للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيِّدَتِهِ أَوْ الْمَوْلَى مِنْ مُكَاتَبَتِهِ) فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مَأْذُونًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ سَرَقَتْ مِنْ مَوْلَاهَا وَكَذَا إذَا سَرَقَ الْمَوْلَى مِنْ مُكَاتَبِهِ لَا يُقْطَعْ لِأَنَّ لَهُ فِي كَسْبِهِ حَقًّا قَوْلُهُ: (وَكَذَا السَّارِقُ مِنْ الْمَغْنَمِ) لَا قَطْعَ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ نَصِيبًا.

قَوْلُهُ: (وَالْحِرْزُ عَلَى ضَرْبَيْنِ حِرْزٌ لِمَعْنًى فِيهِ كَالْبُيُوتِ، وَالدُّورِ) وَيُسَمَّى هَذَا حِرْزًا بِالْمَكَانِ وَكَذَلِكَ الْفَسَاطِيطُ، وَالْحَوَانِيتُ فَهَذِهِ كُلُّهَا حِرْزٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا حَافِظٌ سَوَاءٌ سَرَقَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَفْتُوحُ الْبَابِ أَوْ لَا بَابَ لَهُ لِأَنَّ الْبِنَاءَ لِقَصْدِ الْإِحْرَازِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَطْعُ إلَّا بِالْإِخْرَاجِ لِقِيَامِ يَدِ مَالِكِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُحْرِزِ بِالْحَافِظِ حَيْثُ يَجِبُ الْقَطْعُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ لِزَوَالِ يَدِ الْمَالِكِ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَحِرْزٌ بِالْحَافِظِ) كَمَنْ جَلَسَ فِي الطَّرِيقِ أَوْ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ وَعِنْدَهُ مَتَاعُهُ فَهُوَ مُحْرَزٌ بِهِ وَقَدْ قَطَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَارِقَ رِدَاءِ صَفْوَانَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحَافِظُ مُسْتَيْقِظًا أَوْ نَائِمًا، وَالْمَتَاعُ تَحْتَهُ أَوْ عِنْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ يُعَدُّ النَّائِمُ عِنْدَ مَتَاعِهِ حَافِظًا لَهُ فِي الْعَادَةِ وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ، وَالْمُسْتَعِيرُ بِمِثْلِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَضْيِيعٍ وَقَوْلُهُ بِالْحَافِظِ هَذَا إذَا كَانَ الْحَافِظُ قَرِيبًا مِنْهُ بِحَيْثُ يَرَاهُ أَمَّا إذَا بَعُدَ بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ فَلَيْسَ بِحَافِظٍ قَالَ مَشَايِخُنَا: كُلُّ شَيْءٍ مُعْتَبَرٌ بِحِرْزِ مِثْلِهِ كَمَا إذَا سَرَقَ الدَّابَّةَ مِنْ الْإِصْطَبْلِ أَوْ الشَّاةَ مِنْ الْحَظِيرَةِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَإِذَا سَرَقَ الدَّرَاهِمَ أَوْ الْحُلِيَّ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَا يُقْطَعُ، وَفِي الْكَرْخِيِّ مَا كَانَ حِرْزًا لِنَوْعٍ فَهُوَ حِرْزٌ لِكُلِّ نَوْعٍ حَتَّى جَعَلُوا شَرِيحَةَ الْبَقَّالِ وَقَوَاصِرَ التَّمْرِ حِرْزًا لِلدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ، وَاللُّؤْلُؤِ. قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ الشَّرِيحَةُ الْجِرَارُ أَوْ الوشحة، وَلَوْ سَرَقَ الْإِبِلَ مِنْ الطَّرِيقِ مَعَ حِمْلِهَا لَا يُقْطَعُ سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُهَا عَلَيْهَا أَوْ لَا لِأَنَّ هَذَا مَالٌ ظَاهِرٌ غَيْرُ مُحْرَزٍ وَكَذَا إذَا سَرَقَ الْجَوَالِقَ بِعَيْنِهَا أَمَّا إذَا شَقَّ الْجَوَالِقَ فَأَخْرَجَ مَا فِيهَا إنْ كَانَ صَاحِبُهَا هُنَاكَ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ سَرَقَ مِنْ الْقِطَارِ بَعِيرًا أَوْ حِمْلًا لَمْ يُقْطَعْ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَرَقَ شَيْئًا مِنْ حِرْزٍ أَوْ غَيْرِ حِرْزٍ وَصَاحِبُهُ عِنْدَهُ يَحْفَظُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ) يَعْنِي مِنْ حِرْزٍ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ لِرَجُلٍ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ أَتَى مَنْزِلًا آخَرَ فَسَرَقَ مِنْهُ دِرْهَمًا آخَرَ لَمْ يُقْطَعْ.

قَوْلُهُ: (وَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ حَمَّامٍ أَوْ مِنْ بَيْتٍ أُذِنَ لِلنَّاسِ فِي دُخُولِهِ) وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ حَوَانِيتُ التُّجَّارِ، وَالْخَانَاتُ إلَّا إذَا سَرَقَ مِنْهَا لَيْلًا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِأَنَّهَا بُنِيَتْ لِإِحْرَازِ الْأَمْوَالِ وَإِنَّمَا الْإِذْنُ يَخْتَصُّ بِالنَّهَارِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ سَرَقَ مِنْ الْمَسْجِدِ مَتَاعًا وَصَاحِبُهُ عِنْدَهُ قُطِعَ) لِأَنَّهُ مُحْرَزٌ بِالْحَافِظِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا قَطْعَ عَلَى الضَّيْفِ إذَا سَرَقَ مِمَّنْ أَضَافَهُ) لِأَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يَبْقَ حِرْزًا فِي حَقِّهِ لِكَوْنِهِ مَأْذُونًا لَهُ فِي دُخُولِهِ فَيَكُونُ فِعْلُهُ خِيَانَةً لَا سَرِقَةً وَكَذَا لَا قَطْعَ عَلَى خَادِمِ الْقَوْمِ إذَا سَرَقَ مَتَاعَهُمْ وَلَا أَجِيرً سَرَقَ مِنْ مَوْضِعٍ أُذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهِ وَإِذَا آجَرَ دَارِهِ عَلَى رَجُلٍ فَسَرَقَ الْمُؤَجِّرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْمُؤَجِّرِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَنْزِلٍ مِنْ الدَّارِ عَلَى حِدَةٍ قُطِعَ السَّارِقُ مِنْهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ قَدْ صَارَ أَخَصَّ بِالْحِرْزِ مِنْ الْمَالِكِ أَلَا تَرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ دُخُولِهِ وَعِنْدَهُمَا إذَا سَرَقَ الْمُؤَجِّرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ الدَّارَ مِلْكُهُ فَصَارَ ذَلِكَ شُبْهَةً فِي سُقُوطِ الْقَطْعِ وَإِنْ سَرَقَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْمُؤَجِّرِ قُطِعَ بِالْإِجْمَاعِ إذَا كَانَ فِي بَيْتٍ مُفْرَدٍ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي الْحِرْزِ وَلَا فِي الْمَالِ وَإِنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْأَصْهَارِ أَوْ الْأُخْتَانِ لَمْ يُقْطَعْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُقْطَعُ، وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَيْتُ لِلْخَتَنِ أَمَّا إذَا كَانَ لِلْبِنْتِ لَا يُقْطَعُ إجْمَاعًا وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الصِّهْرِ إذَا كَانَ الْبَيْتُ لِلزَّوْجَةِ لَا يُقْطَعُ إجْمَاعًا، وَلَوْ سَرَقَ الرَّاهِنُ رَهْنَهُ مِنْ بَيْتِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْعِدْلِ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَكَذَا إذَا سَرَقَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ بَيْتِ الْعَدْلِ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ يَدَهُ قَائِمَةٌ مَقَامَ يَدِهِ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا نَقَبَ اللِّصُّ الْبَيْتَ وَدَخَلَ فَأَخَذَ الْمَالَ وَنَاوَلَهُ آخَرَ خَارِجَ الْبَيْتِ فَلَا قَطْعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>