فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُوسِرًا فَلَا سِعَايَةَ لِلشَّاهِدِ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ عَتَقَ بِإِعْتَاقِ شَرِيكِهِ وَلَا حَقَّ لَهُ إلَّا الضَّمَانُ فَقَدْ أَبْرَأ الْعَبْدَ مِنْ السِّعَايَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُعْسِرًا فَلِلشَّاهِدِ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ لِأَنَّ السِّعَايَةَ تَثْبُتُ مَعَ الْإِعْسَارِ وَأَمَّا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فَيُسْتَسْعَى بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّ نَصِيبَهُ عَلَى مِلْكِهِ وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِسُقُوطِ حَقِّهِ مِنْ السِّعَايَةِ فَكَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: الْوَلَاءُ مَوْقُوفٌ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يَزْعُمُ أَنَّ الْوَلَاءَ لِشَرِيكِهِ وَشَرِيكُهُ يَجْحَدُ فَلِهَذَا وَقَفَ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلشَّيْطَانِ أَوْ لِلصَّنَمِ عَتَقَ) إلَّا أَنَّهُ إذَا قَالَ لِلشَّيْطَانِ أَوْ لِلصَّنَمِ كَفَرَ، وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
قَوْلُهُ: (وَعِتْقُ الْمُكْرَهِ، وَالسَّكْرَانِ وَاقِعٌ) كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَتَجِبُ الْقِيمَةُ عَلَى الْمُكْرِهِ وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ أَوْ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ وَكَذَا إذَا قَالَ: إذَا شَاءَ هَذَا الْحَائِطُ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ لَمْ يَعْتِقْ، وَلَوْ قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَنْتَ حُرٌّ لَا يَعْتِقُ وَإِنْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتَ حُرٌّ لَا يَعْتِقُ عِنْدَهُمَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَعْتِقُ وَإِنْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَنْتَ حُرٌّ يَعْتِقُ بِالْإِجْمَاعِ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا قَالَ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى مِلْكٍ أَوْ شَرْطٍ صَحَّ كَمَا يَصِحُّ فِي الطَّلَاقِ) فَالْإِضَافَةُ إلَى الشَّرْطِ مِثْلُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتَ حُرٌّ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ وَإِخْرَاجُهُ عَنْ مِلْكِهِ فِي ذَلِكَ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْعِتْقِ بِالشَّرْطِ لَا يُزِيلُ مِلْكَهُ إلَّا فِي التَّدْبِيرِ خَاصَّةً وَإِذَا قَالَ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْعَبْدُ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فِيمَا أَسْتَقْبِلُ فَهُوَ حُرٌّ فَعَتَقَ ثُمَّ مَلَكَ مَمْلُوكًا: لَا يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَعْتِقُ وَإِنْ قَالَ إذَا أَعْتَقْت فَمَلَكْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ فَأَعْتَقَ فَمَلَكَ عَبْدًا عَتَقَ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ أَضَافَ الْحُرِّيَّةَ إلَى مِلْكٍ صَحِيحٍ وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهُوَ عَلَى كُلِّ مَنْ يَمْلِكُهُ يَوْمَ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَلَا يَعْتِقُ مَنْ اسْتَقْبَلَ مِلْكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: إذَا اشْتَرَيْت مَمْلُوكَيْنِ فَهُمَا حُرَّانِ فَاشْتَرَى أَمَةً حَامِلًا لَمْ يَعْتِقَا، وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي غَيْرَك حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ حَمْلُهَا لِأَنَّ اسْمَ الْمَمْلُوكِ لَا يَتَنَاوَلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ فِطْرِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَمَالِيكِهِ، وَلَوْ قَالَ إنَّ عَبْدًا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ نَسَمَةٍ أَوْ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ لَزِمَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ، وَإِنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ اشْتَرَيْت هَذِهِ الشَّاةَ فَهِيَ هَدْيٌ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ حَتَّى يَقُولَ إنْ اشْتَرَيْتهَا بَعْدَ الْعِتْقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَلْزَمُهُ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا خَرَجَ عَبْدُ الْحَرْبِيِّ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَيْنَا مُسْلِمًا عَتَقَ) لِأَنَّهُ مَلَكَ نَفْسَهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَلَا اسْتِرْقَاقَ عَلَى الْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ بَلْ يَكُونُ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ خَرَجَ الْعَبْدُ لَيْسَ مُسْتَأْمَنًا فِي تِجَارَةٍ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ فَأَسْلَمَ بَاعَهُ الْإِمَامُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ لِمَوْلَاهُ لِأَنَّا أَمَّنَّاهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَبْقِيَتُهُ عَلَى مِلْكِ الْكَافِرِ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ مَذَلَّةِ اسْتِرْقَاقِ الْكَافِرِ لَهُ، وَلَوْ كَانَ مَوْلَاهُ حَاضِرًا أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ فَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَنَا بِأَمَانٍ وَاشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا وَأَدْخَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ عَتَقَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَعْتِقُ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَعْتَقَ جَارِيَةً حَامِلًا عَتَقَتْ وَعَتَقَ حَمْلُهَا) لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهَا كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا لِاتِّصَالِهِ بِهَا، وَلَوْ أَنَّ جَارِيَةً مُوصًى بِهَا لِرَجُلٍ وَبِحَمْلِهَا الْآخَرِ فَأَعْتَقَ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ الْأُمَّ عَتَقَ الْحَمْلُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَعْتَقَ الْحَمْلَ خَاصَّةً عَتَقَ وَلَمْ تَعْتِقْ الْأُمُّ) يَعْنِي إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا وُجُودَهُ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ لَمْ يَعْتِقْ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ فَلَا تَعْتِقُ بِالشَّكِّ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ فِي عِدَّةِ زَوْجٍ وَجَاءَتْ بِهِ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَالْآخَرُ لِأَكْثَرَ مِنْهَا عَتَقَا جَمِيعًا لِأَنَّهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ وَإِذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: إذَا وَلَدْت وَلَدًا فَهُوَ حُرٌّ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ فِي مِلْكِهِ عَتَقَ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ مِثْلُ أَنْ تَلِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ يَبِيعَهَا فَتَلِدَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَا يَعْتِقُ.
وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: إذَا وَلَدْت وَلَدًا فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا ثُمَّ وَلَدًا حَيًّا فَإِنَّ الثَّانِيَ يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَعْتِقُ لِأَنَّ شَرْطَ الْيَمِينِ وُجُودُ الْأَوَّلِ فَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِوَضْعِهِ وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ عَلَى الثَّانِي وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعِتْقَ لَمَّا لَمْ يَقَعْ إلَّا عَلَى حَيٍّ وَاسْتَحَالَ وُقُوعُهُ عَلَى الْمَيِّتِ صَارَتْ الْحَيَاةُ مَشْرُوطَةً فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ إذَا قَالَ: أَوَّلُ عَبْدٍ يَدْخُلُ عَلَيَّ فَهُوَ حُرٌّ فَأَدْخَلَ عَلَيْهِ عَبْدٌ مَيِّتٌ ثُمَّ بَعْدَهُ عَبْدٌ حَيٌّ عَتَقَ الْحَيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute