لَا يَتَنَصَّفُ وَكَذَا الرَّجُلُ، وَالْمَرْأَةُ فِيهِ سَوَاءٌ لِلْآيَةِ.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ الْقَطْعُ بِإِقْرَارِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً) هَذَا عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يُقْطَعُ إلَّا بِإِقْرَارِهِ مَرَّتَيْنِ فِي مَجْلِسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ.
وَرُوِيَ عَنْهُ الرُّجُوعُ إلَى قَوْلِهِمَا قَوْلُهُ: (أَوْ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ) وَلَا يَجُوزُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِأَنَّهُ حَدٌّ فَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لَمْ يُقْطَعْ وَيَجِبُ الْمَالُ لِأَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ حُجَّةٌ فِي الْأَمْوَالِ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ كَيْفِيَّةِ السَّرِقَةِ وَمَاهِيَّتِهَا وَزَمَانِهَا وَمَكَانِهَا وَقَدْرِهَا لِلِاحْتِيَاطِ كَمَا فِي الْحُدُودِ وَيُعْتَبَرُ فِي إقَامَةِ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ بِالْإِقْرَارِ حُضُورُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَمُطَالَبَتُهُ بِإِقَامَتِهِ عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ وَأَمَّا فِي ثُبُوتِهِ بِالشَّهَادَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ إجْمَاعًا.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي سَرِقَةٍ فَأَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَ وَإِنْ أَصَابَهُ أَقَلُّ لَمْ يُقْطَعْ) وَإِنْ لَمْ يَجِبْ الْقَطْعُ ضَمِنَ مَا أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ سَرَقَ وَاحِدٌ مِنْ جَمَاعَةٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْقَطْعُ لَهُمْ جَمِيعًا، وَلَوْ دَخَلَ دَارًا فَسَرَقَ مِنْ بَيْتٍ مِنْهَا دِرْهَمًا فَأَخْرَجَهُ إلَى سَاحَتِهَا ثُمَّ عَادَ فَسَرَقَ دِرْهَمًا آخَرَ وَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ هَكَذَا حَتَّى سَرَقَ عَشَرَةً فَهَذِهِ سَرِقَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا خَرَجَ بِالْعَشَرَةِ مِنْ الدَّارِ قُطِعَ وَإِنْ خَرَجَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مِنْ الدَّارِ ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهَا سَرِقَاتٌ، وَلَوْ سَرَقَ ثَوْبًا لَا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَفِي طَرَفِهِ دَرَاهِمُ مَصْرُورَةٌ تَزِيدُ عَلَى الْعَشَرَةِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالدَّرَاهِمِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ عَلِمَ بِهَا قُطِعَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ.
قَوْلُهُ: (وَلَا قَطْعَ فِيمَا يُوجَدُ تَافِهًا مُبَاحًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَالْخَشَبِ، وَالْحَشِيشِ، وَالْقَصَبِ، وَالسَّمَكِ، وَالصَّيْدِ، وَالطَّيْرِ) وَكَذَلِكَ الزِّرْنِيخُ، وَالْمَغْرَةُ، وَالْمَاءُ، وَالتَّافِهُ هُوَ الشَّيْءُ الْحَقِيرُ وَيَدْخُلُ فِي الطَّيْرِ الدَّجَاجُ، وَالْإِوَزُّ، وَالْحَمَامُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يُقْطَعُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا الطِّينَ، وَالتُّرَابَ، وَالسِّرْقِينَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَلَا قَطْعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحِجَارَةِ، وَالْكُحْلِ، وَالْمِلْحِ، وَالْقُدُورِ، وَالْفَخَّارِ وَكَذَا اللَّبِنُ، وَالْآجُرُّ، وَالزُّجَاجُ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الزُّجَاجِ الْقَطْعُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ اقْطَعْ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يُقْطَعُ فِي الْجَوَاهِرِ كُلِّهَا، وَاللُّؤْلُؤِ، وَالْيَاقُوتِ، وَالزُّمُرُّدِ، وَالْفَيْرُوزَجِ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ تَافِهًا فَصَارَ كَالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ وَقَوْلُهُ: كَالْخَشَبِ يَعْنِي مَا سِوَى السَّاجِ، وَالْقَنَا، وَالْأَبَنُوسِ، وَالصَّنْدَلِ.
. قَوْلُهُ: (وَلَا فِيمَا يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ كَالْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ، وَاللَّبَنِ، وَاللَّحْمِ، وَالْبِطِّيخِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ» ، وَالْكَثَرُ هُوَ الْجُمَّارُ، وَقِيلَ الْوَدِيُّ وَهُوَ النَّخْلُ الصِّغَارُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُقْطَعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلَوْ سَرَقَ شَاةً مَذْبُوحَةً أَوْ ذَبَحَهَا بِنَفْسِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهَا صَارَتْ لَحْمًا وَلَا قَطْعَ فِيهِ، وَالْفَوَاكِهُ الرَّطْبَةُ مِثْلُ الْعِنَبِ، وَالسَّفَرْجَلِ، وَالتُّفَّاحِ، وَالرُّمَّانِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ لَا قَطْعَ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ مَجْدُودَةً فِي حَظِيرَةٍ وَعَلَيْهَا بَابٌ مُقْفَلٌ وَأَمَّا الْفَوَاكِهُ الْيَابِسَةُ كَالْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ فِيهَا إذَا كَانَتْ مُحْرَزَةً وَكَذَا لَا قَطْعَ فِي بَقْلٍ وَلَا بَاذِنْجَانَ وَلَا رَيْحَانَ وَيُقْطَعُ فِي الْحِنَّاءِ، وَالْوَسْمَةِ لِأَنَّهُ لَا يُسْرِعُ إلَيْهَا الْفَسَادُ.
. قَوْلُهُ: (، وَالْفَاكِهَةُ عَلَى الشَّجَرِ، وَالزَّرْعِ الَّذِي لَمْ يُحْصَدْ) يَعْنِي لَا قَطْعَ فِيهِمَا لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ وَأَمَّا إذَا قُطِعَتْ الْفَاكِهَةُ بَعْدَ اسْتِحْكَامِهَا وَحُصِدَ الزَّرْعُ وَجُعِلَ فِي حَظِيرَةٍ وَعَلَيْهَا بَابٌ مُغْلَقٌ قُطِعَ وَلَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ الثِّيَابِ الَّتِي بُسِطَتْ لِلتَّجْفِيفِ وَإِنْ سَرَقَ شَاةً مِنْ الْمَرْعَى أَوْ بَقَرَةً أَوْ بَعِيرًا لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ رَاعٍ فَإِنْ آوَاهَا بِاللَّيْلِ إلَى حَائِطٍ قَدْ بُنِيَ لَهَا عَلَيْهِ بَابٌ مُغْلَقٌ أَوْ مَعَهَا حَافِظٌ أَوْ لَيْسَ مَعَهَا حَافِظٌ فَكَسَرَ الْبَابَ وَدَخَلَ وَسَرَقَ بَقَرَةً أَوْ شَاةً تَسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَخْرَجَهَا وَهُوَ يَقُودُهَا أَوْ يَسُوقُهَا أَوْ رَاكِبٌ عَلَيْهَا قُطِعَ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ بَابٌ مُغْلَقٌ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ إغْلَاقُ الْبَابِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لِأَنَّ مِنْ طَبْعِهَا النُّفُورُ أَمَّا الْحِنْطَةُ فِي الْحَظِيرَةِ وَسَائِرُ الْأَمْتِعَةِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْإِغْلَاقُ وَيُقْطَعُ فِي الْحُبُوبِ كُلِّهَا، وَالْأَدْهَانِ، وَالطِّيبِ، وَالْعُودِ