للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمُحَمَّدٌ الْمُسْتَسْعَى بِمَنْزِلَةِ حُرٍّ مَدْيُونٍ لِأَنَّ الْعِتْقَ وُقُوعٌ فِي جَمِيعِهِ وَإِنَّمَا يُؤَدِّي دَيْنَهُ مَعَ الْحُرِّيَّةِ فَهُوَ كَسَائِرِ الْأَحْرَارِ ثُمَّ الْمُسْتَسْعَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى ضَرْبَيْنِ كُلُّ مَنْ يَسْعَى فِي تَخْلِيصِ رَقَبَتِهِ فَهُوَ كَالْمُكَاتَبِ وَكُلُّ مَنْ يَسْعَى فِي بَدَلِ رَقَبَتِهِ الَّذِي لَزِمَهُ بِالْعِتْقِ فَهُوَ كَالْحُرِّ فِي أَحْكَامِهِ وَكَالْمَرْهُونِ، وَالْمَأْذُونِ إذَا أَعْتَقَا وَعَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ، وَالْأَمَةُ إذَا أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَأَبَتْ فَإِنَّهَا تَسْعَى فِي قِيمَتِهَا وَهِيَ حُرَّةٌ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ عَتَقَ) يَعْنِي إذَا قَالَ: نَصِيبِي مِنْك حُرّ أَوْ قَالَ: نِصْفُك حُرٌّ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ أَمَّا إذَا قَالَ نَصِيبُ صَاحِبِي حُرٌّ لَا يَعْتِقُ إجْمَاعًا قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَشَرِيكُهُ بِالْخِيَارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ شَرِيكَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ) الْمُعْتِقُ إذَا كَانَ مُوسِرًا فَلِشَرِيكِهِ ثَلَاثُ خِيَارَاتٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: إنْ شَاءَ أَعْتَقَ كَمَا أَعْتَقَ شَرِيكُهُ لِقِيَامِ مِلْكِهِ فِي الْبَاقِي إذْ الْإِعْتَاقُ عِنْدَهُ يَتَجَزَّأُ أَوْ يَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سِوَى الْإِعْتَاقِ وَتَوَابِعِهِ وَمَتَى ضَمِنَهُ فَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلضَّامِنِ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَى مِلْكِهِ حِينَ يَمْلِكُهُ بِالضَّمَانِ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ لِأَنَّ يَسَارَ الْمُعْتِقِ لَا يَمْنَعُ السِّعَايَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَيُّ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَ الشَّرِيكُ مِنْ الْعِتْقِ أَوْ السِّعَايَةِ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا فَالشَّرِيكُ بِالْخِيَارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ) وَلَيْسَ لَهُ التَّضْمِينُ، وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَيْسَ لَهُ إلَّا الضَّمَانُ مَعَ الْيَسَارِ أَوْ السِّعَايَةِ مَعَ الْإِعْسَارِ) لِأَنَّ الْمُعْتِقَ إذَا كَانَ مُوسِرًا فَقَدْ وَجَبَ لَهُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلَّذِي لَمْ يَعْتِقْ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ مَعَ يَسَارِ الْمُعْتِقِ عِنْدَهُمَا ثُمَّ إذَا ضَمِنَ الْمُعْتِقُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْعَبْدِ عِنْدَهُمَا، وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ لِأَنَّ الْعِتْقَ كُلَّهُ مِنْ جِهَتِهِ لِعَدَمِ التَّجَزُّؤِ عِنْدَهُمَا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا السِّعَايَةُ، وَالْوَلَاءُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا عَلَى قَوْلِهِمَا لِلْمُعْتِقِ لِأَنَّ الْعَبْدَ عَتَقَ بِإِعْتَاقِهِ وَانْتَقَلَ نَصِيبُ شَرِيكِهِ إلَيْهِ وَيَعْنِي بِالْوَجْهَيْنِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا ثُمَّ لَا يَرْجِعُ الْمُسْتَسْعَى عَلَى الْمُعْتِقِ بِمَا أَدَّى بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ سَعَى لِفِكَاكِ رَقَبَتِهِ لَا لِقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَى الْمُعْتِقِ إذْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعُسْرَتِهِ بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ إذَا أَعْتَقَهُ الرَّاهِنُ الْمُعْسِرُ فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَسْعَى فِي رَقَبَةٍ قَدْ فُكَّتْ أَوْ يَقْضِي دَيْنًا عَلَى الرَّاهِنِ فَلِهَذَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَعْتَقَ الثَّانِي بَعْدَهُ فَلِلثَّالِثِ أَنْ يُضَمِّنَ الْأَوَّلَ إذَا كَانَ مُوسِرًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ لِيُسَاوِيَهُ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الثَّانِيَ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ النَّقْلِ إلَى الْأَوَّلِ وَذَلِكَ النَّقْلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ الْوَلَاءِ، وَالْوَلَاءُ لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ ثُمَّ إذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ الْأَوَّلِ فَلِلْأَوَّلِ أَنْ يَعْتِقَ لِأَنَّ السَّهْمَ انْتَقَلَ إلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ الْمُضَمِّنِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ الثَّانِيَ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ وَقَدْ قَامَ هَذَا مَقَامَهُ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَمَّا عَلَى أَصْلِهِمَا لَمَّا أَعْتَقَ الْأَوَّلُ عَتَقَ جَمِيعُ الْعَبْدِ فَعِتْقُ الثَّانِي بَاطِلٌ ثُمَّ مَعْرِفَةُ الْيَسَارِ هُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ مَالِكًا لِمِقْدَارِ قِيمَةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ يَعْنِي إذَا كَانَ لَهُ مِنْ الْمَالِ أَوْ الْعُرُوضِ مِقْدَارُ قِيمَةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُهُ وَهُوَ الْمُعْسِرُ الْمُرَادُ بِالْخَبَرِ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَخْلِيصِ الْعَبْدِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي الضَّمَانِ، وَالسِّعَايَةِ يَوْمَ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْعِتْقَ سَبَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>