لَقِيَهُ أَمْ لَا وَكَذَا عِيَادَةُ الْمَرِيضِ إذَا حَلَفَ بِأَنْ يَعُودَهُ فَعَادَهُ وَلَمْ يُؤْذِنْ لَهُ بَرَّ فِي يَمِينِهِ
قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا حِينًا أَوْ زَمَانًا أَوْ الْحِينَ أَوْ الزَّمَانَ فَهُوَ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَمَّا إذَا نَوَى شَيْئًا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَإِنْ قَالَ: دَهْرًا أَوْ الدَّهْرَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ لَهُ نِيَّةُ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَمَا أَدْرِي مَا الدَّهْرُ وَعِنْدَهُمَا إذَا قَالَ: دَهْرًا فَهُوَ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ قَالَ: الدَّهْرَ فَهُوَ عَلَى الْأَبَدِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: لَا خِلَافَ فِي الدَّهْرِ أَنَّهُ الْأَبَدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ أَمَّا الْحِينُ وَالزَّمَانُ فَتَارَةً يَكُونَانِ لِأَقَلِّ الْأَوْقَاتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: ١٧] وَأَرَادَ بِهِ صَلَاةَ الْعَصْرِ وَصَلَاةَ الصُّبْحِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُرَادَ الْحَالِفِ إذْ لَوْ أَرَادَهُ لَامْتَنَعَ مِنْ كَلَامِهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَتَارَةً يَقَعُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: ١] يَعْنِي أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُرَادَ الْحَالِفِ أَيْضًا إذْ لَوْ أَرَادَهُ لَقَالَ أَبَدًا وَتَارَةً يَقَعُ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي النَّخْلَةِ {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم: ٢٥] أَيْ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّ مِنْ وَقْتِ انْقِطَاعِ الرُّطَبِ إلَى وَقْتِ خُرُوجِ الطَّلْعِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَهَذَا أَوْسَطُ مَا قِيلَ: فِي الْحِينِ فَكَانَ أَوْلَى قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «خَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا» وَكَذَا الزَّمَانُ يُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَ الْحِينِ يُقَالُ مَا رَأَيْته مُنْذُ زَمَانٍ وَمُنْذُ حِينٍ بِمَعْنَى وَاحِدٍ قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ الدَّهْرُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ) يَعْنِي إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ دَهْرًا فَعِنْدَهُمَا يَقَعُ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَلَمْ يُقَدِّرْ فِيهِ تَقْدِيرًا وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الْمُنَكَّرِ هُوَ الصَّحِيحُ أَمَّا الْمُعَرَّفُ بِالْأَلْفِ وَاللَّامِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْأَبَدُ فِي قَوْلِهِمْ الْمَشْهُورُ عَلَى يَعْنِي جَمِيعَ عُمُرِهِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الدَّهْرَ وَدَهْرًا سَوَاءٌ لَا يُعْرَفُ تَفْسِيرُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ حُقْبًا فَهُوَ عَلَى ثَمَانِينَ سَنَةً وَإِنْ قَالَ إلَى بَعِيدٍ فَهُوَ شَهْرٌ فَصَاعِدًا وَإِنْ قَالَ: إلَى قَرِيبٍ فَمَا دُونِ الشَّهْر وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُهُ عَاجِلًا فَهُوَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ
قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ أَيَّامًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) اعْتِبَارًا لِأَقَلِّ الْجَمْعِ وَإِنْ قَالَ أَيَّامًا كَثِيرَةً قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فَهُوَ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَعِنْدَهُمَا هُوَ عَلَى أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَإِنْ قَالَ: بِضْعَ عَشَرَةَ يَوْمًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ لِأَنَّ الْبِضْعَ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى تِسْعَةٍ فَيُحْمَلُ عَلَى أَقَلِّهَا قَوْلُهُ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الْأَيَّامَ فَهُوَ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا عَلَى أَيَّامِ أُسْبُوعٍ) وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الشُّهُورَ فَهُوَ عَلَى عَشَرَةِ أَشْهُرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الْجُمَعَ أَوْ السِّنِينَ فَهُوَ عَلَى عَشْرِ جُمَعٍ وَعَشْرِ سِنِينَ فَصَاعِدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا عَلَى جَمِيعِ الْعُمُرِ وَإِنْ قَالَ لَا أُكَلِّمُهُ سِنِينَ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ قَالَ جُمَعًا فَهُوَ ثَلَاثُ جُمَعٍ بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الْجُمَعَ أَوْ جُمَعًا فَلَهُ أَنْ يُكَلِّمَهُ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَكَذَا إذَا نَذَرَ صَوْمَ الْجُمَعِ لَمْ يَلْزَمْهُ صَوْمُ مَا بَيْنَهَا قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الشُّهُورَ فَهُوَ عَلَى عَشَرَةِ أَشْهُرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا) وَقَدْ بَيَّنَّاهُ قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك مَا دَامَ أَبَوَاك حَيَّيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ كَلَّمَهَا لَا يَحْنَثُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَكَتَبَ إلَيْهِ كِتَابًا أَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولًا فَكَلَّمَهُ الرَّسُولُ أَوْ أَوْمَأَ إلَيْهِ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ لَا يَحْنَثُ وَالْكَلَامُ يَقَعُ عَلَى النُّطْقِ دُونَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَا يُحَدِّثُ فُلَانًا فَهُوَ عَلَى هَذَا
قَوْلُهُ (وَإِذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا تَرَكَهُ أَبَدًا) لِأَنَّ يَمِينَهُ وَقَعَتْ عَلَى النَّفْيِ وَالنَّفْيُ لَا يُتَخَصَّصُ بِزَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ فَحُمِلَ عَلَى التَّأْبِيدِ قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا فَفَعَلَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً بَرَّ فِي يَمِينِهِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إيجَادُ الْفِعْلِ وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute