للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخُطْبَةَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْأَوَّلِ قَدْ انْعَقَدَتْ الصَّلَاةُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْخُطْبَةِ فِي حَالِ بَقَائِهَا وَهُنَا لَمْ تَنْعَقِدْ فَصَارَ كَالْإِمَامِ نَفْسِهِ يُصَلِّي بِغَيْرِ خُطْبَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ شَرَائِطِهَا الْجَمَاعَةُ) وَهِيَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ الْمُبْتَدَأِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ الْمُؤَكَّدِ وَذَلِكَ بِالرَّكْعَةِ وَعِنْدَ زُفَرَ شَرْطُ الدَّوَامِ وَفَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا نَفَرُوا عَنْهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ قَبْلَ التَّقْيِيدِ بِالسَّجْدَةِ فَعِنْدَهُمَا يُتِمُّهَا جُمُعَةً وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَسْتَقْبِلُ الظُّهْرَ، وَلَوْ نَفَرُوا عَنْهُ بَعْدَ السُّجُودِ أَتَمَّهَا جُمُعَةً خِلَافًا لِزُفَرَ، وَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ وَتَغَافَلَ الْقَوْمُ وَلَمْ يُكَبِّرُوا حَتَّى فَرَغَ مِنْ الثَّنَاءِ وَأَخَذَ فِي الْقِرَاءَةِ مِقْدَارَ آيَةٍ قَصِيرَةٍ ثُمَّ كَبَّرُوا فَسَدَتْ الْجُمُعَةُ لِلْإِمَامِ وَالْقَوْمِ جَمِيعًا، أَمَّا لَوْ كَبَّرُوا قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْقِرَاءَةِ تَجُوزُ الْجُمُعَةُ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَبَّرُوا قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةً طَوِيلَةً صَحَّتْ الْجُمُعَةُ وَإِلَّا فَلَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ شَرَعُوا قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ صَحَّتْ الْجُمُعَةُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ خَطَبَ وَنَفَرَ عَنْهُ النَّاسُ وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إلَّا النِّسَاءُ أَوْ الصِّبْيَانُ لَمْ يُصَلِّ بِهِمْ الْجُمُعَةَ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا أَئِمَّةً فِيهَا بِحَالٍ وَإِنْ بَقِيَ مَعَهُ عَبِيدٌ أَوْ مُسَافِرُونَ أَوْ مَرْضَى صَلَّى بِهِمْ الْجُمُعَةَ، وَلَوْ فَرَغَ مِنْ الْخُطْبَةِ فَذَهَبُوا كُلُّهُمْ وَجَاءَ آخَرُونَ لَمْ يَشْهَدُوا الْخُطْبَةَ فَصَلَّى بِهِمْ الْجُمُعَةَ أَجْزَأَهُ.

(قَوْلُهُ: وَأَقَلُّهُمْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ ثَلَاثَةٌ سِوَى الْإِمَامِ) وَالشَّرْطُ فِيهِمْ أَنْ يَكُونُوا صَالِحِينَ لِلْإِمَامَةِ أَمَّا إذَا كَانُوا لَا يَصْلُحُونَ لَهَا كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ اثْنَانِ سِوَى الْإِمَامِ) لِأَنَّ لِلْمُثَنَّى حُكْمَ الْجَمَاعَةِ حَتَّى إنَّ الْإِمَامَ تَقَدَّمَ عَلَيْهِمَا وَلَهُمَا قَوْله تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] فَهَذَا يَقْتَضِي مُنَادِيًا وَهُوَ الْمُؤَذِّنُ وَذَاكِرًا وَهُوَ الْإِمَامُ، وَقَوْلُهُ فَاسْعَوْا خِطَابُ جَمْعٍ وَأَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ) لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جَهَرَ فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِيهِمَا قِرَاءَةُ سُورَةٍ بِعَيْنِهَا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى سُورَةَ الْجُمُعَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ سُورَةَ الْمُنَافِقِينَ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى مُسَافِرٍ) لِأَنَّهُ تَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ بِأَدَائِهَا؛ لِأَنَّهُ يَنْقَطِعُ بِانْتِظَارِ الْإِمَامِ عَنْ سَفَرِهِ فَسَقَطَتْ عَنْهُ كَالصَّوْمِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا امْرَأَةٍ) لِأَنَّهَا مَنْهِيَّةٌ عَنْ الْخُرُوجِ وَمَشْغُولَةٌ بِخِدْمَةِ الزَّوْجِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا مَرِيضٍ) لِعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ وَأَمَّا الْمُمَرِّضُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ الْمَرِيضُ ضَائِعًا بِخُرُوجِهِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا عَبْدٍ) لِأَنَّهُ مَشْغُولٌ بِخِدْمَةِ مَوْلَاهُ فَإِذَا أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُخَيَّرُ وَهَلْ تَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ قَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا وَالْأَصَحُّ الْوُجُوبُ وَكَذَا مُعْتَقُ الْبَعْضِ فِي حَالِ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ، وَأَمَّا الْمَأْذُونُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى.

(قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى أَعْمَى) وَلَوْ وَجَدَ قَائِدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا إذَا وَجَدَ قَائِدًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْمَشْيِ وَإِنَّمَا لَا يَهْتَدِي وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ السَّعْيُ فَأَشْبَهَ الزَّمِنَ، وَكَذَا الْأَجِيرُ لَا يَذْهَبُ إلَى الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ إلَّا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ لَكِنْ يَسْقُطُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقِسْطِهِ، وَكَذَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمُخْتَفِي مِنْ الْأَمِيرِ الظَّالِمِ وَتَسْقُطُ أَيْضًا بِعُذْرِ الْمَطَرِ وَالْوَحْلِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ حَضَرُوا وَصَلَّوْا مَعَ النَّاسِ أَجْزَأَهُمْ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ) لِأَنَّهُمْ تَحَمَّلُوهُ فَصَارُوا كَالْمُسَافِرِ إذَا صَامَ.

(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرِيضِ أَنْ يَؤُمُّوا فِي الْجُمُعَةِ) .

وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْضَ عَلَيْهِمْ فَأَشْبَهُوا الصَّبِيَّ وَالْمَرْأَةَ وَلَنَا أَنَّ الْخِطَابَ يَتَنَاوَلُهُمْ إلَّا أَنَّهُمْ عُذِرُوا دَفْعًا لِلْحَرَجِ فَلَوْ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُمْ فَرْضُ الْوَقْتِ بِأَدَائِهِمْ الْجُمُعَةَ كَانَ فِيهِ فَسَادُ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّ الْإِسْقَاطَ عَنْهُمْ لِدَفْعِ الْحَرَجِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ يُؤَدِّي إلَى الْحَرَجِ وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا يَقَعُ فِعْلُهُ فَيَكُونُ فِيهِ بِنَاءُ الْفَرْضِ عَلَى النَّفْلِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا تَصْلُحُ لِإِمَامَةِ الرِّجَالِ وَإِذَا ثَبَتَ انْعِقَادُ الْجُمُعَةِ بِائْتِمَامِهِمْ اُعْتُدَّ بِهِمْ فِي عَدَدِ الْمُؤْتَمِّينَ كَالْحُرِّ الْمُقِيمِ،.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا أَئِمَّةً وَلَا يُعْتَدُّ بِهِمْ فِي الْعَدَدِ.

(قَوْلُهُ: مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي مَنْزِلِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَا عُذْرَ بِهِ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ وَجَازَتْ صَلَاتُهُ) .

وَقَالَ زُفَرُ لَا يُجْزِيهِ الظُّهْرُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْجُمُعَةَ هِيَ الْفَرِيضَةُ أَصْلًا وَالظُّهْرُ كَالْبَدَلِ وَلَا يُصَارُ إلَى الْبَدَلِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>