للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْقُوفٌ. وَفِي حَدِيثِ عبد الرزاق عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: «سَبْعٌ مِنَ الشَّيْطَانِ. فَذَكَرَ مِنْهَا شِدَّةَ الْعُطَاسِ» . مَا الْجَمْعُ بَيْنَ ذَلِكَ؟ .

الْجَوَابُ: الْمَقَامُ مَقَامَانِ: مَقَامُ الْإِطْلَاقِ وَمَقَامٌ نِسْبِيٌّ، فَأَمَّا مَقَامُ الْإِطْلَاقِ فَإِنَّ التَّثَاؤُبَ وَالْعُطَاسَ فِي الصَّلَاةِ كِلَاهُمَا مِنَ الشَّيْطَانِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ، وَأَمَّا الْمَقَامُ النِّسْبِيُّ، فَإِذَا وَقَعَا فِي الصَّلَاةِ مَعَ كَوْنِهِمَا مِنَ الشَّيْطَانِ، فَالْعُطَاسُ فِي الصَّلَاةِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ التَّثَاؤُبِ فِيهَا، وَالتَّثَاؤُبُ فِيهَا أَكْرَهُ إِلَيْهِ مِنَ الْعُطَاسِ فِيهَا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ أَثَرُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، فَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى تَفَاوُتِ رُتَبِ بَعْضِ الْمَكْرُوهِ عَلَى بَعْضٍ، هَذَا عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِ لَفْظِ (فِي الصَّلَاةِ) فِي الْأَثَرِ.

[الْجَوَابُ الْحَزْمُ عَنْ حَدِيثِ التَّكْبِيرُ جَزْمٌ]

مَسْأَلَةٌ: فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: التَّكْبِيرُ جَزْمٌ، وَفِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ تَأْيِيدًا لِمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَنْطِقْ بِالتَّكْبِيرِ إِلَّا مَجْزُومًا، هَلِ الْحَدِيثُ ثَابِتٌ أَمْ لَا؟ وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ أَوْ ضَعِيفٌ؟ وَمَنْ خَرَّجَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ؟ وَمَنْ رِجَالُهُ وَمَنْ تَعَرَّضَ لِلْكَلَامِ عَلَى سَنَدِهِ وَمَتْنِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ؟ وَمَا التَّحْقِيقُ فِي حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ، هَلْ يُشْتَرَطُ الْجَزْمُ فِيهَا أَوْ لَا؟ وَهَلْ لِلشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيهَا نَصٌّ أَمْ لَا؟ .

الْجَوَابُ: أَمَّا الْحَدِيثُ فَغَيْرُ ثَابِتٍ، قَالَ الْحَافِظُ أبو الفضل ابن حجر فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ: حَدِيثُ: التَّكْبِيرُ جَزْمٌ، لَا أَصْلَ لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، حَكَاهُ عَنْهُ التِّرْمِذِيُّ. انْتَهَى. وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَى إِسْنَادِهِ عَنِ النَّخَعِيِّ، قَالَ عبد الرزاق فِي مُصَنَّفِهِ: عَنْ يحيى بن العلاء عَنْ مغيرة قَالَ: قَالَ إبراهيم: التَّكْبِيرُ جَزْمٌ، يَقُولُ: لَا يُمَدُّ - هَكَذَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ مُفَسَّرًا - وَهَذَا التَّفْسِيرُ إِمَّا مِنَ الرَّاوِي عَنِ النَّخَعِيِّ أَوْ مِنْ يحيى أَوْ مِنْ عبد الرزاق، وَكُلٌّ مِنْهُمْ أَوْلَى بِالرُّجُوعِ إِلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ الْأَثَرِ، وَفَسَّرَهُ بِذَلِكَ أَيْضًا الْإِمَامُ الرافعي فِي الشَّرْحِ، وابن الأثير فِي النِّهَايَةِ، وَجَمَاعَةٌ آخَرُونَ، وَأَغْرَبَ المحب الطبري فَقَالَ: مَعْنَاهُ لَا يُمَدُّ وَلَا يُعْرَبُ، بَلْ يُسَكَّنُ آخِرُهُ. وَهَذَا الثَّانِي مَرْدُودٌ بِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا مُخَالَفَتُهُ لِتَفْسِيرِ الرَّاوِي، وَالرُّجُوعُ إِلَى تَفْسِيرِ الرَّاوِي أَوْلَى كَمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ، الثَّانِي مُخَالَفَتُهُ لِمَا فَسَّرَهُ بِهِ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ، الثَّالِثُ أَنَّ إِطْلَاقَ الْجَزْمِ عَلَى حَذْفِ الْحَرَكَةِ الْإِعْرَابِيَّةِ لَمْ يَكُنْ مَعْهُودًا فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا هُوَ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ فَلَا يَصِحُّ الْحَمْلُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَنْطِقْ بِالتَّكْبِيرِ إِلَّا مَجْزُومًا، فَلَمْ نَقِفْ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>