وَلَوْ سَرَقَ فُسْطَاطًا إنْ كَانَ مُرَكَّبًا مَنْصُوبًا لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ كَانَ مَلْفُوفًا قُطِعَ وَلَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ الْحَصِيرِ وَيُوَارِي الْقَصَبَ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ فِيهَا لَمْ تَغْلِبْ عَلَى الْجِنْسِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا تُبْسَطُ فِي غَيْرِ الْحِرْزِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا قَطْعَ عَلَى خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ) وَهُمَا اللَّذَانِ يَأْخُذَانِ مَا فِي أَيْدِيهِمَا مِنْ الشَّيْءِ الْمَأْمُونِ قَوْلُهُ: (وَلَا نَبَّاشٍ) هَذَا عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: عَلَيْهِ الْقَطْعُ لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ مُحْرَزٌ بِحِرْزِ مِثْلِهِ وَلَنَا أَنَّ الشُّبْهَةَ تَمَكَّنَتْ فِي الْمِلْكِ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْمَيِّتِ حَقِيقَةً وَلَا لِلْوَارِثِ لِتَقَدُّمِ حَاجَةِ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ الْقَبْرُ فِي بَيْتٍ مُقْفَلٍ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ يَتَأَوَّلُ الدُّخُولَ فِيهِ لِزِيَارَةِ الْقَبْرِ وَكَذَا لَوْ سَرَقَهُ مِنْ تَابُوتٍ فِي الْقَافِلَةِ، وَفِيهِ مَيِّتٌ، وَلَوْ سَرَقَ مِنْ الْقَبْرِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لَمْ يُقْطَعْ إجْمَاعًا قَوْلُهُ: (وَلَا مُنْتَهِبٍ وَلَا مُخْتَلِسٍ) الِانْتِهَابُ هُوَ الْأَخْذُ عَلَانِيَةً قَهْرًا، وَالِاخْتِلَاسُ أَنْ يَخْطَفَ الشَّيْءَ بِسُرْعَةٍ عَلَى غَفْلَةٍ وَأَمَّا الطَّرَّارُ إذَا طَرَّ مِنْ خَارِجِ الْكُمِّ لَا يُقْطَعُ وَبَيَانُهُ إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مَشْدُودَةً مِنْ دَاخِلِ الْكُمِّ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْكُمِّ وَحَلَّ الْعُقْدَةَ وَأَخَذَ مِنْ الْخَارِجِ لَا يُقْطَعُ وَإِنْ كَانَتْ الْعُقْدَةُ مَشْدُودَةً مِنْ خَارِجٍ فَحَلَّهُ وَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا وَأَخْرَجَهُ قُطِعَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُقْطَعُ سَوَاءٌ طَرَّ مِنْ الْخَارِجِ أَوْ الدَّاخِلِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ بِحَيْثُ إذَا قُطِعَتْ سَقَطَتْ فِي الْكُمِّ قُطِعَ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْ الْحِرْزِ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ إذَا قُطِعَتْ تَسْقُطُ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يُقْطَعْ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّهُ مَالٌ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مِنْهُمْ قَوْلُهُ: (وَلَا مِنْ مَالٍ لِلسَّارِقِ فِيهِ شَرِكَةٌ) لِأَنَّ ثُبُوتَ مِلْكِهِ فِي بَعْضِ الْمَالِ شُبْهَةٌ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ فَسَرَقَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي قُطِعَ وَإِنْ سَرَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ لَمْ يُقْطَعْ وَمَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ دَرَاهِمُ فَسَرَقَ مِنْهُ مِثْلَهَا لَمْ يُقْطَعْ، وَالْحَالُ، وَالْمُؤَجَّلُ فِيهِ سَوَاءٌ وَإِنْ سَرَقَ مِنْهُ عُرُوضًا تُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ قَضَاءً عَنْ حَقِّهِ وَأَمَّا إذَا قَالَ أَخَذْته رَهْنًا بِحَقِّي أَوْ قَضَاءً بِحَقِّي دُرِئَ عَنْهُ الْقَطْعُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ حَقُّهُ دَرَاهِمَ فَسَرَقَ دَنَانِيرَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ قِيلَ يُقْطَعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ النُّقُودَ جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ السَّارِقَ لَا يَعْرِفُ الْخِلَافَ الَّذِي يَقُولُهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْغَرِيمَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ يَعْرِفُ الْخِلَافَ وَيُعْتَدُّ بِهِ وَذَلِكَ يُورِثُ شُبْهَةً تُسْقِطُ الْقَطْعَ وَإِنْ سَرَقَ حُلِيًّا مِنْ فِضَّةٍ وَعَلَيْهِ دَرَاهِمُ أَوْ حُلِيًّا مِنْ ذَهَبٍ وَعَلَيْهِ دَنَانِيرُ قُطِعَ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قَضَاءً عَنْ حَقِّهِ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ، وَالْمُعَاوَضَةِ فَصَارَ كَالْعُرُوضِ كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ وَإِنْ سَرَقَ الْعَبْدُ مِنْ غَرِيمِ مَوْلَاهُ أَوْ الرَّجُلُ مِنْ غَرِيمِ أَبِيهِ قُطِعَ وَإِنْ سَرَقَ مِنْ غَرِيمِ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ قُطِعَ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ حَقَّ قَبْضَ دُيُونِهِ إلَيْهِ وَإِنْ سَرَقَ مِنْ غَرِيمِ مُكَاتَبِهِ أَوْ مِنْ غَرِيمِ عَبْدِهِ الْمَدْيُونِ قُطِعَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْقَبْضِ فِي دُيُونِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ وَسَرَقَ مِنْ غَرِيمِهِ مِنْ جِنْسِ دَيْنِ عَبْدِهِ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ دَيْنَ عَبْدِهِ مَالُهُ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ سَرَقَ مِنْ أَبَوَيْهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ ذِي رَحِمِ مَحْرَمٍ مِنْهُ لَمْ يُقْطَعْ) وَإِنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ مَتَاعَ غَيْرِهِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ سَرَقَ مَالَهُ مِنْ بَيْتِ غَيْرِهِ قُطِعَ اعْتِبَارًا لِلْحِرْزِ وَعَدَمِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ سَرَقَ مِنْ أُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ قُطِعَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ وَلَا وَحْشَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا سَرَقَ مِنْ أَخِيهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ إجْمَاعًا.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا إذَا سَرَقَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْآخَرِ) لِأَنَّ بَيْنَهُمَا سَبَبًا يُوجِبُ التَّوَارُثَ، وَلَوْ سَرَقَ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْقَطْعِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا لَمْ يُقْطَعْ عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُقْطَعُ وَلَوْ سَرَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا أَوْ سَرَقَ هُوَ مِنْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَبَانَتْ بِغَيْرِ عِدَّةٍ لَمْ يُقْطَعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِأَنَّ أَصْلَهُ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْقَطْعِ وَإِنْ سَرَقَ مِنْ امْرَأَتِهِ الْمَبْتُوتَةِ أَوْ الْمُخْتَلِعَةِ إنْ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ لَمْ يُقْطَعْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُطَلَّقَةً اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَكَذَا إذَا سَرَقَتْ هِيَ مِنْ زَوْجِهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَمْ تُقْطَعْ قَوْلُهُ: (أَوْ الْعَبْدُ مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ مِنْ امْرَأَةِ سَيِّدِهِ أَوْ زَوْجِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute