(سَوِيًّا) وَمِنْهُ قِصَّةُ قضيب البان، ثُمَّ ذَكَرَهَا، وَذَكَرَ غَيْرِهَا.
قُلْتُ: وَمِنْ شَوَاهِدِ مَا نَحْنُ فِيهِ، مَا أَخْرَجَهُ أحمد، وَالنَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَمَّا أُسْرِيَ بِي فَأَصْبَحْتُ بِمَكَّةَ قَطَعْتُ وَعَرَفْتُ أَنَّ النَّاسَ مُكَذِّبِيَّ» " - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: «قَالُوا وَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْعَتَ الْمَسْجِدَ وَفِي الْقَوْمِ مَنْ قَدْ سَافَرَ إِلَيْهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَذَهَبْتُ أَنَعْتُ فَمَا زِلْتُ أَنْعَتُ حَتَّى الْتَبَسَ عَلَيَّ بَعْضُ النَّعْتِ فَجِيءَ بِالْمَسْجِدِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ حَتَّى وُضِعَ دُونَ دَارِ عَقِيلٍ " - أَوْ عِقَالٍ " فَنَعَتُّهُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ» " فَهَذَا؛ إِمَّا مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ كَمَا فِي رُؤْيَةِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فِي عُرْضِ الْحَائِطِ، وَإِمَّا مِنْ بَابِ طَيِّ الْمَسَافَةِ، وَهُوَ عِنْدِي أَحْسَنُ هُنَا، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَهْلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ يَفْقِدُوهُ تِلْكَ السَّاعَةَ مِنْ بَلَدِهِمْ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وابن المنذر فِي تَفَاسِيرِهِمْ، والحاكم فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف: ٢٤] قَالَ: مُثِّلَ لَهُ يَعْقُوبُ، وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِثْلَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وحميد بن عبد الرحمن، وَمُجَاهِدٍ، والقاسم بن أبي بزة، وعكرمة، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وقتادة، وأبي صالح، وشمر بن عطية، والضحاك، وَأَخْرَجَ عَنِ الحسن قَالَ: انْفَرَجَ سَقْفُ الْبَيْتِ فَرَأَى يَعْقُوبَ، وَفِي لَفْظٍ عَنْهُ قَالَ: رَأَى تِمْثَالَ يَعْقُوبَ.
فَهَذَا الْقَوْلُ مِنْ هَؤُلَاءِ السَّلَفِ دَلِيلٌ عَلَى إِثْبَاتِ الْمِثَالِ، أَوْ طَيِّ الْمَسَافَةِ، وَهُوَ شَاهِدٌ عَظِيمٌ لِمَسْأَلَتِنَا؛ حَيْثُ رَأَى يُوسُفُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهُوَ بِمِصْرَ أَبَاهُ، وَكَانَ إِذْ ذَاكَ بِأَرْضِ الشَّامِ، فَفِيهِ إِثْبَاتُ رُؤْيَةِ يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمَكَانَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، بِنَاءً عَلَى إِحْدَى الْقَاعِدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ اللِّعَّانِ]
مَسْأَلَةٌ: امْرَأَةٌ نَفَتِ ابْنَهَا بَعْدَ اعْتِرَافِهَا بِهِ، وَحَكَمَ بِالنَّفْيِ حَاكِمٌ، فَهَلْ يَنْتَفِي مِنْهَا، وَهَلْ لَهَا أَنْ تُقِرَّ بِهِ ثَانِيًا؟ .
الْجَوَابُ: الْوَلَدُ لَا يَلْحَقُ الْأُمَّ بِاعْتِرَافِهَا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إِقَامَتِهَا الْبَيِّنَةَ، فَإِنْ أَقَامَتْهَا فَلَا يُفِيدُ النَّفْيُ بَعْدَهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute