للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرِهَا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ.

وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَا يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ عِنْدَنَا فِي غَيْرِ بَلِيَّةٍ فَإِنْ وَقَعَتْ الْبَلِيَّةُ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا «فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ قَنَتَ فِيهَا شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رَعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لِحْيَانَ ثُمَّ تَرَكَهُ» كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ قِرَاءَةُ سُورَةٍ بِعَيْنِهَا لَا يُجْزِئُ غَيْرُهَا) يَعْنِي أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَقِفُ صِحَّتُهَا عَلَى سُورَةٍ مَخْصُوصَةٍ بَلْ يَقْرَأُ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ.

(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَّخِذ سُورَةً لِلصَّلَاةِ بِعَيْنِهَا لَا يَقْرَأُ غَيْرَهَا) لِمَا فِيهِ مِنْ هِجْرَانِ الْبَاقِي وَإِيهَامِ التَّفْضِيلِ وَيَعْنِي بِذَلِكَ مَا سِوَى الْفَاتِحَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُعَيِّنَ سُورَةَ السَّجْدَةِ وَهَلْ أَتَى لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَهَذَا إذَا رَأَى ذَلِكَ حَتْمًا وَاجِبًا لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ أَمَّا إذَا عَلِمَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ بِأَيِّ سُورَةٍ قَرَأَهَا وَلَكِنْ يَقْرَأُ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ تَبَرُّكًا بِقِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُكْرَهُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَقْرَأَ غَيْرَهُمَا أَحْيَانَا كَيْ لَا يَظُنَّ جَاهِلٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُمَا.

(قَوْلُهُ: وَأَدْنَى مَا يُجْزِئُ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ مَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْقِرَاءَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) يُرِيدُ مَا دُونَ الْآيَةِ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {لَمْ يَلِدْ} [الإخلاص: ٣] وَمِثْلُ قَوْلِهِ {وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: ٣] ، وَلَوْ تَهَجَّى آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ الْقِرَاءَةِ.

وَفِي الْمُحِيطِ الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ فَرْضٌ وَوَاجِبٌ وَسُنَّةٌ وَمُسْتَحَبٌّ وَمَكْرُوهٌ فَالْفَرْضُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْجَوَازُ وَهُوَ آيَةٌ تَامَّةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ كَانَتْ الْآيَةُ كَلِمَتَيْنِ تَجُوزُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: ٢١] وَإِنْ كَانَتْ كَلِمَةً وَاحِدَةً مِثْلَ {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: ٦٤] أَوْ حَرْفًا وَاحِدًا مِثْلَ " ص " وَ " ن " فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَفِي الْخُجَنْدِيِّ يَجُوزُ بِقَوْلِهِ {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: ٦٤] ؛ لِأَنَّهَا آيَةٌ قَصِيرَةٌ وَالْوَاجِبُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ، وَالْمَسْنُونُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ بِطُوَالِ الْمُفَصَّلِ وَهُوَ مِنْ الْحُجُرَاتِ إلَى الْبُرُوجِ، وَقِيلَ فِي الظُّهْرِ دُونَ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ شُغْلٍ تَحَرُّزًا عَنْ الْمَلَلِ، وَفِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ بِأَوْسَاطِهِ وَهُوَ مِنْ الْبُرُوجِ إلَى لَمْ يَكُنْ وَفِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِهِ وَهُوَ مِنْ إذَا زُلْزِلَتْ إلَى آخِرِهِ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْفَجْرِ إذَا كَانَ مُقِيمًا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةً أَوْ أَرْبَعِينَ سِوَى الْفَاتِحَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ قَدْرَ عِشْرِينَ إلَى ثَلَاثِينَ سِوَى الْفَاتِحَةِ وَالْمَكْرُوهُ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ وَحْدَهَا أَوْ الْفَاتِحَةَ وَمَعَهَا آيَةٌ أَوْ آيَتَانِ أَوْ يَقْرَأَ السُّورَةَ بِغَيْرِ الْفَاتِحَةِ، وَلَوْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سُورَةً وَفِي الْأُخْرَى سُورَةً فَوْقَهَا يُكْرَهُ، وَإِذَا قَرَأَ فِي الْأُولَى قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ أَيْضًا وَعَلَى هَذَا قِرَاءَةُ الْآيَاتِ إذَا قَرَأَ فِي الْأُولَى آيَةً فَإِنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُخْرَى آيَةً مِنْ سُورَةٍ فَوْقَهَا.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ) كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ وَآيَةِ الدِّينِ وَقَوْلُهُمَا فِي الْقِرَاءَةِ احْتِيَاطٌ وَالِاحْتِيَاطُ فِي الْعِبَادَاتِ أَمْرٌ حَسَنٌ، وَفِي السَّفَرِ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَأَيِّ سُورَةٍ شَاءَ؛ لِأَنَّ لِلسَّفَرِ أَثَرًا فِي إسْقَاطِ شَطْرِ الصَّلَاةِ فَلَأَنْ يُؤَثِّرَ فِي تَخْفِيفِ الْقِرَاءَةِ أَوْلَى وَهَذَا إذَا كَانَ عَلَى عَجَلَةٍ مِنْ السَّيْرِ فَإِنْ كَانَ فِي أَمَنَةٍ وَقَرَارٍ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ نَحْوَ الْبُرُوجِ وَانْشَقَّتْ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ مُرَاعَاةُ السُّنَّةِ مَعَ التَّخْفِيفِ ثُمَّ عَلَى قَوْلِهِمَا لَوْ قَرَأَ آيَةً قَصِيرَةً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَيَجُوزُ.

وَفِي الْفَتَاوَى إذَا قَرَأَ نِصْفَ آيَةٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ كَرَّرَ كَلِمَةً وَاحِدَةً مِنْ آيَةٍ وَاحِدَةٍ مِرَارًا حَتَّى يَبْلُغَ آيَةً تَامَّةً لَا يَجُوزُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا مَا خَلَا الْفَجْرَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ فِي الْقِرَاءَةِ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُطَوِّلَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ بِالْإِجْمَاعِ لِيُدْرِكَهَا الْمُتَأَخِّرُ وَفِيهِ إعَانَةٌ لَهُ؛ لِأَنَّهَا وَقْتُ نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَوْقَاتِ؛ لِأَنَّهَا وَقْتُ عِلْمٍ وَيَقَظَةٍ فَلَوْ تَغَافَلُوا فِي غَيْرِ الْفَجْرِ إنَّمَا يَتَغَافَلُونَ بِاشْتِغَالِ دُنْيَاهُمْ وَذَلِكَ مُضَافٌ إلَى تَقْصِيرِهِمْ، وَأَمَّا غَفْلَتُهُمْ بِالنَّوْمِ فَلَيْسَ بِاخْتِيَارِهِمْ فَيُسْتَحَبُّ فِيهَا تَطْوِيلُ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ بِالْإِجْمَاعِ إعَانَةً لَهُمْ عَلَى إدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ، وَأَمَّا إطَالَةُ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى فَمَكْرُوهٌ بِالْإِجْمَاعِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا وَهَذَا فِي الْفَرَائِضِ، وَأَمَّا فِي السُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ فَلَا يُكْرَهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى، وَلَوْ كَرَّرَ آيَةً فِي التَّطَوُّعِ لَا يُكْرَهُ وَفِي الْفَرَائِضِ يُكْرَهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَقْرَأُ الْمُؤْتَمُّ خَلْفَ الْإِمَامِ) وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ أَسْتَحْسِنُ لَهُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي صَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي صَلَاةِ غَيْرِهِ احْتَاجَ إلَى نِيَّتَيْنِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ وَنِيَّةِ الْمُتَابَعَةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>