للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَوِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِ وَتَقْلِيدٌ لِمَنْ رَجَّحَهُ مِنَ الْأَصْحَابِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْوَكِيلِ فَيَنْظُرُ إِنْ عَيَّنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ الدَّفْعَ إِلَى عَدَدٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى أَقَلَّ مِنْهُ، فَإِنْ فَعَلَ اسْتَرَدَّ مِنَ الْفَقِيرِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ غَرِمَ الْوَكِيلُ لِبَقِيَّةِ الْأَشْخَاصِ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَيَحْتَمِلُ بُطْلَانُ هَذَا التَّوْكِيلِ وَيَحْتَمِلُ صِحَّتُهُ، وَيُرَاعِي مَذْهَبَ الْمُوَكِّلِ تَنْزِيلًا لِلْإِطْلَاقِ مَنْزِلَةَ التَّعَيُّنِ بِقَرِينَةِ الْمُعْتَقِدِ، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ أَظْهَرُ، فَإِنْ صَرَفَهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ لِوَاحِدٍ اسْتَرَدَّ، فَإِنْ تَعَذَّرَ غَرِمَ لِأَحَدَ عَشَرَ نَفَرًا، إِذِ الْمَوْجُودُ مِنَ الْأَصْنَافِ الْآنَ أَرْبَعَةٌ فَيَغْرَمُ لِتِسْعَةٍ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ قَدَحَيْنِ وَذَلِكَ قَدَحٌ وَنِصْفٌ، وَلِاثْنَيْنِ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ، وَمَدَارِكُ جَمِيعِ مَا قُلْنَاهُ مِنَ التَّخْرِيجِ لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ إِلْمَامٌ بِالْفِقْهِ.

[بَذْلُ الْعَسْجَدِ لِسُؤَالِ الْمَسْجِدِ]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى. السُّؤَالُ فِي الْمَسْجِدِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَإِعْطَاءُ السَّائِلِ فِيهِ قُرْبَةٌ يُثَابُ عَلَيْهَا وَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا، هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ وَالَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ، أَمَّا النَّقْلُ فَقَالَ النووي فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ الْغُسْلِ: فَرْعٌ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُعْطِيَ السَّائِلَ فِي الْمَسْجِدِ شَيْئًا لِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا] قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَطْعَمَ الْيَوْمَ مِسْكِينًا، فَقَالَ أبو بكر: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا أَنَا بِسَائِلٍ يَسْأَلُ، فَوَجَدْتُ كِسْرَةَ خُبْزٍ فِي يَدِ عبد الرحمن فَأَخَذْتُهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ» ) رَوَاهُ أبو داود بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ - هَذَا كَلَامُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِحُرُوفِهِ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي أَوْرَدَهُ فِيهِ دَلِيلٌ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِ لَيْسَتْ مَكْرُوهَةً، وَأَنَّ السُّؤَالَ فِي الْمَسْجِدِ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ بِأَخْبَارِ الصديق وَلَمْ يُنْكِرْهُ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُقِرَّ عَلَيْهِ بَلْ كَانَ يَمْنَعُ السَّائِلَ مِنَ الْعَوْدِ إِلَى السُّؤَالِ فِي الْمَسْجِدِ، وَبِذَلِكَ يُعْرَفُ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ السُّؤَالِ فِي الْمَسْجِدِ إِنْ ثَبَتَ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَالتَّنْزِيهِ، وَهَذَا صَارِفٌ لَهُ عَنِ الْحُرْمَةِ، قُلْتُ: وَمَنْ أَخَذَ تَحْرِيمَهُ مِنْ كَوْنِهِ مُؤْذِيًا لِلْمُصَلِّينَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ فَأَكْثَرُ مَا يَنْهَضُ ذَلِكَ دَلِيلًا لِلْكَرَاهَةِ، وَقَدْ نَصَّ النووي فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْخُصُومَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ بِالتَّحْرِيمِ، وَكَذَا رَفْعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>