للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى دَارِ رَجُلٍ فَالْمُطَالَبَةُ إلَى مَالِكِ الدَّارِ خَاصَّةً) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَإِنْ كَانَ فِيهَا سُكَّانٌ فَلَهُمْ أَنْ يُطَالِبُوهُ سَوَاءٌ سَكَنُوهَا بِإِجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا اصْطَدَمَ فَارِسَانِ فَمَاتَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا دِيَةُ الْآخَرِ) هَذَا إذَا كَانَ الِاصْطِدَامُ خَطَأً أَمَّا إذَا كَانَ عَمْدًا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْخَطَأِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاتَ مِنْ صَدْمَةِ صَاحِبِهِ فَالْمَوْتُ مُضَافٌ إلَى فِعْلِ صَاحِبِهِ لِأَنَّ فِعْلَهُ فِي نَفْسِهِ مُبَاحٌ وَهُوَ الْمَشْيُ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يَصِحُّ سَبَبًا لِلضَّمَانِ وَيَكُونُ مُلْزَمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَأَمَّا إذَا اصْطَدَمَا عَمْدًا فَمَاتَا فَإِنَّهُمَا مَاتَا بِفِعْلَيْنِ مَحْظُورَيْنِ وَقَدْ مَاتَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ غَيْرِهِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ مَدَّا حَبْلًا وَجَذَبَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى نَفْسِهِ فَانْقَطَعَ بَيْنَهُمَا فَسَقَطَا فَمَاتَا فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إنْ سَقَطَا جَمِيعًا عَلَى ظُهُورِهِمَا فَلَا ضَمَانَ فِيهِمَا وَيَكُونَانِ هَدَرًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاتَ بِجِنَايَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ إذْ لَوْ أَثَّرَ فِعْلُ صَاحِبِهِ فِيهِ لَجَذَبَهُ إلَى نَفْسِهِ فَكَانَ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ وَإِنْ سَقَطَا جَمِيعًا عَلَى وُجُوهِهِمَا فَدِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاتَ بِجَذْبِ الْآخَرِ وَقُوَّتِهِ وَإِنْ سَقَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى قَفَاهُ، وَالْآخَرُ عَلَى وَجْهِهِ فَدِيَةُ السَّاقِطِ عَلَى وَجْهِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ.

وَأَمَّا الَّذِي سَقَطَ عَلَى قَفَاهُ فَدَمُهُ هَدَرٌ لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ وَإِنْ قَطَعَ الْحَبْلَ بَيْنَهُمَا قَاطِعٌ غَيْرُهُمَا فَسَقَطَا فَمَاتَا فَالضَّمَانُ عَلَى الْقَاطِعِ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ مِنْهُ وَيَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَلَوْ كَانَ صَبِيٌّ فِي يَدِ أَبِيهِ جَذَبَهُ رَجُلٌ مِنْ يَدِهِ، وَالْأَبُ يُمْسِكُهُ حَتَّى مَاتَ فَدِيَتُهُ عَلَى الْجَاذِبِ وَيَرِثُهُ أَبُوهُ لِأَنَّ الْأَبَ مُمْسِكٌ لَهُ بِحَقٍّ وَالْجَاذِبُ مُتَعَدٍّ فَكَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَجَاذَبَ رَجُلَانِ صَبِيًّا وَأَحَدُهُمَا يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنُهُ، وَالْآخَرُ يَدَّعِي عَبْدَهُ فَمَاتَ مِنْ جَذْبِهِمَا فَعَلَى الَّذِي يَدَّعِي أَنَّهُ عَبْدَهُ دِيَتُهُ لِأَنَّ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِي الْوَلَدِ إذَا زَعَمَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَبُوهُ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الَّذِي يَدَّعِي أَنَّهُ عَبْدَهُ فَصَارَ إمْسَاكُهُ بِحَقٍّ وَجَذْبُ الثَّانِي بِغَيْرِ حَقٍّ فَضَمِنَ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا فِي يَدِهِ ثَوْبٌ وَتَشَبَّثَ بِهِ آخَرُ فَجَذَبَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ مِنْ يَدِهِ فَتَخَرَّقَ ضَمِنَ الْمُمْسِكُ نِصْفَ الْخَرْقِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا عَضَّ ذِرَاعَ رَجُلٍ فَجَذَبَ ذِرَاعَهُ مِنْ فَمِهِ فَسَقَطَتْ أَسْنَانُهُ وَذَهَبَ لَحْمُ ذِرَاعِ الْآخَرِ فَالْأَسْنَانُ هَدَرٌ وَيَضْمَنُ الْعَاضُّ أَرْشَ الذِّرَاعِ لِأَنَّ الْعَضَّ ضَرَرٌ فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِالْجَذْبِ فَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ مِنْ سُقُوطِ الْأَسْنَانِ لَا يَضْمَنُهُ، وَلَوْ جَلَسَ رَجُلٌ بِجَنْبِ رَجُلٍ فَجَلَسَ عَلَى ثَوْبِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَقَامَ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَانْشَقَّ ثَوْبُهُ مِنْ جُلُوسِ هَذَا ضَمِنَ نِصْفَ الشَّقِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ عَلَيْهِ فَصَارَ ذَلِكَ تَعَدِّيًا وَقَدْ حَصَلَ التَّلَفُ مِنْ الْجُلُوسِ، وَالْجَذْبِ فَانْقَسَمَ الضَّمَانُ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ فَجَذَبَ الْآخَرُ يَدَهُ فَسَقَطَ الْجَاذِبُ فَمَاتَ إنْ كَانَ أَخَذَهَا لِيُصَافِحَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَخَذَهَا لِيَعْصِرَهَا فَأَذَاهُ فَجَذَبَهَا ضَمِنَ الْمُمْسِكُ لَهَا دِيَتَهُ لِأَنَّهُ إذَا صَافَحَهُ كَأَنْ جَذَبَ لَهَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فَصَارَ جَانِيًا عَلَى نَفْسِهِ وَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَعْصِرَهَا فَهُوَ دَافِعٌ لِلضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَزِمَ الْمُمْسِكَ الضَّمَانُ وَإِنْ انْكَسَرَتْ يَدُ الْمُمْسِكِ لَمْ يَضْمَنْ الْجَاذِبُ هَذَا كُلُّهُ فِي الْكَرْخِيِّ.

(مَسْأَلَةٌ) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَضَى عَلَى الْقَارِصَةِ، وَالْوَاقِصَةِ، وَالْقَامِصَةِ بِالدِّيَةِ أَثْلَاثًا ذَلِكَ أَنَّ ثَلَاثَ جَوَارٍ كُنَّ يَلْعَبْنَ فَرَكِبَتْ إحْدَاهُنَّ الْأُخْرَى فَجَاءَتْ الثَّالِثَةُ فَقَرَصَتْ الْمَرْكُوبَةَ فَقَمَصَتْ الْمَرْكُوبَةُ فَسَقَطَتْ الرَّاكِبَةُ فَانْدَقَّ عُنُقُهَا فَجَعَلَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الْقَارِصَةِ ثُلُثَ الدِّيَةِ وَعَلَى الْقَامِصَةِ الثُّلُثَ وَأَسْقَطَ الثُّلُثَ لِأَنَّ الْوَاقِصَةَ أَعَانَتْ عَلَى نَفْسِهَا وَرُوِيَ أَنَّ عَشَرَةً مَدُّوا نَخْلَةً فَسَقَطَتْ عَلَى أَحَدِهِمْ فَمَاتَ فَقَضَى عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعُشْرِ الدِّيَةِ وَأَسْقَطَ الْعُشْرَ لِأَنَّ الْمَقْتُولَ أَعَانَ عَلَى نَفْسِهِ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا قَتَلَ رَجُلٌ عَبْدًا خَطَأً فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) لَا يُزَادُ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ آلَافٍ أَوْ أَكْثَرَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِعَشَرَةِ آلَافٍ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَهَذَا قَوْلُهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَجِبُ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى مَالٍ فَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَلَهُمَا أَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى نَفْسِ آدَمِيٍّ فَلَا يُزَادُ عَلَى الدِّيَةِ كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْحُرِّ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِقَتْلِ الْعَبْدِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَقَوْلُهُ: إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ إنَّمَا قُدِّرَ النُّقْصَانُ بِهَا لِأَنَّ لَهَا أَصْلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>