قَوْلُهُ (وَلَا بَأْسَ أَنْ يَعْلِفَ الْعَسْكَرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَيَأْكُلُوا مِمَّا وَجَدُوهُ مِنْ الطَّعَامِ) كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالسَّمْنِ وَالْعَسَلِ وَالزَّيْتِ وَلَمْ يُقَيِّدْ الشَّيْخُ ذَلِكَ بِالْحَاجَةِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ فَفِي رِوَايَةٍ يُشْتَرَطُ الْحَاجَةُ كَمَا فِي الثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يُشْتَرَطُ بَلْ يَجُوزُ تَنَاوُلُهَا لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي طَعَامِ خَيْبَرَ «كُلُوا وَاعْلِفُوا وَلَا تَحْمِلُوا» وَكَذَا لَا يَبِيعُوا مِنْهُ بِذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ.
قَوْلُهُ (وَيَسْتَعْمِلُوا الْحَطَبَ) وَفِي نُسْخَةٍ وَيَسْتَعْمِلُوا الطِّيبَ قَوْلُهُ (وَيَدْهُنُوا بِالدُّهْنِ) يَعْنِي الدُّهْنَ الْمَأْكُولَ مِثْلَ السَّمْنِ وَالزَّيْتِ وَالْخَلِّ وَهُوَ السَّلِيطُ، وَأَمَّا مَا لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ كَالْبَنَفْسَجِ وَدُهْنِ الْوَرْدِ وَمَا أَشْبَهَهُ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَدْهُنُوا بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ لِلزِّينَةِ فَهُوَ كَالثِّيَابِ وَإِنْ دَخَلَ التُّجَّارُ مَعَ الْعَسْكَرِ لَا يُرِيدُونَ الْقِتَالَ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهُ شَيْئًا وَلَا يَعْلِفُوا دَوَابَّهُمْ إلَّا بِالثَّمَنِ لِأَنَّ التَّاجِرَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ فَإِنْ أَكَلَ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ عَلَفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَسْتَقِرَّ فِيهِ، وَأَمَّا الْعَسْكَرُ فَلَهُمْ أَنْ يُطْعِمُوا عَبِيدَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَصِبْيَانَهُمْ لِأَنَّ نَفَقَةَ هَؤُلَاءِ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمْ فَكَانُوا مِثْلَهُمْ، وَأَمَّا الْأَجِيرُ لِلْخِدْمَةِ فَلَا يَأْكُلُ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ وَإِنْ دَخَلَ النِّسَاءُ لِمُدَاوَاةِ الْجَرْحَى وَالْمَرْضَى أَكَلْنَ وَعَلَفْنَ وَأَطْعَمْنَ رَقِيقَهُنَّ لِأَنَّ لَهُنَّ حَقًّا فِي الْغَنِيمَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُرْضَخُ لَهُنَّ فَصِرْنَ كَالرِّجَالِ وَلَوْ أَنَّ الْعَسْكَرَ ذَبَحُوا الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْإِبِلَ فَأَكَلُوا اللَّحْمَ رَدُّوا الْجُلُودَ إلَى الْمَغْنَمِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ فِي الْأَكْلِ وَالْعَلَفِ فَهِيَ كَالثِّيَابِ قَوْلُهُ (وَيُقَاتِلُونَ بِمَا يَجِدُونَهُ مِنْ السِّلَاحِ كُلُّ ذَلِكَ بِغَيْرِ قِسْمَةٍ) يَعْنِي إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ بِأَنْ انْقَطَعَ سَيْفُهُ أَوْ انْكَسَرَ رُمْحُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِلَاحٌ وَكَذَا إذَا دَعَتْهُ حَاجَةٌ إلَى رُكُوبِ فَرَسٍ مِنْ الْمَغْنَمِ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ فَإِذَا زَالَتْ الْحَاجَةُ رَدَّهُ فِي الْغَنِيمَةِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَعْمِلَ مِنْ الدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ وَالسِّلَاحِ شَيْئًا لِيَقِيَ بِهِ دَابَّتَهُ وَثِيَابَهُ وَسِلَاحَهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إيَّاكُمْ وَرِبَا الْغُلُولِ وَلِأَنَّ هَذَا انْتِفَاعٌ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لَكِنْ لَيَصُونَ ثِيَابَهُ وَفَرَسَهُ وَسِلَاحَهُ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لَمْ يَسْتَقِرَّ لِلْغَانِمِينَ.
قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَتَمَوَّلُونَهُ) يَعْنِي لِكَيْ يَتَمَوَّلُوهُ حَتَّى لَوْ بَاعَ شَيْئًا بِطَعَامٍ جَازَ بِشَرْطِ أَنْ يَأْكُلَهُ وَلَا يَبِيعُهُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْعُرُوضِ «وَسُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ أَحَدٌ أَحَقُّ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَغْنَمِ قَالَ لَا حَتَّى السَّهْمِ يَأْخُذُهُ أَحَدُكُمْ مِنْ جَنْبِهِ فَلَيْسَ هُوَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ أَخِيهِ وَأَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَرَةً مِنْ سَنَامِ بَعِيرٍ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ هَذِهِ مِنْ غَنَائِمِكُمْ فَأَدُّوا الْخَيْطَ وَالْمَخِيطَ وَمَا دُونَ ذَلِكَ وَمَا فَوْقَهُ فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَنَارٌ وَشَنَارٌ»
قَوْلُهُ (فَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَحْرَزَ بِإِسْلَامِهِ نَفْسَهُ وَأَوْلَادَهُ الصِّغَارَ) ؛ لِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا وَيَكُونُونَ أَحْرَارًا قَوْلُهُ (وَكُلُّ مَالٍ هُوَ فِي يَدِهِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مَالٍ فَهُوَ لَهُ» .
(قَوْلُهُ أَوْ وَدِيعَةٍ فِي يَدِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) لِأَنَّ مَا فِي يَدِ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ فَهُوَ مُحْرَزٌ لِأَنَّ لَهُمَا يَدًا صَحِيحَةً مُحْتَرَمَةً فَهِيَ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِ إذْ يَدُ مُودِعِهِ يَدٌ لَهُ، وَأَمَّا مَا كَانَ فِي يَدِ حَرْبِيٍّ فَهُوَ فَيْءٌ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَيْسَ لَهُ يَدٌ صَحِيحَةٌ قَوْلُهُ (فَإِنْ ظَهَرْنَا عَلَى الدَّارِ فَعَقَارُهُ فَيْءٌ) لِأَنَّ الْعَقَارَ بُقْعَةٌ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ فِي يَدِ أَهْلِ الدَّارِ فَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً فَكَانَتْ غَنِيمَةً وَالزَّرْعُ إذَا كَانَ غَيْرَ مَحْصُودٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْعَقَارِ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ مَا كَانَ مَنْقُولًا فَهُوَ لَهُ كَالدَّرَاهِمِ وَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ وَالْجَوَارِي وَلَا يَكُونُ فَيْئًا إلَّا إذَا كَانَ الْعَبْدُ يُقَاتِلُ فَإِنَّهُ يَكُونُ فَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَاتَلَ خَرَجَ مِنْ يَدِ الْمَوْلَى، وَأَمَّا مَا كَانَ غَيْرَ مَنْقُولٍ كَالدُّورِ وَالْعَقَارِ وَالزَّرْعِ غَيْرِ الْمَحْصُودِ فَهُوَ فَيْءٌ عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْمَنْقُولُ وَغَيْرُ الْمَنْقُولِ سَوَاءٌ وَلَا يَكُونُ فَيْئًا قَوْلُهُ (وَزَوْجَتُهُ فَيْءٌ) لِأَنَّهَا كَافِرَةٌ حَرْبِيَّةٌ لَا تَتْبَعُهُ فِي الْإِسْلَامِ قَوْلُهُ (وَحَمْلُهَا فَيْءٌ) ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ مُتَّصِلًا بِأُمِّهِ فَهُوَ كَعُضْوٍ مِنْهَا بِدَلِيلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute