للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْ إقْرَارِهِ قُبِلَ مِنْهُ وَسَقَطَ الْحَدُّ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لِلشَّهَادَةِ مَعَ الْإِقْرَارِ قَوْلُهُ: (وَالرَّجُلُ، وَالْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ) يَعْنِي فِي صِفَةِ الْحَدِّ وَقَبُولِ الرُّجُوعِ. قَوْلُهُ: (غَيْرَ أَنَّ) (الْمَرْأَةَ لَا يُنْزَعُ عَنْهَا مِنْ ثِيَابِهَا إلَّا الْفَرْوَ، وَالْحَشْوَ) لِأَنَّ فِي تَجْرِيدِهَا كَشْفُ عَوْرَتِهَا وَتُضْرَبُ جَالِسَةً لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا قَوْلُهُ: (وَإِنْ حَفَرَ لَهَا فِي الرَّجْمِ جَازَ) لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَفَرَ لِلْغَامِدِيَّةِ إلَى ثَدْيِهَا، وَالْحَفْرُ لَهَا أَحْسَنُ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا وَيُحْفَرُ لَهَا إلَى الصَّدْرِ وَلَا يُحْفَرُ لِلرَّجُلِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَحْفِرْ لِمَاعِزٍ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُقِيمُ الْمَوْلَى الْحَدَّ عَلَى عَبْدِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَرْبَعَةٌ إلَى الْوُلَاةِ الْجُمُعَةُ، وَالْفَيْءُ، وَالْحُدُودُ، وَالصَّدَقَاتُ» وَلِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَلِي ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يَلِيهِ عَلَى عَبْدِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَأَمَّا التَّعْزِيرُ فَلَهُ أَنْ يُقِيمَهُ عَلَى عَبْدِهِ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ.

. قَوْلُهُ: (وَإِذَا رَجَعَ أَحَدُ الشُّهُودِ بَعْدَ الْحُكْمِ قَبْلَ الرَّجْمِ ضُرِبُوا الْحَدَّ وَسَقَطَ الرَّجْمُ عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ) هَذَا قَوْلُهُمَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُحَدُّ الرَّاجِعُ وَحْدَهُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ قَدْ صَحَّتْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَتَأَكَّدَتْ بِالْقَضَاءِ فَلَا تَنْفَسِخُ إلَّا فِي حَقِّ الرَّاجِعِ وَلَهُمَا أَنَّ الْإِمْضَاءَ مِنْ الْقَضَاءِ فَصَارَ كَمَا إذَا رَجَعَ وَاحِدٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَلِهَذَا يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَلَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الْحُكْمِ حُدُّوا جَمِيعًا فَكَذَا هَذَا وَإِنَّمَا سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَمْ تَكْمُلْ فِي حَقِّهِ فَسَقَطَتْ، وَلَوْ رَجَعَ أَحَدُ الشُّهُودِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا حُدُّوا جَمِيعًا عِنْدَنَا، وَقَالَ زُفَرُ يُحَدُّ الرَّاجِعُ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَى غَيْرِهِ قُلْنَا كَلَامُهُمْ قَذْفٌ فِي الْأَصْلِ وَإِنَّمَا يَصِيرُ شَهَادَةً لِلِاتِّصَالِ بِالْقَضَاءِ فَإِذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الْقَضَاءُ بَقِيَ قَذْفًا فَيُحَدُّونَ وَأَمَّا إذَا كَانَ جَلْدًا فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ خَاصَّةً إجْمَاعًا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاجِعِ فِي أَثَرِ السِّيَاطِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَذَا إذَا مَاتَ مِنْ الْجَلْدِ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ.

