للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إِعْمَالُ الْفِكْرِ فِي فَضْلِ الذِّكْرِ]

مَسْأَلَةٌ فِي الذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ: هَلْ هُوَ مُعَادِلٌ لِلصَّدَقَةِ وَيَقُومُ مَقَامَهَا فِي دَفْعِ الْبَلَاءِ؟ الْجَوَابُ: الْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ وَفِي تَفْضِيلِهِ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ سَبَبًا لِدَفْعِ الْبَلَاءِ فَهُوَ أَمْرٌ لَا مِرْيَةَ فِيهِ، فَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ لَا تُحْصَى فِي أَذْكَارٍ مَخْصُوصَةٍ مَنْ قَالَهَا عُصِمَ مِنَ الْبَلَاءِ وَمِنَ الشَّيْطَانِ وَمِنَ الضُّرِّ وَمِنَ السُّمِّ وَمِنْ لَذْعَةِ الْعَقْرَبِ، وَمِنْ أَنْ يُصِيبَهُ شَيْءٌ يَكْرَهُهُ، وَكِتَابُ الْأَذْكَارِ لِلشَّيْخِ محيي الدين النووي مَشْحُونٌ بِذَلِكَ، وَكَذَا كِتَابُ الدُّعَاءِ لِلطَّبَرَانِيِّ وَلِلْبَيْهَقِيِّ، فَلَا مَعْنَى لِلْإِطَالَةِ بِذَلِكَ، وَقَدْ صَحَّ فِي لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، أَنَّهَا تَدْفَعُ سَبْعِينَ بَابًا مِنَ الضُّرِّ أَدْنَاهَا الْفَقْرُ، وَفِي رِوَايَةٍ: أَدْنَاهَا الْهَمُّ، وَأَخْرَجَ الحاكم وَصَحَّحَهُ عَنْ ثَوْبَانَ مَرْفُوعًا: «لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ» وَأَخْرَجَ الحاكم أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عائشة مَرْفُوعًا: «الدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، وَإِنَّ الْبَلَاءَ لَيَنْزِلُ فَيَتَلَقَّاهُ الدُّعَاءُ فَيَعْتَلِجَانِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» وَأَخْرَجَ مِثْلَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. وَأَخْرَجَ أبو داود وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ» وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ سويد بن جميل قَالَ: مَنْ قَالَ بَعْدَ الْعَصْرِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، قَاتَلْنَ عَنْ قَائِلِهِنَّ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْغَدِ، وَأَخْرَجَ إسحاق بن راهويه فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أُتِيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بِغُرَابٍ وَافِرِ الْجَنَاحَيْنِ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا صِيدَ صَيْدٌ وَلَا عُضِدَتْ عِضَاهٌ وَلَا قُطِعَتْ وَشِيجَةٌ إِلَّا بِقِلَّةِ التَّسْبِيحِ " وَأَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ الْعَظَمَةِ مِنْ طَرِيقِ ابن عون بن مهران عَنْ أبي بكر مَوْقُوفًا. وَأَخْرَجَ أبو نعيم فِي الْحِلْيَةِ مِثْلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وأبو الشيخ فِي الْعَظَمَةِ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا: «مَا أُخِذَ طَائِرٌ وَلَا حُوتٌ إِلَّا بِتَضْيِيعِ التَّسْبِيحِ» ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: «آجَالُ الْبَهَائِمِ كُلِّهَا وَخَشَاشِ الْأَرْضِ فِي التَّسْبِيحِ، فَإِذَا انْقَضَى تَسْبِيحُهَا قَبَضَ اللَّهُ أَرْوَاحَهَا» وَمِنْ حَدِيثِ يزيد بن مرثد مَرْفُوعًا: «لَا يُصَادُ شَيْءٌ مِنَ الطَّيْرِ وَالْحِيتَانِ إِلَّا بِمَا يَضِيعُ مِنْ تَسْبِيحِ اللَّهِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>