[أَلْوِيَةُ النَّصْرِ فِي خِصِّيصَى بِالْقَصْرِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مَسْأَلَةٌ: قَرَأَ قَارِئٌ عَلَيَّ فِي خَتْمِ " كِتَابِ الشِّفَا " بِالْخَانْقَاهِ الشَّيْخُونِيَّةِ قَوْلَهُ: وَيَخُصُّنَا بِخِصِّيصَيْ زُمْرَةِ نَبِيِّنَا وَجَمَاعَتِهِ. فَقَرَأَهَا " بِخِصِّيصَيْ " بِالْيَاءِ السَّاكِنَةِ آخِرَهَا عَلَى أَنَّ الْكَلِمَةَ مُثَنَّاةٌ مُضَافَةٌ لِمَا بَعْدَهَا، فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ لَهُ: قُلْ: بِخِصِّيصَى -أَعْنِي بِأَلِفِ الْقَصْرِ- وَذَلِكَ بِحَضْرَةِ شَيْخِنَا الْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ محيي الدين الكافيجي، فَقَالَ الشَّيْخُ: نَعَمْ بِخِصِّيصَى -يَعْنِي بِالْأَلِفِ- فَقَالَ الْقَارِئُ الْمَذْكُورُ: فِيهَا الْوَجْهَانِ، فَقُلْتُ: لَيْسَ فِيهَا إِلَّا وَجْهٌ وَاحِدٌ، فَذَهَبَ فَكَتَبَ صُورَةَ سُؤَالٍ، وَأَخَذَ عَلَيْهِ خُطُوطَ جَمَاعَةٍ بِتَصْوِيبِ مَا قَالَهُ، وَهُمُ الشَّيْخُ أمين الدين الأقصرائي، وَالشَّيْخُ زين الدين قاسم الحنفي، وَالشَّيْخُ سراج الدين العبادي، وَالْحَافِظُ فخر الدين الديمي، وَالْمُحَدِّثُ الْمُؤَرِّخُ شمس الدين السخاوي، فَجَمَعْتُ نُقُولَ أَئِمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ وَاللُّغَةِ، وَأَرْسَلْتُهَا إِلَى الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ مَا عَدَا السَّخَاوِيَّ، فَعَرَفُوا الصَّوَابَ فِي ذَلِكَ وَرَجَعُوا عَمَّا كَتَبُوهُ أَوَّلًا، وَكَتَبُوا ثَانِيًا بِتَصْوِيبِ مَا قُلْتُهُ أَنَّهَا بِالْأَلِفِ الْمَقْصُورَةِ، فَذَهَبَ الْقَارِئُ إِلَى السَّخَاوِيِّ يَسْتَنْجِدُ بِهِ، فَكَتَبَ لَهُ عَلَى سُؤَالٍ آخَرَ كِتَابَةً طَوِيلَةً عَرِيضَةً مَضْمُونُهَا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ كَمَا رَجَعَ هَؤُلَاءِ، وَأَنَّ مُسْتَنَدَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ عِنْدَهُ نُسْخَةً مِنَ " الشِّفَا " صَحِيحَةً قُرِأَتْ عَلَى شُيُوخٍ عِدَّةٍ، وَفِيهَا صُورَةُ السُّكُونِ مَرْقُومَةٌ بِالْقَلَمِ عَلَى الْيَاءِ، فَقُلْتُ: كَفَى بِهَذَا الْكَلَامِ جَهْلًا، وَمَنْ هَذَا مَبْلَغُ عِلْمِهِ فَهُوَ غَنِيٌّ عَنِ الرَّدِّ عَلَيْهِ.
أَطْبَقَتْ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ وَالْعَرَبِيَّةِ عَلَى أَنَّ خِصِّيصَى بِأَلِفِ الْقَصْرِ، وَقَدْ تُمَدُّ شُذُوذًا فَيُقَالُ: خِصِّيصَاءُ، مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْخُصُوصِيَّةِ، وَيُقَالُ: خَصَّهُ بِالشَّيْءِ خُصُوصًا وَخُصُوصِيَّةً وَخِصِّيصَى وَخِصِّيصَاءَ فِي لُغَةٍ، وَخَاصَّةً نَصَّ عَلَى ذَلِكَ سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ وَالسِّيرَافِيُّ فِي شَرْحِهِ، والقالي فِي كِتَابِهِ " الْمَقْصُورُ وَالْمَمْدُودُ "، والفارابي فِي دِيوَانِ الْأَدَبِ، وابن فارس فِي " الْمُجْمَلِ "، ونشوان الحميري فِي شَمْسِ الْعُلُومِ، وابن دريد فِي " الْجَمْهَرَةِ "، والجوهري فِي " الصِّحَاحِ "، وَابْنُ سِيدَهْ فِي " الْمُحْكَمِ "، وَالْخَفَّافُ فِي " شَرْحِ الْجُمَلِ "، وَأَبُو الْبَقَاءِ الْعُكْبَرِيُّ فِي " اللُّبَابِ "، وَالزَّمَخْشَرِيُّ فِي كِتَابِ " الْمَصَادِرِ "، والعبسي فِي " الْخُلَاصَةِ "، والصغاني فِي " الْعُبَابِ "، وابن عصفور فِي " الْمُمْتِعِ "، والأزدي فِي " الدُّرَرِ "، وابن مالك فِي مَنْظُومَتِهِ وَشَرْحِهَا، وَابْنُهُ فِي " شَرْحِ الْأَلْفِيَّةِ " وَفِي " شَرْحِ لَامِيَّةِ الْأَفْعَالِ "، وأبو حيان فِي " شَرْحِ التَّسْهِيلِ "، وابن هشام فِي " التَّوْضِيحِ "، وابن جابر فِي مَنْظُومَتِهِ، والفيروزابادي فِي " الْقَامُوسِ "، وَخَلَائِقُ، وَمِنْ نَظَائِرِهَا الْحِثِّيثَى،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute