَّةً ثُمَّ أُعْتِقَتْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ أَسْلَمَتْ لَا تَرِثُ؛ لِأَنَّ الْفِرَارَ لَمْ يُوجَدْ وَإِنْ قَالَتْ لَهُ فِي مَرَضِهِ طَلِّقْنِي لِلرَّجْعَةِ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَرِثَتْ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُ النِّكَاحَ فَلَمْ تَكُنْ بِسُؤَالِهَا رَاضِيَةً بِإِبْطَالِ حَقِّهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ صَحَّ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَرِثْهُ.

وَقَالَ زُفَرُ تَرِثُهُ ثُمَّ الْمَرِيضُ الَّذِي تَرِثُهُ الْمُطَلَّقَةُ أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا مَرَضًا لَا يَعِيشُ مِنْهُ غَالِبًا وَيَخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكَ غَالِبًا بِأَنْ يَكُونَ صَاحِبَ فِرَاشٍ لَا يَجِيءُ وَلَا يَذْهَبُ إلَى أَنْ يَمُوتَ وَقِيلَ أَنْ يَكُونَ مُضْنًى لَا يَقُومُ إلَّا بِشِدَّةٍ، وَهُوَ فِي حَالٍ يَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ قَاعِدًا أَمَّا إذَا كَانَ يَذْهَبُ وَيَجِيءُ، وَهُوَ يُحَمُّ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ وَإِنْ قُدِّمَ لِيُقْتَلَ قِصَاصًا أَوْ رَجْمًا فَطَلَّقَ حِينَئِذٍ وَرِثَتْ، وَكَذَا إذَا انْكَسَرَتْ بِهِ السَّفِينَةُ وَبَقِيَ عَلَى لَوْحٍ أَوْ وَقَعَ فِي فَمِ سَبُعٍ فَطَلَّقَ ثَلَاثًا وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ وَرِثَتْ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ) سَوَاءٌ سَمِعَ الِاسْتِثْنَاءَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ إذَا كَانَ قَدْ حَرَّكَ بِهِ لِسَانَهُ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْكَرْخِيِّ.

وَقَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ لَا يَصِحُّ مَا لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ فَإِنْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَإِنْ قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ بِاسْتِثْنَاءٍ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ فِي الْقَضَاءِ وَهُوَ يَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ إنْ كَانَ أَرَادَ الِاسْتِثْنَاءَ وَأَمَّا إذَا قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ إجْمَاعًا وَكَذَا إذَا قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَنْتِ طَالِقٌ بِالْوَاوِ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ إجْمَاعًا كَذَا فِي شَرْحِهِ وَفِي الْخُجَنْدِيِّ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ بِذِكْرِ الْوَاوِ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَإِنْ قَدَّمَ ذِكْرَ الطَّلَاقِ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَثْنِيًا وَإِنْ قَالَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَوْ إذَا شَاءَ اللَّهُ أَوْ بِقَضَاءِ اللَّهِ أَوْ بِقُدْرَةِ اللَّهِ أَوْ بِمَا أَحَبَّ اللَّهُ أَوْ بِمَا أَرَادَ اللَّهُ فَهُوَ مِثْلَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ وَكَذَا إذَا عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ مَنْ لَا يَظْهَرُ لَنَا مَشِيئَتُهُ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا إذَا قَالَ إنْ شَاءَ جِبْرِيلُ أَوْ الْمَلَائِكَةُ أَوْ الْجِنُّ أَوْ إبْلِيسُ، وَكَذَا إذَا ضَمَّ مَعَ مَشِيئَةِ اللَّهِ مَشِيئَةَ غَيْرِهِ كَمَا إذَا قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ زَيْدٌ فَشَاءَ زَيْدٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ وُقِفَ عَلَى مَشِيئَةِ زَيْدٍ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ شَاءَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ طَلُقَتْ، وَكَذَا إذَا كَانَ غَائِبًا وُقِفَ عَلَى مَجْلِسِ عِلْمِهِ وَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ فَإِنْ شَاءَ فِي الْمَجْلِسِ وَقَعَ وَإِنْ قَامَ بَطَلَ وَصُورَةُ مَشِيئَتِهِ أَنْ يَقُولَ شِئْت مَا جَعَلَهُ إلَى فُلَانٍ وَلَا يَشْتَرِطُ نِيَّةَ الطَّلَاقِ وَلَا ذِكْرَهُ وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَعَ عَلَيْهَا ثَلَاثٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ الِاسْتِثْنَاءُ جَائِزٌ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قَالَ ثَلَاثًا وَوَاحِدَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعَدَدَ الثَّانِيَ لَغْوٌ لَا حُكْمَ لَهُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ وَاللَّغْوُ حَشْوٌ فَيَفْصِلُ بَيْنَ الْإِيقَاعِ وَالِاسْتِثْنَاءِ كَالسُّكُوتِ وَلَهُمَا أَنَّهُ كَلَامٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ فَكَأَنَّهُ قَالَ سِتًّا إنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ جَائِزٌ إجْمَاعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>