للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَحْنَثُ وَالنِّكَاحُ لَازِمٌ لَهَا لِأَنَّ السُّكُوتَ لَيْسَ بِإِذْنٍ وَإِنَّمَا قِيَم مَقَامَ الْإِذْنِ بِالسُّنَّةِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَهَبُ لَهُ شَيْئًا أَوْ لَا يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَوَهَبَ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَقْبَلْ حَنِثَ وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَا يُعِير ثُمَّ قَالَ: أَعَرْتُك حَنِثَ سَوَاءٌ قَبِلَ أَمْ لَا لِأَنَّ الْمِلْكَ هُنَا مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ لَا مِنْ جَانِبَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يُؤَجِّرُ أَوْ لَا يُكَاتِبُ فَفَعَلَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَقْبَلَ الْآخَرُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ حُصُولُ الْعِوَضَيْنِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَإِنْ بَاعَ بَيْعًا فِيهِ خِيَارٌ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي حَنِثَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِوُجُوبِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْبَيْعُ وَلَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَأَمَّا الْقِرَاضُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةٍ كَالْبَيْعِ وَفِي رِوَايَةٍ كَالْهِبَةِ وَالطَّحَاوِيُّ جَعَلَهُ كَالْبَيْعِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا يُصَلِّي فَهُوَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ ذَلِكَ دُونَ الْفَاسِدِ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يُمْلَكُ بِفَاسِدِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الْمِلْكُ وَهُوَ يَقَعُ بِفَاسِدِهِ وَكَذَا الصَّلَاةُ الْغَرَضُ مِنْهَا التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ بِالْفَاسِدِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَكَبَّرَ وَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُصَلِّي صَلَاةً لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً فَصَلَّى صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَتَشَهَّدَ فِي الرَّابِعَةِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَصُومُ فَأَصْبَحَ نَاوِيًا لِلصَّوْمِ وَصَامَ سَاعَةً ثُمَّ أَفْطَرَ حَنِثَ وَأَنْ قَالَ: لَا أَصُومُ صَوْمًا لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَصُومَ يَوْمًا كَامِلًا

: قَوْلُهُ (وَمَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ فَجَلَسَ عَلَى بِسَاطٍ أَوْ حَصِيرٍ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى جَالِسًا عَلَى الْأَرْضِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لِبَاسُهُ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ حَائِلًا وَلِأَنَّ الْجَالِسَ عَلَى الْأَرْضِ هُوَ مَنْ بَاشَرَهَا وَلَمْ يَحُلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ قَوْلُهُ (وَمَنْ) (حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى سَرِيرٍ) أَيْ عَلَى هَذَا السَّرِيرِ (فَجَلَسَ عَلَى سَرِيرٍ فَوْقَهُ بِسَاطٌ) أَوْ حَصِيرٌ (حَنِثَ) لِأَنَّهُ يُعَدُّ جَالِسًا عَلَيْهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَلَى سَرِيرٍ أَيْ عَلَى هَذَا السَّرِيرِ وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فَجَعَلَ فَوْقَهُ سَرِيرًا آخَرَ لَا يُتَصَوَّرُ آخَرُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْبِقَهُ مِثْلُهُ قَوْلُهُ (وَإِنْ جَعَلَ فَوْقَهُ سَرِيرًا آخَرَ فَجَلَسَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ) هَذَا إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى سَرِيرٍ مُعَرَّفٍ بِأَنْ قَالَ عَلَى هَذَا السَّرِيرِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْعُدْ عَلَى هَذَا السَّرِيرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا قَعَدَ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يَحْنَثُ أَمَّا إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى سَرِيرٍ مُنَكَّرٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَعَلَى هَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى هَذَا السَّطْحِ فَبَنَى عَلَيْهِ سَطْحًا آخَرَ فَجَلَسَ عَلَى الثَّانِي لَا يَحْنَثُ لِمَا بَيَّنَّا وَلَوْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ إلَى هَذَا الْحَائِطِ فَهُدِمَ ثُمَّ بَنَى بِنَقْضِهِ لَمْ يَحْنَثْ بِالْجُلُوسِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمَّا انْهَدَمَ زَالَ الِاسْمُ عَنْهُ وَهَذَا حَائِطٌ آخَرُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِ وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَكْتُبُ بِهَذَا الْقَلَمِ فَكَسَرَهُ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي بَرَاهُ ثُمَّ بَرَاهُ ثَانِيًا لَمْ يَحْنَثْ إذَا كَتَبَ بِهِ

قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ فَنَامَ عَلَيْهِ وَفَوْقَهُ قِرَامٌ حَنِثَ) لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْفِرَاشِ فَيُعَدُّ نَائِمًا عَلَيْهِ وَالْقِرَامُ الْمَجْلِسُ قَوْلُهُ (فَإِنْ جَعَلَ فَوْقَهُ فِرَاشًا آخَرَ لَمْ يَحْنَثْ) هَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ وَإِنَّمَا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ مِثْلَ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ تَبَعًا لَهُ وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَحْنَثُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُفْعَلُ لِزِيَادَةِ التَّوْطِئَةِ فَصَارَ نَائِمًا عَلَى الْفِرَاشِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الْقَمِيصَ فَلَبِسَهُ فَوْقَ قَمِيصٍ آخَرَ أَنَّهُ يَحْنَثُ لِذَلِكَ كَذَا هَذَا

قَوْلُهُ (وَمَنْ حَلَفَ يَمِينًا وَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا بِيَمِينِهِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ) سَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مُقَدَّمًا أَوْ مُؤَخَّرًا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مَوْصُولًا وَكَذَا إذَا قَالَ إذَا شَاءَ اللَّهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ بِقَضَاءِ اللَّهِ أَوْ بِقُدْرَةِ اللَّهِ أَوْ بِمَا أَحَبَّ اللَّهُ أَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَوْ إنْ أَعَانَنِي اللَّهُ أَوْ بِمَعُونَةِ اللَّهِ يُرِيدُ الِاسْتِثْنَاءَ فَهُوَ مُسْتَثْنٍ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَيَأْتِيَنه إنْ اسْتَطَاعَ فَهُوَ عَلَى اسْتِطَاعَةِ الصِّحَّةِ دُونَ الْقُدْرَةِ) يَعْنِي اسْتِطَاعَةَ الْحَالِ وَمَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَمْرَضْ أَوْ يَجِئْ أَمْرٌ يَمْنَعُهُ مِنْ إتْيَانِهِ فَلَمْ يَأْتِهِ حَنِثَ فَإِنْ نَوَى اسْتِطَاعَةَ الْقَضَاءِ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ وَقِيلَ: يُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ أَيْضًا لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ وَيَكْفِيهِ فِي الْإِتْيَانِ أَنْ يَصِلَ إلَى مَنْزِلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>