وَفِي النَّفْسِ الدِّيَةُ، وَفِي الْمَارِنِ الدِّيَةُ) وَهُوَ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ وَيُسَمَّى الْأَرْنَبَةَ، وَلَوْ قُطِعَ الْمَارِنُ مَعَ الْقَصَبَةِ لَا يُزَادُ عَلَى دِيَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ عُضْوٌ وَاحِدٌ.
قَوْلُهُ: (وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ) يَعْنِي اللِّسَانَ الْفَصِيحَ أَمَّا لِسَانُ الْأَخْرَسِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ وَكَذَا فِي قَطْعِ بَعْضِ اللِّسَانِ إذَا مَنَعَ الْكَلَامَ تَجِبُ الدِّيَةَ كَامِلَةً لِتَفْوِيتِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّكَلُّمِ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ دُونَ بَعْضٍ قُسِمَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَدَدِ الْحُرُوفِ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا فَمَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ الْحُرُوفِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ وَمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِيهِ الدِّيَةُ بِقِسْطِهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى حُرُوفِ اللِّسَانِ وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَرْفًا الْأَلِفُ، وَالتَّاءُ، وَالثَّاءُ، وَالدَّالُ، وَالْجِيمُ، وَالذَّالُ، وَالرَّاءُ، وَالزَّايُ، وَالسِّينُ، وَالشِّينُ، وَالصَّادُ، وَالضَّادُ، وَالطَّاءُ، وَالظَّاءُ، وَالْكَافُ، وَاللَّامُ، وَالنُّونُ، وَالْيَاءُ قَالَ الْإِمَامُ خواهر زاده وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
قَوْلُهُ: (وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ) يَعْنِي الذَّكَرَ الصَّحِيحَ أَمَّا ذَكَرُ الْعِنِّينِ، وَالْخَصِيِّ، وَالْخُنْثَى فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ بِقَطْعِ الذَّكَرِ لِأَنَّهُ يَفُوتُ بِذَلِكَ مَنْفَعَةُ الْوَطْءِ، وَالْإِيلَاجِ، وَالرَّمْيِ بِالْبَوْلِ وَدَفْعُ الْمَاءِ الَّذِي هُوَ طَرِيقُ الْإِعْلَاقِ وَكَذَا فِي الْحَشَفَةِ الدِّيَةُ كَامِلَةً لِأَنَّهَا أَصْلٌ فِي مَنْفَعَةِ الْإِيلَاجِ، وَالدَّفْقِ، وَالْقَصَبَةُ كَالتَّابِعِ لَهَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا قَطَعَ الذَّكَرَ، وَالْأُنْثَيَانِ بَاقِيَتَانِ أَمَّا إذَا قُطِعَ وَقَدْ كَانَتَا قُطِعَتَا فَفِيهِ حُكُومَةٌ لِأَنَّهُ بِقَطْعِهَا يَصِيرُ خَصِيًّا، وَفِي ذَكَرِ الْخَصِيِّ حُكُومَةٌ وَلِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لِلذَّكَرِ مَعَ فَقْدِهِمَا وَإِنْ قَطَعَ الْأُنْثَيَيْنِ، وَالذَّكَرَ بِدَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ إنْ قَطَعَهُمَا عَرَضًا يَجِبُ دِيَتَانِ وَإِنْ قَطَعَهُمَا طُولًا إنْ قَطَعَ الذَّكَرَ أَوَّلًا ثُمَّ الْأُنْثَيَيْنِ يَجِبُ دِيَتَانِ وَإِنْ بَدَأَ بِالْأُنْثَيَيْنِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالذَّكَرِ فَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَفِي الذَّكَرِ حُكُومَةٌ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لِلذَّكَرِ مَعَ فَقْدِهِمَا، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: الْأَعْضَاءُ الَّتِي تَجِبُ فِي كُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ ثَلَاثَةٌ اللِّسَانُ، وَالْأَنْفُ، وَالذَّكَرُ.
قَوْلُهُ: (وَفِي الْعَقْلِ إذَا ضَرَبَ رَأْسَهُ فَذَهَبَ عَقْلُهُ الدِّيَةُ) لِأَنَّ بِذَهَابِ الْعَقْلِ يَتْلَفُ مَنْفَعَةُ الْأَعْضَاءِ فَصَارَ كَتَلَفِ النَّفْسِ وَلِأَنَّ أَفْعَالَ الْمَجْنُونِ تَجْرِي مَجْرَى أَفْعَالِ الْبَهَائِمِ وَكَذَا إذَا ذَهَبَ سَمْعُهُ أَوْ بَصَرُهُ أَوْ شَمُّهُ أَوْ ذَوْقُهُ أَوْ كَلَامُهُ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَضَى فِي رَجُلٍ وَاحِدٍ بِأَرْبَعِ دِيَاتٍ ضُرِبَ عَلَى رَأْسِهِ فَذَهَبَ عَقْلُهُ وَكَلَامُهُ وَسَمْعُهُ وَبَصَرُهُ.
قَوْلُهُ: (وَفِي اللِّحْيَةِ إذَا حُلِقَتْ فَلَمْ تَنْبُتْ الدِّيَةُ) يَعْنِي لِحْيَةَ الرَّجُلِ أَمَّا لِحْيَةُ الْمَرْأَةِ فَلَا شَيْءَ فِيهَا لِأَنَّهَا نَقْصٌ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيِّ أَنَّ اللِّحْيَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إنْ كَانَتْ وَافِرَةً تَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَإِنْ كَانَتْ شُعَيْرَاتٍ قَلِيلَةً مُجْتَمَعَةً لَا يَقَعُ بِهَا جَمَالٌ كَامِلٌ فَفِيهَا حُكُومَةٌ وَإِنْ كَانَتْ شَعَرَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ تَشِينُهُ فَلَا شَيْءَ فِيهَا لِأَنَّهُ أَزَالَ عَنْهُ الشَّيْنَ فَإِنْ نَبَتَتْ بَيْضَاءَ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ فِي الْحُرِّ، وَفِي الْعَبْدِ تَجِبُ حُكُومَةٌ لِأَنَّهَا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ حُكُومَةٌ فِي الْحُرِّ أَيْضًا وَيَسْتَوِي الْعَمْدُ، وَالْخَطَأُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَفِي الشَّارِبِ حُكُومَةٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلِّحْيَةِ فَصَارَ كَبَعْضِ أَطْرَافِهَا، وَفِي لِحْيَةِ الْعَبْدِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ حُكُومَةٌ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قِيمَتُهُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ فِيهَا كَالدِّيَةِ فِي الْحُرِّ كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ، وَفِي الْحَاجِبَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُ الدِّيَةِ.
قَوْلُهُ: (، وَفِي شَعْرِ الرَّأْسِ الدِّيَةُ) يَعْنِي إذَا لَمْ يَنْبُتْ سَوَاءٌ حَلَقَهُ أَوْ نَتَفَهُ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الرَّجُلُ، وَالْمَرْأَةُ لِأَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي التَّجَمُّلِ بِهِ وَأَمَّا شَعْرُ الصَّدْرِ، وَالسَّاقِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ لِأَنَّهُ لَا يُتَجَمَّلُ بِهِ الْجَمَالَ الْكَامِلَ وَلَا قِصَاصَ فِي الشَّعْرِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْمُمَاثَلَةُ فِيهِ وَإِنْ حَلَقَ رَأْسَ رَجُلٍ فَنَبِتْ أَبْيَضَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا شَيْءَ فِيهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ حُكُومَةٌ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَفِيهِ أَرْشُ النُّقْصَانِ. قَوْلُهُ: (، وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الْيَدَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الرِّجْلَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الْأُذُنَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي ثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ الدِّيَةُ، وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ نِصْفُ الدِّيَةِ) ، وَفِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute