للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أَنْبَاءُ الْأَذْكِيَاءِ بِحَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى. وَقَعَ السُّؤَالُ: قَدِ اشْتُهِرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ فِي قَبْرِهِ وَوَرَدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» ، فَظَاهَرُهُ مُفَارَقَةُ الرُّوحِ [لَهُ] فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَكَيْفَ الْجَمْعُ؟ وَهُوَ سُؤَالٌ حَسَنٌ يَحْتَاجُ إِلَى النَّظَرِ وَالتَّأَمُّلِ.

فَأَقُولُ: حَيَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَبْرِهِ هُوَ وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ مَعْلُومَةٌ عِنْدَنَا عِلْمًا قَطْعِيًّا لِمَا قَامَ عِنْدَنَا مِنَ الْأَدِلَّةِ فِي ذَلِكَ وَتَوَاتَرَتْ [بِهِ] الْأَخْبَارُ، وَقَدْ أَلَّفَ الْبَيْهَقِيُّ جُزْءًا فِي حَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ فِي قُبُورِهِمْ، فَمِنَ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسَرِيَ بِهِ مَرَّ بِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ» ، وَأَخْرَجَ أبو نعيم فِي الْحِلْيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَبْرِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِيهِ» ، وَأَخْرَجَ أبو يعلى فِي مُسْنَدِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ حَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ» ، وَأَخْرَجَ أبو نعيم فِي الْحِلْيَةِ عَنْ يوسف بن عطية قَالَ: سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ يَقُولُ لحميد الطويل: هَلْ بَلَغَكَ أَنَّ أَحَدًا يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ إِلَّا الْأَنْبِيَاءَ؟ قَالَ: لَا، وَأَخْرَجَ أبو داود وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أوس بن أوس الثقفي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ الصَّلَاةَ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تُعْرَضُ عَلَيَّ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تُعْرَضُ عَلَيْكَ صَلَاتُنَا وَقَدْ أَرِمْتَ؟ يَعْنِي: بَلِيتَ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَامَ الْأَنْبِيَاءِ» ، وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ، والأصبهاني فِي التَّرْغِيبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ عِنْدَ قَبْرِي سَمِعْتُهُ وَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ نَائِيًا بُلِّغْتُهُ» .

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ عَنْ عمار سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى مَلَكًا أَعْطَاهُ أَسْمَاعَ الْخَلَائِقِ قَائِمٌ عَلَى قَبْرِي فَمَا مِنْ أَحَدٍ يُصَلِّي عَلَيَّ صَلَاةً إِلَّا بُلِّغْتُهَا» ، وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي حَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ، والأصبهاني فِي التَّرْغِيبِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مِائَةً فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، قَضَى اللَّهُ لَهُ مِائَةَ حَاجَةٍ سَبْعِينَ مِنْ حَوَائِجِ الْآخِرَةِ وَثَلَاثِينَ مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا، ثُمَّ وَكَّلَ اللَّهُ بِذَلِكَ مَلَكًا يُدْخِلُهُ عَلَيَّ فِي قَبْرِي كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>