عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْإِخْرَاجُ وَكَذَا الْخَارِجُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ هَتْكُ الْحِرْزِ وَعِنْدَهُمَا يُقْطَعُ الدَّاخِلُ لِأَنَّهُ لَمَّا نَاوَلَهُ قَامَتْ يَدُ الثَّانِي مَقَامَ يَدِهِ فَكَأَنَّهُ خَرَجَ، وَالشَّيْءُ فِي يَدِهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ أَدْخَلَ الْخَارِجُ يَدَهُ فَتَنَاوَلَهُ مِنْ يَدِ الدَّاخِلِ قُطِعَا جَمِيعًا، وَلَوْ أَنَّ الدَّاخِلَ رَمَى بِهِ إلَى صَاحِبٍ لَهُ خَارِجَ الْحِرْزِ مِنْ غَيْرِ مُنَاوَلَةٍ فَأَخَذَهُ الْخَارِجُ فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ سَرَقَ سَرِقَةً وَلَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ الدَّارِ لَمْ يُقْطَعْ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ خَرَجَ فَأَخَذَهُ قُطِعَ) وَهَذَا إذَا رَمَى بِهِ فِي الطَّرِيقِ بِحَيْثُ يَرَاهُ أَمَّا إذَا رَمَى بِهِ بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَإِنْ خَرَجَ وَأَخَذَهُ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ فَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ بِاسْتِهْلَاكِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قَطْعٌ كَمَا لَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ فِي الْحِرْزِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا رَمَى بِهِ بِحَيْثُ يَرَاهُ لِأَنَّهُ بَاقٍ فِي يَدِهِ فَإِذَا خَرَجَ وَأَخَذَهُ صَارَ كَأَنَّهُ خَرَجَ وَهُوَ مَعَهُ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ: فَأَخَذَهُ لِأَنَّهُ إذَا خَرَجَ وَلَمْ يَأْخُذْهُ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَأْخُذْهُ عَلِمَ أَنَّهُ قَصَدَ التَّضْيِيعَ لَا السَّرِقَةَ فَكَانَ مُضَيِّعًا لَا سَارِقًا.
قَوْلُهُ: (وَكَذَلِكَ إنْ حَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ وَسَاقَهُ فَأَخْرَجَهُ) يَعْنِي أَنَّهُ يُقْطَعُ لِأَنَّ مَا عَلَى الْبَهِيمَةِ يَدُهُ ثَابِتَةٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ سَيْرَ الدَّابَّةِ مُضَافٌ إلَيْهِ لِسَوْقِهِ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ: وَسَاقَهُ إذْ لَوْ لَمْ يَسُقْهُ حَتَّى خَرَجَ الْحِمَارُ بِنَفْسِهِ لَا يُقْطَعُ وَكَذَا لَوْ جَعَلَ لُؤْلُؤًا عَلَى جَنَاحِ طَائِرٍ وَطَيَّرَهُ قُطِعَ وَإِنْ طَارَ بِنَفْسِهِ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَالَ فِي الْحِرْزِ بِأَكْلٍ أَوْ إحْرَاقٍ قَبْلَ إخْرَاجِهِ لَمْ يُقْطَعْ، وَلَوْ سَرَقَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ لُؤْلُؤًا فَابْتَلَعَهُ فِي الْحِرْزِ ثُمَّ خَرَجَ لَمْ يُقْطَعْ وَيَضْمَنُ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا وَلَا يَنْتَظِرُ حَتَّى يَضَعَهَا مَعَ الْغَائِطِ، وَلَوْ نَقَبَ الْبَيْتَ ثُمَّ خَرَجَ وَلَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا ثُمَّ جَاءَ فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى فَدَخَلَ وَأَخَذَ شَيْئًا إنْ كَانَ صَاحِبُ الْبَيْتِ قَدْ عَلِمَ بِالنَّقْبِ وَلَمْ يَسُدَّهُ أَوْ كَانَ النَّقْبُ ظَاهِرًا يَرَاهُ الْمَارُّونَ وَبَقِيَ كَذَلِكَ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَإِلَّا قُطِعَ وَإِنْ أَخْرَجَ شَاةً مِنْ الْحِرْزِ فَتَبِعَتْهَا أُخْرَى وَلَمْ تَكُنْ الْأُولَى نِصَابًا لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ كَانَ فِي الْحِرْزِ نَهْرٌ جَارٍ فَوَضَعَ الْمَتَاعَ فِيهِ حَتَّى خَرَجَ بِهِ الْمَاءُ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قُوَّةٌ وَلَكِنْ أَخْرَجَهُ بِتَحْرِيكٍ قُطِعَ، وَلَوْ سَرَقَ مَالًا مِنْ حِرْزٍ فَدَخَلَ آخَرُ وَحَمَلَ السَّارِقَ، وَالْمَالُ مَعَ السَّارِقِ قُطِعَ الْمَحْمُولُ خَاصَّةً لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِلْحَامِلِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَحْمِلُ طَبَقًا فَحَمَلَ رَجُلًا حَامِلًا لِطَبَقٍ لَمْ يَحْنَثْ.
وَلَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ الْحِرْزِ دَفْعَتَيْنِ فَصَاعِدًا إنْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا اطِّلَاعُ الْمَالِكِ فَأَغْلَقَ الْبَابَ أَوْ سَدَّ النَّقْبَ فَالْإِخْرَاجُ الثَّانِي يَكُونُ سَرِقَةً أُخْرَى فَلَا يَجِبُ الْقَطْعُ إذَا كَانَ الْمُخْرَجُ فِي كُلِّ دُفْعَةٍ دُونَ النِّصَابِ وَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ ذَلِكَ قُطِعَ، وَلَوْ شَقَّ الثَّوْبَ فِي الْحِرْزِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ إنْ شَقَّهُ نِصْفَيْنِ عَرْضًا قُطِعَ إذَا كَانَ بَعْدَ الشَّقِّ يُسَاوِي نِصَابًا وَإِنْ شَقَّهُ طُولًا فَكَذَا يُقْطَعُ عِنْدَهُمَا أَيْضًا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ الشَّقَّ بِالطُّولِ اسْتِهْلَاكٌ فَيَكُونُ لِصَاحِبِهِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ فَلَمَّا كَانَ لَهُ خِيَارُ التَّرْكِ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ الْمِلْكِ بِالضَّمَانِ فَلَا يُقْطَعُ ثُمَّ عَلَى قَوْلِهِمَا إنَّمَا يَجِبُ الْقَطْعُ إذَا أَرَادَ الْمَالِكُ أَخْذَ الثَّوْبِ فَإِنَّهُ إذَا أَخَذَهُ قُطِعَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ وَأَمَّا إذَا تَرَكَ الثَّوْبَ لَهُ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ صَحِيحًا سَقَطَ الْقَطْعُ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْخَرْقُ فَاحِشًا أَمَّا إذَا كَانَ يَسِيرًا قُطِعَ إجْمَاعًا لِانْعِدَامِ سَبَبِ الْمِلْكِ إذْ لَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ تَضْمِينِ كُلِّ الْقِيمَةِ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا دَخَلَ الْحِرْزُ جَمَاعَةً فَتَوَلَّى بَعْضُهُمْ الْأَخْذَ قُطِعُوا جَمِيعًا) يَعْنِي إذَا أَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَوْ مَا قِيمَتُهُ عَشَرَةً، وَقَالَ زُفَرُ: يُقْطَعُ الْآخِذُ وَحْدَهُ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ نَقَبَ الْبَيْتَ وَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ فَأَخَذَ شَيْئًا لَمْ يُقْطَعْ) هَذَا عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُقْطَعُ لِأَنَّهُ أَخَذَ الْمَالَ مِنْ الْحِرْزِ فَلَا يُشْتَرَطُ الدُّخُولُ فِيهِ كَمَا إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِي صُنْدُوقِ الصَّيْرَفِيِّ وَلَهُمَا أَنَّ هَتْكَ الْحِرْزِ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْكَمَالُ، وَالْكَمَالُ فِي الدُّخُولِ، وَالدُّخُولُ هُوَ الْمُعْتَادُ بِخِلَافِ الصُّنْدُوقِ فَإِنَّ الْمُمْكِنَ فِيهِ إدْخَالُ الْيَدِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي صُنْدُوقِ الصَّيْرَفِيِّ أَوْ فِي كُمِّ غَيْرِهِ فَأَخَذَ الْمَالَ قُطِعَ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ هَتْكُ الصُّنْدُوقِ، وَالْكُمِّ إلَّا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، وَلَوْ أَنَّ السَّارِقَ أَخَذَ فِي الْحِرْزِ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ السَّرِقَةَ لَمْ تُتَمَّمْ إلَّا بِالْإِخْرَاجِ.
قَوْلُهُ: (وَيُقْطَعُ يَمِينُ السَّارِقِ مِنْ الزَّنْدِ) وَهُوَ الْمِعْصَمُ وَكَانَ الْقِيَاسُ.