للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَطَعَهُ أَثْلَاثًا، وَالْأَكْثَرُ مِمَّا يَلِي الْعَجُزَ أُكِلَ الْجَمِيعُ) لِأَنَّ الْأَوْدَاجَ مُتَّصِلَةٌ بِالْقَلْبِ إلَى الدِّمَاغِ فَإِذَا قَطَعَ الثُّلُثَ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ صَارَ قَاطِعًا لِلْعُرُوقِ كَمَا لَوْ ذَبَحَهُ وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ لَا يُؤْكَلُ مَا صَادَفَ الْعَجُزَ لِأَنَّ الْجُرْحَ لَمْ يُصَادِفْ الْعُرُوقَ فَصَارَ مُبَانًا مِنْ الْحَيِّ فَلَا يُؤْكَلُ وَيُؤْكَلُ الْمُبَانُ مِنْهُ وَإِنْ قَطَعَهُ بِنِصْفَيْنِ أُكِلَ الْجَمِيعُ، وَلَوْ ضَرَبَ عُنُقَ شَاةٍ فَأَبَانَ رَأْسَهَا تَحِلُّ لِقَطْعِ الْأَوْدَاجِ وَيُكْرَهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ، وَالْمُرْتَدِّ، وَالْوَثَنِيِّ، وَالْمُحْرِمِ) وَأَمَّا الصَّبِيُّ إذَا كَانَ يَعْقِلُ الذَّبْحَ، وَالتَّسْمِيَةَ فَلَا بَأْسَ بِصَيْدِهِ وَذَبْحِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ لَا يَحِلُّ صَيْدُهُ وَلَا ذَبْحُهُ، وَالْمَجْنُونُ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَهُ وَلَمْ يُثْخِنْهُ وَلَمْ يَخْرُجْهُ مِنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ فَرَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ فَهُوَ لِلثَّانِي وَيُؤْكَلُ) لِأَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الَّذِي صَادَهُ وَأَخَذَهُ قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَثْخَنَهُ فَرَمَاهُ الثَّانِي فَقَتَلَهُ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَلَمْ يُؤْكَلْ) لِاحْتِمَالِ الْمَوْتِ بِالثَّانِي وَهُوَ لَيْسَ بِذَكَاةٍ لِلْقُدْرَةِ عَلَى ذَكَاةِ الِاخْتِيَارِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الرَّمْيَةُ الْأُولَى بِحَيْثُ يَنْجُو مِنْهَا الصَّيْدُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَوْتُ مُضَافًا إلَى رَمْيِ الثَّانِي أَمَّا إذَا كَانَ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ بِحَيْثُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ الصَّيْدُ بِأَنْ لَا يَبْقَى فِيهِ مِنْ الْحَيَاةِ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَبْقَى فِي الْمَذْبُوحِ كَمَا إذَا أَبَانَ رَأْسَهُ يَحِلُّ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يُضَافُ إلَى الرَّمْيِ الثَّانِي لِأَنَّ وُجُودَهُ وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ لِلْأَوَّلِ غَيْرَ مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ) لِأَنَّهُ بِالرَّمْيِ أَتْلَفَ صَيْدًا مَمْلُوكًا لَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالرَّمْيِ الْمُثْخِنِ وَهُوَ مَنْقُوصٌ بِجِرَاحَتِهِ وَقِيمَةُ الْمُتْلَفِ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْإِتْلَافِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ: إنْ مَاتَ مِنْ رَمْيَةِ الْأَوَّلِ بَعْدَ رَمْيَةِ الثَّانِي أُكِلَ وَعَلَى الثَّانِي ضَمَانُ مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ صَادَفَتْهُ مَجْرُوحًا وَإِنْ مَاتَ مِنْ الْجِرَاحَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يُؤْكَلْ لِأَنَّ الثَّانِيَ رَمَى إلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ فَصَارَ كَمَنْ رَمَى إلَى شَاةٍ وَيَضْمَنُ الثَّانِي أَيْضًا مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ لِأَنَّهُ قَتَلَ حَيَوَانًا مَمْلُوكًا لِلْأَوَّلِ مَنْقُوصًا بِالْجِرَاحَةِ كَمَا إذَا قَتَلَ عَبْدًا مَرِيضًا وَإِنْ مَاتَ مِنْ الْجِرَاحَتَيْنِ جَمِيعًا لَمْ يُؤْكَلْ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ الْحَظْرُ، وَالْإِبَاحَةُ فَكَانَ الْحُكْمُ لِلْحَظْرِ، وَالصَّيْدُ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَهُ عَنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ وَعَلَى الثَّانِي لِلْأَوَّلِ نِصْفُ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِجِرَاحَتَيْنِ وَمَا نَقَصَتْهُ الْجِرَاحَةُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِمَا فَسَقَطَ عَنْهُ نِصْفُ الضَّمَانِ وَثَبَتَ نِصْفُهُ وَإِنَّمَا ضَمِنَ مَا نَقَصَتْهُ الْجِرَاحَةُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ: يَضْمَنُ مَا نَقَصَتْهُ الْجِرَاحَةُ ثُمَّ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِجِرَاحَتَيْنِ ثُمَّ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ لَحْمِهِ أَمَّا الضَّمَانُ الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ جَرَحَ حَيَوَانًا مَمْلُوكًا كَالْغَيْرِ وَقَدْ نَقَصَهُ فَيَضْمَنُ مَا نَقَصَهُ أَوَّلًا وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمَوْتَ أَيْضًا حَصَلَ بِالْجِرَاحَتَيْنِ فَيَكُونُ هُوَ مُتْلِفَ نِصْفِهِ وَهُوَ مَمْلُوكُ غَيْرِهِ فَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِالْجِرَاحَتَيْنِ لِأَنَّ الْأُولَى لَمْ تَكُنْ بِصَنِيعِهِ، وَالثَّانِيَةَ ضَمِنَهَا مَرَّةً فَلَا يَضْمَنُهَا ثَانِيًا وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلِأَنَّ بِالرَّمْيَةِ الْأُولَى صَارَ بِحَالٍ يَحِلُّ بِذَكَاةِ الِاخْتِيَارِ لَوْلَا رَمْيُ الثَّانِي فَهَذَا الرَّمْيُ الثَّانِي أَفْسَدَ عَلَيْهِ نِصْفَ اللَّحْمِ فَيَضْمَنُهُ.

قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ اصْطِيَادُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَمَا لَا يُؤْكَلُ) لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي غَيْرِ الْمَأْكُولِ بِأَنْ يَنْتَفِعَ بِجِلْدِهِ أَوْ بِشَعْرِهِ أَوْ رِيشِهِ أَوْ قَرْنِهِ أَوْ لِاسْتِدْفَاعِ شَرِّهِ.

قَوْلُهُ: (وَذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ، وَالْكِتَابِيِّ حَلَالٌ) قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى: هَذَا إذَا كَانَ الْكِتَابِيُّ لَا يَعْتَقِدُ الْمَسِيحَ إلَهًا أَمَّا إذَا اعْتَقَدَهُ إلَهًا فَهُوَ كَالْمَجُوسِيِّ لَا تَحِلُّ لَنَا ذَبِيحَتُهُ وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ الذَّابِحُ صَاحِبَ مِلَّةِ التَّوْحِيدِ إمَّا اعْتِقَادًا كَالْمُسْلِمِ أَوْ دَعْوَى كَالْكِتَابِيِّ وَأَنْ يَكُونَ حَلَالًا خَارِجَ الْحَرَمِ وَهَذَا الشَّرْطُ فِي حَقِّ الصَّيْدِ لَا فِي حَقِّ الْأَنْعَامِ وَإِطْلَاقُ ذَبِيحَةِ الْمُسْلِمِ، وَالْكِتَابِيِّ يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَ الذَّابِحُ يَعْقِلُ التَّسْمِيَةَ وَيَضْبِطُهَا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الذَّبْحِ وَلَا يَضْبِطُ التَّسْمِيَةَ فَذَبِيحَتُهُ مَيْتَةٌ لَا تُؤْكَلُ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، وَالْمَجْنُونِ، وَالسَّكْرَانِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَيَجُوزُ ذَبِيحَةُ الْأَخْرَسِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>