الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ: وَإِنِّي لَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: ١٨] ، وَمِنْ هُنَا سَمَّى الْعُلَمَاءُ اسْتِعْمَالَ ذَلِكَ ضَرْبَ مَثَلٍ وَتَمَثُّلًا، وَكَذَا مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي بكر وعمر حِينَ اسْتَشَارَهُمَا فِي أَسْرَى بَدْرٍ: " «مَثَلُكَ يَا أبا بكر مَثَلُ إِبْرَاهِيمَ حَيْثُ قَالَ: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: ٣٦] وَمَثَلُكَ يَا عمر، مَثَلُ نُوحٍ حَيْثُ قَالَ: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: ٢٦] » - وَفِي رِوَايَةٍ - «إِنَّ مَثَلَكَ يَا أبا بكر مَثَلُ عِيسَى قَالَ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: ١١٨] ، وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا عمر، مَثَلُ مُوسَى قَالَ: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: ٨٨] » ، فَمِنْ هَذَا وَأَمْثَالِهِ أَطْلَقَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ عَلَى ذَلِكَ ضَرْبَ مَثَلٍ.
[وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ مِنِ اسْتِعْمَالِ مَا نَحْنُ فِيهِ وَكَفَى بِهِ حُجَّةً]
وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ مِنِ اسْتِعْمَالِ مَا نَحْنُ فِيهِ وَكَفَى بِهِ حُجَّةً
أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ عَنْ أبي حاتم المزني قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ» "، وَقَدْ سَبَقَنِي إِلَى الِاحْتِجَاجِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى التَّمَثُّلِ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ الْحَافِظُ أبو بكر بن مردويه، حَيْثُ أَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي تَفْسِيرِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي آخِرِ سُورَةِ الْأَنْفَالِ: {إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال: ٧٣] ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَمْرٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ تَغْيِيرُ بَعْضِ النَّظْمِ بِإِبْدَالِ كَلِمَةٍ بِأُخْرَى، وَبِزِيَادَةٍ وَنَقْصٍ، كَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْإِنْشَاءِ كَثِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ التِّلَاوَةُ، وَلَا الْقِرَاءَةُ، وَلَا إِيرَادُ النَّظْمِ عَلَى أَنَّهُ قُرْآنٌ.
وَمِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا لِجَوَازِ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ مالك، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهَا لَيْلًا، فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتْ يَهُودُ بِمِسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute