للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْفَعَتَهَا لَا تَتَفَاوَتُ وَكَذَا الْيَدُ وَمَنْ نَزَعَ سِنَّ رَجُلٍ فَانْتَزَعَ الْمَنْزُوعَةُ سِنُّهُ سِنَّ النَّازِعِ فَنَبَتَ سِنُّ الْأَوَّلِ فَعَلَى الْأَوَّلِ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ اسْتَوْفَى بِغَيْرِ حَقٍّ لِأَنَّهُ لَمَّا نَبَتَتْ أُخْرَى انْعَدَمَتْ الْجِنَايَةُ؛ وَلِهَذَا يَسْتَأْنِي حَوْلًا وَقِيلَ إنْ فِي سِنِّ الْبَالِغِ لَا يَسْتَأْنِي لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهَا أَنَّهَا لَا تَنْبُتُ، وَالنَّادِرُ لَا عِبْرَةَ بِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لَكِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ فِي الْقَلْعِ أَمَّا فِي التَّحْرِيكِ يَسْتَأْنِي حَوْلًا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا، وَلَوْ قَلَعَهَا مِنْ أَصْلِهَا عَمْدًا لَمْ تُقْلَعْ سِنُّ الْقَالِعِ بَلْ تُؤْخَذُ بِالْمِبْرَدِ إلَى أَنْ تَنْتَهِيَ إلَى اللَّحْمِ وَيَسْقُطَ مَا سِوَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَفِي كُلِّ شَجَّةٍ يُمْكِنُ فِيهَا الْمُمَاثَلَةُ الْقِصَاصُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] قَوْلُهُ: (وَلَا قِصَاصَ فِي عَظْمٍ إلَّا فِي السِّنّ) وَلَا تُؤْخَذُ الْيُمْنَى بِالْيُسْرَى وَلَا الْيُسْرَى بِالْيُمْنَى وَتُؤْخَذُ الثَّنِيَّةُ بِالثَّنِيَّةِ، وَالنَّابُ بِالنَّابِ، وَالضِّرْسُ بِالضِّرْسِ وَلَا يُؤْخَذُ الْأَعْلَى بِالْأَسْفَلِ وَلَا الْأَسْفَلُ بِالْأَعْلَى، وَلَوْ كَسَرَ بَعْضَ السِّنِّ يُؤْخَذُ مِنْ سِنِّ الْكَاسِرِ بِقَدْرِ ذَلِكَ بِالْمِبْرَدِ وَلَا قِصَاصَ فِي السِّنِّ الزَّائِدَةِ وَإِنَّمَا تَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَلَا قِصَاصَ فِي اللَّطْمَةِ، وَاللَّكْمَةِ، وَاللَّكْزَةِ، وَالْوَجَاءَةِ، وَالدَّقَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ شِبْهُ عَمْدٍ إنَّمَا هُوَ عَمْدٌ أَوْ خَطَأٌ) سَوَاءٌ كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ بِسِلَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ وَإِذَا آلَتْ الضَّرْبَةُ إلَى النَّفْسِ فَإِنْ كَانَتْ بِحَدِيدَةٍ أَوْ خَشَبَةٍ مُحَدَّدَةٍ فَفِيهِ الْقِصَاصُ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَتْ بِشَيْءٍ لَا يَعْمَلُ عَمَلَ السِّلَاحِ فَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّ السِّرَايَةَ تَبَعٌ لِلْجِنَايَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا قِصَاصَ بَيْنَ الرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ) حَتَّى لَوْ قَطَعَ يَدَهَا عَمْدًا لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ لِأَنَّ الْأَرْشَ مُخْتَلِفُ الْمِقْدَارِ، وَالتَّكَافُؤُ مُعْتَبَرٌ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ الْيَمِينَ بِالْيَسَارِ وَلَا الْيَدَ الصَّحِيحَةَ بِالشَّلَّاءِ وَنَاقِصَةِ الْأَصَابِعِ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ فِي الْأَنْفُسِ فَإِنَّ التَّكَافُؤَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ؛ وَلِهَذَا يُقْتَلُ الصَّحِيحُ بِالزَّمِنِ، وَالْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ فَإِنْ كَانَ التَّكَافُؤُ مُعْتَبَرًا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَلَا تَكَافُؤَ بَيْنَ يَدِ الرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ لِأَنَّ يَدَهَا تَصْلُحُ لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ يَدُهُ كَالطَّحْنِ، وَالْخَبْزِ، وَالْغَزْلِ وَإِذَا سَقَطَ الْقِصَاصُ وَجَبَ الْأَرْشُ فِي مَالِهِ حَالًّا.