للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّحْمُ حَتَّى لَوْ أَكَلَ سَمَكًا مَشْوِيًّا لَا يَحْنَثُ فَإِنْ نَوَى كُلَّ مَا يُشْوَى مِنْ بَيْضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى لِأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الطَّبِيخَ فَهُوَ عَلَى مَا يُطْبَخُ مِنْ اللَّحْمِ) اعْتِبَارًا لِلْعُرْفِ فَإِنْ أَكَلَ سَمَكًا مَطْبُوخًا لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ أَكَلَ لَحْمًا مَقْلِيًّا لَا مَرَقَ فِيهِ لَمْ يَحْنَثْ فَإِنْ طَبَخَ لَحْمًا لَهُ مَرَقٌ وَأَكَلَ مِنْ مَرَقِهِ حَنِثَ لِأَنَّ الْمَرَقَ فِيهِ أَجْزَاءُ اللَّحْمِ.

وَفِي الْيَنَابِيعِ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا اللَّحْمِ شَيْئًا فَأَكَلَ مِنْ مَرَقِهِ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْمَرَقَ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الطَّبِيخَ فَأَكَلَ شَحْمًا مَطْبُوخًا حَنِثَ فَإِنْ طَبَخَ عَدَسًا بِوَدَكٍ أَوْ بِشَحْمٍ أَوْ أَلْيَةٍ فَهُوَ طَبِيخٌ وَإِنْ طَبَخَهُ بِسَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ لَمْ يَكُنْ طَبِيخًا وَلَا يَكُونُ الْأُرْزُ طَبِيخًا

قَوْلُهُ (وَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ فَيَمِينُهُ عَلَى مَا يُكْبَسُ فِي التَّنَانِيرِ وَيُبَاع فِي الْمِصْرِ) الْكَبْسُ هُوَ الضَّمُّ وَكَانَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَوَّلُ عَلَى رُءُوسِ الْإِبِل وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ خَاصَّةً ثُمَّ رَجَعَ عَنْ رُءُوسِ الْإِبِلِ وَجَعَلَهَا عَلَى رُءُوسِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ خَاصَّةً.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ هِيَ عَلَى رُءُوسِ الْغَنَمِ خَاصَّةً وَفِي الْخُجَنْدِيِّ إذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي رَأْسًا فَهُوَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى رُءُوسِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَعِنْدَهُمَا عَلَى رُءُوسِ الْغَنَمِ لَا غَيْرُ وَلَا يَقَعُ عَلَى رُءُوسِ الْإِبِلِ بِالْإِجْمَاعِ وَهَذَا فِي الشِّرَاءِ أَمَّا فِي الْأَكْلِ يَقَعُ عَلَى الْكُلِّ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْيَمِينِ رُءُوسُ الْجَرَادِ وَالسَّمَكِ وَالْعَصَافِيرِ إجْمَاعًا لَا فِي الْأَكْلِ وَلَا فِي الشِّرَاءِ وَكَذَا رُءُوسُ الْإِبِلِ لَا تَدْخُلُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهُوَ عَلَى بَيْضِ الطَّيْرِ كُلِّهِ الْإِوَزِّ وَالدَّجَاجِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَحْنَثُ فِي بَيْضِ السَّمَكِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ

قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا فَيَمِينُهُ عَلَى مَا يَعْتَادُ أَهْلُ الْمِصْرِ أَكْلَهُ خُبْزًا) مِثْلُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَالدَّخَنِ وَكُلِّ مَا يُخْبَزُ عَادَةً فِي الْبِلَادِ قَوْلُهُ (فَإِنْ أَكَلَ الْقَطَائِفَ أَوْ خُبْزَ الْأُرْزِ بِالْعِرَاقِ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ عِنْدَهُمْ وَإِنْ أَكَلَهُ فِي طَبَرِسْتَانَ أَوْ فِي بَلَدٍ عَادَتُهُمْ يَأْكُلُونَ الْأُرْزَ خُبْزًا حَنِثَ

قَوْلُهُ (وَمَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي وَلَا يُؤَجِّرُ فَوَكَّلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ) إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ لِأَنَّ حُقُوقَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَرْجِعُ إلَى الْعَاقِدِ دُونَ الْآمِرِ فَأَمَّا إذَا نَوَى ذَلِكَ حَنِثَ لِأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ هُوَ الْحَالِفُ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ حُقُوقَ هَذَا الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ مِمَّنْ جَرَتْ عَادَتُهُ أَنْ لَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ مِثْلُ السُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ فَأَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ حَنِثَ لِأَنَّ يَمِينَهُ عَلَى الْآمِرِ بِهِ فَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ دِينَ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ

قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ أَوْ لَا يُطَلِّقُ أَوْ لَا يُعْتِقُ فَوَكَّلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ حَنِثَ) وَكَذَا الْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ وَالصُّلْحُ مِنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالنَّفَقَةِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ وَلِهَذَا لَا يُضِيفُهُ إلَى نَفْسِهِ لَا يَقُولُ: تَزَوَّجْت وَإِنَّمَا يَقُولُ: زَوَّجْت فُلَانًا وَطَلَّقْت امْرَأَةَ فُلَانٍ وَحُقُوقُ الْعَقْدِ رَاجِعَةٌ إلَى الْآمِرِ لَا إلَيْهِ فَإِنْ قَالَ الْآمِرُ نَوَيْت أَنْ آلِي ذَلِكَ بِنَفْسِي لَا يُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ وَيُدَيَّنُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ عَبْدَهُ أَوَّلًا يَذْبَحُ شَاتَه فَأَمَرَ إنْسَانًا فَفَعَلَ ذَلِكَ حَنِثَ وَإِنْ قَالَ: نَوَيْت أَنْ أَلِيَهُ بِنَفْسِي دِينَ فِي الْقَضَاءِ.

وَفِي الْهِدَايَةِ إذَا حَلَفَ لَا يَضْرِبُ وَلَدَهُ فَأَمَرَ إنْسَانًا فَضَرَبَهُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ ضَرْبِ الْوَلَدِ عَائِدَةٌ إلَى الْوَلَدِ وَهُوَ التَّأْدِيبُ وَالتَّثْقِيفُ فَلَمْ يُنْسَبْ فِعْلُهُ إلَى الْآمِرِ بِخِلَافِ الْأَمْرِ بِضَرْبِ الْعَبْدِ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ الِائْتِمَارُ بِأَمْرِهِ فَيُضَافُ الْفِعْلُ إلَيْهِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ فَأَمَرَ رَجُلًا يُزَوِّجُهَا أَوْ زَوَّجَهَا رَجُلٌ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَأَجَازَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ بِالْعَاقِدِ فَتَعَلَّقَتْ بِالْمُجِيزِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُؤَخِّرُ عَنْ فُلَانٍ حَقَّهُ شَهْرًا فَلَمْ يُؤَخِّرْهُ شَهْرًا بَلْ سَكَتَ عَنْ تَقَاضِيهِ حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ هُوَ التَّأْجِيلُ وَتَرْكُ التَّقَاضِي لَيْسَ بِتَأْجِيلٍ.

وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً بِكْرًا حَلَفَتْ أَنْ تَأْذَنَ فِي تَزْوِيجِهَا وَهِيَ بِكْرٌ فَزَوَّجَهَا أَبُوهَا فَسَكَتَتْ فَإِنَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>