للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَتَخَيَّرُ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْجَهْرَ يَخْتَصُّ إمَّا بِالْجَمَاعَةِ حَتْمًا أَوْ بِالْوَقْتِ فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ: وَالْوِتْرُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِسَلَامٍ) وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْوِتْرُ وَاجِبٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ دُونَ الْفَرْضِ وَفَوْقَ السُّنَّةِ وَعِنْدَهُمَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لِظُهُورِ آثَارِ السُّنَنِ فِيهِمَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُكَفَّرُ جَاحِدُهُ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُ وَتَجِبُ الْقِرَاءَةُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مِنْهُ قَالَ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ هِيَ وَاجِبَةٌ حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا يَجِبُ قَضَاؤُهَا وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَأَنَّهَا لَا تُؤَدَّى عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَأَنَّهَا لَا تَجُوزُ إلَّا بِنِيَّةِ الْوِتْرِ وَلَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَمَا اُحْتِيجَ إلَى هَذِهِ الشَّرَائِطِ وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِهَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّ اللَّهَ زَادَكُمْ صَلَاةً إلَى صَلَاتِكُمْ أَلَا وَهِيَ الْوِتْرُ فَصَلُّوهَا مَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ» وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَلِهَذَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا بِالْإِجْمَاعِ؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَضَافَ الزِّيَادَةَ إلَى اللَّهِ لَا إلَى نَفْسِهِ وَالسُّنَنُ تُضَافُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَذَّنْ لَهَا؛ لِأَنَّهَا تُؤَدَّى فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ فَاكْتَفَيْت بِآذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ.

(قَوْلُهُ: لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِسَلَامٍ) اُحْتُرِزَ بِهَذَا عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

(قَوْلُهُ: وَيَقْنُتُ فِي الثَّالِثَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ) الْقُنُوتُ وَاجِبٌ عَلَى الصَّحِيحِ حَتَّى إنَّهُ يَجِبُ السَّهْوُ بِتَرْكِهِ سَاهِيًا وَهَلْ يَجْهَرُ بِهِ أَوْ يُخَافِتُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْمُخْتَارُ فِيهِ الْإِخْفَاءُ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَمِنْ سُنَّةِ الْأَدْعِيَةِ الْإِخْفَاءُ وَلَا إشْكَالَ فِي الْمُنْفَرِدِ أَنَّهُ يُخَافِتُ وَأَمَّا إذَا كَانَ إمَامًا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يُخَافِتُ وَإِلَيْهِ مَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَأَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَجْهَرُ؛ لِأَنَّ لَهُ شَبَهًا بِالْقِرَاءَةِ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ الِاخْتِيَارُ الْإِخْفَاءُ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْقَوْمِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ» وَهَلْ يُرْسِلُ يَدَيْهِ أَوْ يَعْتَمِدُ قَالَ الْكَرْخِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ يُرْسِلُ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ يَعْتَمِدُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهَلْ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ.

وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ إنَّمَا مَوْضِعُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ فِي الْفَتَاوَى، وَأَمَّا صُورَةُ الْقُنُوتِ فَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

(قَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ السَّنَةِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ.

(قَوْلُهُ: وَيَقْنُتُ فِي الثَّالِثَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَهُ وَلَوْ أَنَّهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ قَنَتَ وَنَسِيَ الْقِرَاءَةَ حَتَّى رَكَعَ ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَقْرَأُ وَيُعِيدُ الْقُنُوتَ وَالرُّكُوعَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فَإِنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَنَسِيَ السُّورَةَ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَقْرَأُ السُّورَةَ وَيُعِيدُ الْقُنُوتَ وَالرُّكُوعَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَكَذَا إذَا قَرَأَ السُّورَةَ وَنَسِيَ الْفَاتِحَةَ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَيُعِيدُ السُّورَةَ وَالْقُنُوتَ وَيُعِيدُ الرُّكُوعَ، وَلَوْ أَنَّهُ لَمْ يُعِدْ الرُّكُوعَ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ.

وَقَالَ زُفَرُ لَا يُجْزِئُهُ، وَلَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ وَنَسِيَ الْقُنُوتَ فَرَكَعَ إنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ وَلَا يَعُودُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَإِنْ تَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ الصَّحِيحَةُ مِنْهُمَا لَا يَعُودُ وَلَكِنْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَالْمَسْبُوقُ يَقْنُتُ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَقْنُتُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا يَقْضِي.

(قَوْلُهُ: وَيَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ الْوِتْرِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً) أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ عِنْدَهُمَا فَتَجِبُ الْقِرَاءَةُ فِي جَمِيعِهِ وَكَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سُنَّةً فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِيهَا وُجُوبُ الْقِرَاءَةِ فَإِنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ فَسَدَتْ إجْمَاعًا.

(قَوْلُهُ: فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْنُتَ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَقْنُتُ) أَمَّا التَّكْبِيرُ فَلِأَنَّ الْحَالَةَ قَدْ اخْتَلَفَتْ مِنْ حَقِيقَةٍ إلَى شَبَهِهَا وَأَمَّا رَفْعُ الْيَدَيْنِ فَلِإِعْلَامِ الْأَصَمِّ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَقْنُتُ فِي صَلَاةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>