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجْرِي الْقِصَاصُ بَيْنَهُمَا اعْتِبَارًا بِالْأَنْفُسِ (قَوْلُهُ: وَلَا بَيْنَ الْحُرِّ، وَالْعَبْدِ) لِأَنَّ يَدَ الْعَبْدِ لَا تُكَافِئُ يَدَ الْحُرِّ لِأَنَّ أَرْشَهُمَا مُخْتَلِفٌ فَأَرْشُ يَدِ الْعَبْدِ قِيمَتُهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ) لِأَنَّ اتِّفَاقَهُمَا لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالْحَزْرِ، وَالظَّنِّ.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْأَطْرَافِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ، وَالْكَافِرِ) يَعْنِي الذِّمِّيَّ وَكَذَا بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ الْحُرَّتَيْنِ، وَالْمُسْلِمَةِ، وَالْكِتَابِيَّةِ وَكَذَا بَيْنَ الْكِتَابِيَّتَيْنِ، وَلَوْ رَمَى بِسَهْمٍ إلَى مُسْلِمٍ فَقَبْلَ أَنْ يَقَعَ فِيهِ السَّهْمُ ارْتَدَّ الْمَرْمِيُّ إلَيْهِ فَوَقَعَ بِهِ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّامِي فِي الْخَطَأِ، وَفِي مَالِهِ فِي الْعَمْدِ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ لِلشُّبْهَةِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَاعْتُبِرَ حَالَةُ خُرُوجِ السَّهْمِ وَعِنْدَهُمَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسًا مُبَاحَةَ الدَّمِ، وَلَوْ رَمَى إلَى مُرْتَدٍّ فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُقُوعِ السَّهْمِ ثُمَّ وَقَعَ بِهِ وَهُوَ مُسْلِمٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

وَقَالَ زُفَرُ تَجِبُ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ حَالَةُ الْإِصَابَةِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ أَوْ جَرَحَهُ جَائِفَةً) فَبَرِئَ مِنْهَا فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْمُمَاثَلَةِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ السَّاعِدَ عَظْمٌ وَلَا قِصَاصَ فِي عَظْمٍ وَلِأَنَّ هَذَا كَسْرٌ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكْسِرَ سَاعِدَهُ مِثْلَ مَا كَسَرَهُ وَكَذَا إذَا قَطَعَ نِصْفَ السَّاقِ وَكَذَا إذَا جَرَحَهُ جَائِفَةً لَا قِصَاصَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْمُمَاثَلَةُ وَيَجِبُ الْأَرْشُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَتْ يَدُ الْمَقْطُوعِ صَحِيحَةً وَيَدُ الْقَاطِعِ شَلَّاءَ أَوْ نَاقِصَةَ الْأَصَابِعِ فَالْمَقْطُوعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَطَعَ الْيَدَ الْمَعِيبَةَ وَلَا شَيْء لَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْشَ كَامِلًا) وَلَا يُشْبِهُ هَذَا إذَا قَطَعَ لَهُ أُصْبُعَيْنِ وَلَيْسَ لِلْقَاطِعِ إلَّا أُصْبُعٌ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ يَقْطَعُهَا وَيَأْخُذُ أَرْشَ الْأُخْرَى وَمَنْ قَطَعَ أُصْبُعًا زَائِدَةً، وَفِي يَدِهِ مِثْلُهَا فَلَا قِصَاصَ

<<  <  ج: ص:  >  >>