قَالَ فِي الْمَنْظُومَةِ لِأَبِي حَنِيفَةَ

، وَالْجَلْدُ إنْ يَجْرَحْ فَقَالَ وَاحِدٌ ... كَذَبْتُ لَا يَضْمَنُ هَذَا الشَّاهِدُ

صُورَتُهُ " أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى غَيْرِ مُحْصَنٍ بِالزِّنَا فَجَلَدَهُ الْقَاضِي فَجَرَحَهُ الْجَلْدُ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُهُمْ لَا يَضْمَنُ الرَّاجِعُ أَرْشَ الْجِرَاحَةِ وَكَذَا إنْ مَاتَ مِنْ الْجَلْدِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَضْمَنُ الرَّاجِعُ قَوْلُهُ: (فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ الرَّجْمِ جُلِدَ الرَّاجِعُ وَحْدَهُ وَضَمِنَ رُبْعَ الدِّيَةِ) .

وَقَالَ زُفَرُ: لَا يُحَدُّ الرَّاجِعُ لِأَنَّهُ صَارَ قَاذِفًا لَهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَمَنْ قَذَفَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ الْمَقْذُوفُ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ لِأَنَّهُ لَا يُورَثُ وَلَنَا أَنَّ الرَّاجِعَ صَارَ قَاذِفًا عِنْدَ رُجُوعِهِ بِالشَّهَادَةِ السَّابِقَةِ وَلَمْ يَصِرْ قَاذِفًا فِي الْحَالِ، وَمَنْ قَذَفَ مَيِّتًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِنَّمَا ضَمِنَ رُبْعَ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْمَقْذُوفَ تَلِفَ بِشَهَادَتِهِ وَشَهَادَةِ غَيْرِهِ وَقَدْ بَقِيَ مَنْ ثَبَتَ بِشَهَادَتِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْحَقِّ، وَلَوْ كَانَ الشُّهُودُ خَمْسَةً أَوْ أَكْثَرَ فَرَجَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا لِأَنَّهُ بَقِيَ مَنْ يَقْطَعُ جَمِيعَ الْحَقِّ بِشَهَادَتِهِمْ وَإِنْ رَجَعَ اثْنَانِ وَهُمْ خَمْسَةٌ ضَمِنَ الرَّاجِعَانِ رُبْعَ الدِّيَةِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ بَقِيَ مَنْ ثَبَتَ بِهِمْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْحَقِّ وَإِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ فَزُكُّوا فَرُجِمَ فَإِذَا هُمْ عَبِيدٌ فَالدِّيَةُ عَلَى الْمُزَكِّينَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَعْنَاهُ إذَا رَجَعُوا عَنْ التَّزْكِيَةِ بِأَنْ قَالُوا: عَلِمْنَا أَنَّهُمْ عَبِيدٌ وَمَعَ ذَلِكَ زَكَّيْنَاهُمْ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُزَكِّينَ لِأَنَّهُمْ أَثْنَوْا عَلَى الشُّهُودِ خَيْرًا وَلَكِنَّهُمْ يُعَزَّرُونَ عِنْدَهُمَا وَلِأَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا تَصِيرُ حُجَّةً وَعَامِلَةً بِالتَّزْكِيَةِ فَيُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهَا، وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَالُوا: عَلِمْنَا أَنَّهُمْ عَبِيدٌ وَزَكَّيْنَاهُمْ أَمَّا إذْ ثَبَتُوا عَلَى التَّزْكِيَةِ وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَلَى الشُّهُودِ بَلْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إجْمَاعًا، وَلَوْ قَالَ الْمُزَكِّي: أَخْطَأْت فِي التَّزْكِيَةِ لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْمُصَفَّى وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا قَالَ: عَلِمْت أَنَّهُمْ عَبِيدٌ وَتَعَمَّدْت ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَقَصَ عَدَدُ الشُّهُودِ عَنْ الْأَرْبَعَةِ حُدُّوا) لِأَنَّهُمْ قَذَفَةٌ.

. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ إحْصَانِ الرَّجْمِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا بَالِغًا عَاقِلًا مُسْلِمًا قَدْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا صَحِيحًا وَدَخَلَ بِهَا وَهُمَا عَلَى صِفَةِ الْإِحْصَانِ) فَإِنْ كَانَتْ الْمَنْكُوحَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>