للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالنَّظَائِرِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرُوا عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي فِيهَا نَفْيُ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ بِالِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي هُوَ مَوْضُوعُ كُتُبِهِمْ.

[بَابُ الْوَلِيمَةِ]

[تَقْبِيلُ الْخُبْزِ هَلْ هُوَ بِدْعَةٌ أَمْ لَا]

بَابُ الْوَلِيمَةِ

مَسْأَلَةٌ: تَقْبِيلُ الْخُبْزِ هَلْ هُوَ بِدْعَةٌ أَمْ لَا؟ وَإِذَا كَانَ بِدْعَةً هَلْ يَكُونُ حَرَامًا أَمْ لَا؟ وَقَدْ قَالَ ابن النحاس فِي تَنْبِيهِ الْغَافِلِينَ: وَمِنْهَا - أَيْ مِنَ الْبِدَعِ - تَقْبِيلُ الْخُبْزِ وَهُوَ بِدْعَةٌ لَا تَجُوزُ، وَقَدْ أَفْتَى جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يَجُوزُ دَوْسُهُ وَلَا يَجُوزُ بَوْسُهُ، لَكِنَّ دَوْسَهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَرُبَّمَا كَرِهَهُ بَعْضُهُمْ، وَأَمَّا بَوْسُهُ فَهُوَ بِدْعَةٌ وَارْتِكَابُ الْبِدَعِ لَا يَجُوزُ، وَانْظُرْ إِلَى قَوْلِ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ، هَذَا وَهُوَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ الَّذِي هُوَ مِنْ يَاقُوتِ الْجَنَّةِ وَهُوَ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يُصَافِحُ بِهَا خَلْقَهُ، كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ تَقْبِيلُ الْخُبْزِ؟ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ إِكْرَامُهُ وَرَفْعُهُ مِنْ تَحْتِ الْأَقْدَامِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ، وَقَدْ وَرَدَ فِي إِكْرَامِ الْخُبْزِ أَحَادِيثُ لَا أَعْلَمُ فِيهَا شَيْئًا صَحِيحًا وَلَا حَسَنًا. هَذَا نَصُّهُ بِحُرُوفِهِ، فَهَلْ مَا قَالَهُ هُوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ أَمْ لَا؟

الْجَوَابُ: أَمَّا كَوْنُ تَقْبِيلِ الْخُبْزِ بِدْعَةً فَصَحِيحٌ، وَلَكِنَّ الْبِدْعَةَ لَا تَنْحَصِرُ فِي الْحَرَامِ بَلْ تَنْقَسِمُ إِلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا بِالتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَلَا بِالْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ مَا وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ خَاصٌّ، وَلَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ نَهْيٌ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا مِنَ الْبِدَعِ الْمُبَاحَةِ، فَإِنْ قُصِدَ بِذَلِكَ إِكْرَامُهُ لِأَجْلِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي إِكْرَامِهِ فَحَسَنٌ، وَدَوْسُهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً شَدِيدَةً، بَلْ مُجَرَّدُ إِلْقَائِهِ فِي الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ دَوْسٍ مَكْرُوهٌ؛ لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِي ذَلِكَ.

[حُسْنُ الْمَقْصِدِ فِي عَمَلِ الْمَوْلِدِ]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى، وَبَعْدُ، فَقَدْ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ عَمَلِ الْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، مَا حُكْمُهُ مِنْ حَيْثُ الشَّرْعُ؟ وَهَلْ هُوَ مَحْمُودٌ أَوْ مَذْمُومٌ؟ وَهَلْ يُثَابُ فَاعِلُهُ أَوْ لَا؟

الْجَوَابُ: عِنْدِي أَنَّ أَصْلَ عَمَلِ الْمَوْلِدِ الَّذِي هُوَ اجْتِمَاعُ النَّاسِ وَقِرَاءَةُ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ وَرِوَايَةُ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي مَبْدَأِ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا وَقَعَ فِي مَوْلِدِهِ مِنَ الْآيَاتِ، ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>