للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْحَاجَةِ وَمَنْ أُبِيحَ لَهُ تَنَاوُلُ شَيْءٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهُ كَمَنْ أَبَاحَ طَعَامًا لِغَيْرِهِ

قَوْلُهُ (وَمَنْ مَاتَ مِنْ الْغَانِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ إخْرَاجِهَا فَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ) لِأَنَّ حَقَّ الْغَانِمِينَ لَا يَثْبُتُ فِيهَا مَا لَمْ يُحْرِزُوهَا بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَلَا يَمْلِكُونَهَا إلَّا بِالْقِسْمَةِ فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْهَا شَيْئًا قَوْلُهُ (وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بَعْدَ إخْرَاجِهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَنَصِيبُهُ لِوَرَثَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ ثُبُوتِ حَقِّهِ فِيهَا

قَوْلُهُ (وَلَا بَأْسَ أَنْ يُنْفِلَ الْإِمَامُ فِي حَالِ الْقِتَالِ وَيُحَرِّضَ بِالنَّفْلِ عَلَى الْقَتْلِ) ذَكَرَهُ بِلَفْظٍ لَا بَأْسَ بِهِ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ بِلَفْظِ الِاسْتِحْبَابِ.

وَفِي الْهِدَايَةِ التَّحْرِيضُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال: ٦٥] أَيْ رَغِّبْهُمْ وَالتَّحْرِيضُ التَّرْغِيبُ فِي الشَّيْءِ وَالتَّنْفِيلُ نَوْعُ تَحْرِيضٍ وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةً لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ الشُّجْعَانَ يَرْغَبُونَ فِي ذَلِكَ فَيُخَاطِرُونَ بِأَنْفُسِهِمْ وَيُقْدِمُونَ عَلَى الْقِتَالِ قَوْلُهُ (فَيَقُولُ مَنْ قَتَلَ) مِنْكُمْ (قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ) قَالَ الْخُجَنْدِيُّ التَّنْفِيلُ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِتَالِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَا يَمْلِكُ الْإِمَامُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ لِأَجْلِ التَّحْرِيضِ عَلَى الْقِتَالِ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ لَا تَحْرِيضَ ثُمَّ إذَا كَانَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِتَالِ فَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَمَّا أَنْ يَقُولَ مَنْ أَخَذَ مِنْكُمْ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ أَوْ يَقُولَ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ مِنْكُمْ أَوْ يَقُولَ مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ أَوْ يَقُولَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا وَلَمْ يَقُلْ مِنْكُمْ أَمَّا إذَا قَالَ مَنْ أَخَذَ مِنْكُمْ فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ ذَلِكَ وَإِنْ قَالَ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا دَخَلَ الْإِمَامُ تَحْتَ ذَلِكَ وَكَذَا إذَا قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا دَخَلَ هُوَ حَتَّى لَوْ قَتَلَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فَلَهُ سَلَبُهُ.

وَإِنْ قَالَ مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يَدْخُلُ ثُمَّ إذَا قَالَ مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَقَتَلَ رَجُلٌ رَجُلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَهُ سَلَبُ الْكُلِّ وَإِنْ كَانَ رَجُلَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَأَكْثَرُ قَتَلُوا رَجُلًا فَإِنَّك تَنْظُرُ إنْ كَانَ الْمَقْتُولُ مُبَارِزًا يُقَاوِمُ كُلًّا مِنْهُمْ كَانَ لَهُ سَلَبُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُقَاوِمُهُمْ صَارَ عَاجِزًا فَلَا يَسْتَحِقُّونَ سَلَبَهُ وَيَكُونُ غَنِيمَةً لِجَمِيعِ الْجَيْشِ لِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا يَقُولُ هَذَا لِإِظْهَارِ الْجَلَادَةِ فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا فَلَا جَلَادَةَ فِي قَتْلِهِ وَقَوْلُهُ قَتِيلًا سَمَّاهُ قَتِيلًا وَهُوَ حَيٌّ اعْتِبَارًا بِمَا يَئُولُ إلَيْهِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: ٣٦] وَإِنَّمَا يَعْصِرُ عِنَبًا لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ يَئُولُ إلَى الْخَمْرِ سُمِّيَ خَمْرًا وَلَوْ قَتَلَهُ رَجُلَانِ اشْتَرَكَا فِي سَلَبِهِ فَإِنْ بَدَا أَحَدُهُمَا فَضَرَبَهُ ثُمَّ أَجْهَزَهُ الْآخَرُ إنْ كَانَ ضَرْبُ الْأَوَّلِ أَثْخَنَهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُقَاتِلَ وَلَا يُعِينَ بِقَوْلٍ فَالسَّلَبُ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ الْمَقْتُولِ وَإِنْ كَانَ ضَرْبُ الْأَوَّلِ لَمْ يُصَيِّرْهُ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ فَالسَّلَبُ لِلثَّانِي وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ «مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ ضَرَبَ مَرْحَبًا فَقَطَعَ رِجْلَيْهِ وَضَرَبَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عُنُقَهُ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَرَدْت قَتْلَهُ لَقَتَلْته وَلَكِنِّي أَرَدْت أَنْ أُعَذِّبَهُ كَمَا عَذَّبَ أَخِي فَأَعْطَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَبَهُ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ» وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ضَرْبَهُ جَعَلَهُ بِحَيْثُ لَا يُقَاتِلُ وَلَا يُعِينُ عَلَى الْقِتَالِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَإِذَا لَمْ يُجْعَلْ السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ فَقَتَلَ رَجُل قَتِيلًا فَسَلَبُهُ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ وَالْقَاتِلُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ قَوْلُهُ (أَوْ يَقُولُ لِلسَّرِيَّةِ قَدْ جَعَلْت لَكُمْ الرُّبْعَ بَعْدَ الْخُمُسِ) أَيْ بَعْدَ مَا يَرْفَعُ الْخُمْسَ وَكَذَا إذَا قَالَ الثُّلُثُ بَعْدَ الْخُمْسِ أَوْ النِّصْفُ بَعْدَ الْخُمْسِ مَعْنَاهُ أَنْتُمْ مُنْفَرِدُونَ بِالرُّبْعِ مِنْ جُمْلَةِ الْعَسْكَرِ يُؤْخَذُ مِنْهُ خُمْسُ ذَلِكَ وَيَكُونُ لَهُمْ مَا سُمِّيَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الْخُمْسِ وَمَا زَادَ عَلَى مَا سُمِّيَ لَهُمْ يُشَارِكُونَ الْعَسْكَرَ فِيهِ وَإِنْ قَالَ فَلَكُمْ الرُّبْعُ وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ الْخُمْسِ لَمْ يُخَمَّسْ الرُّبْعُ وَصَارَ لَهُمْ النَّفَلُ بِخَمْسَةٍ وَكَذَا إذَا قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ لَمْ يُخَمِّسْ الْأَسْلَابَ وَإِنْ قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ بَعْدَ الْخُمْسِ خَمَّسَ الْأَسْلَابَ

قَوْلُهُ (وَلَا يُنْفِلُ بَعْدَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ إلَّا مِنْ الْخُمْسِ) لِأَنَّهَا إذَا أُحْرِزَتْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ جَمِيعِ الْجَيْشِ، وَأَمَّا الْخُمْسُ فَلَا حَقَّ لِلْجَيْشِ فِيهِ فَيَجُوزُ التَّنْفِيلُ مِنْهُ قَوْلُهُ (وَإِذَا لَمْ يَجْعَلْ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ وَالْقَاتِلُ وَغَيْرُهُ فِيهِ سَوَاءٌ) .

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا قَتَلَ كَافِرًا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ فَلَهُ سَلَبُهُ قَوْلُهُ (وَالسَّلَبُ مَا عَلَى الْمَقْتُولِ مِنْ ثِيَابِهِ وَسِلَاحِهِ وَمَرْكَبِهِ) وَكَذَا مَا عَلَى مَرْكَبِهِ مِنْ السَّرْجِ وَالْآلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>