للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّالِثُ: رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً، وَلَا الدُّنْيَا إِلَّا إِدْبَارًا، وَلَا النَّاسُ إِلَّا شُحًّا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ، وَلَا مَهْدِيَّ إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ» "، قَالَ القرطبي فِي التَّذْكِرَةِ: إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَالْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّنْصِيصِ عَلَى خُرُوجِ المهدي مِنْ عِتْرَتِهِ مِنْ وَلَدِ فاطمة ثَابِتَةٌ، أَصَحُّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَالْحُكْمُ بِهَا دُونَهُ.

وَقَالَ أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم السحري: قَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ، وَاسْتَفَاضَتْ بِكَثْرَةِ رُوَاتِهَا عَنِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَجِيءِ المهدي، وَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، وَأَنَّهُ سَيَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ، وَأَنَّهُ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا، وَأَنَّهُ يَخْرُجُ مَعَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَيُسَاعِدُهُ عَلَى قَتْلِ الدَّجَّالِ بِبَابِ لُدٍّ بِأَرْضِ فِلَسْطِينَ، وَأَنَّهُ يَؤُمُّ هَذِهِ الْأُمَّةَ، وَعِيسَى يُصَلِّي خَلْفَهُ فِي طُولٍ مِنْ قِصَّتِهِ وَأَمْرِهِ، قَالَ القرطبي: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «وَلَا مَهْدِيَّ إِلَّا عِيسَى» " أَيْ: لَا مَهْدِيَّ كَامِلًا مَعْصُومًا إِلَّا عِيسَى، قَالَ: وَعَلَى هَذَا تَجْتَمِعُ الْأَحَادِيثُ وَيَرْتَفِعُ التَّعَارُضُ، وَقَالَ ابن كثير: هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا يَظْهَرُ بِبَادِئِ الرَّأْيِ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي إِثْبَاتِ مَهْدِيٍّ غَيْرِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَعِنْدَ التَّأَمُّلِ لَا يُنَافِيهَا، بَلْ يَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ: أَنَّ الْمَهْدِيَّ حَقَّ الْمَهْدِيِّ هُوَ عِيسَى، وَلَا يَنْفِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ مَهْدِيًّا أَيْضًا.

الرَّابِعُ: أَوْرَدَ القرطبي فِي التَّذْكِرَةِ أَنَّ المهدي يَخْرُجُ مِنَ الْغَرْبِ الْأَقْصَى فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ، وَلَا أَصْلَ لِذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْكَشْفُ عَنْ مُجَاوَزَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْأَلْفَ]

[الحديث المشهور على الألسنة أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْكُثُ فِي قَبْرِهِ أَلْفَ سَنَةٍ]

٥٣ - الْكَشْفُ عَنْ مُجَاوَزَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْأَلْفَ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى، وَبَعْدُ: فَقَدْ كَثُرَ السُّؤَالُ عَنِ الْحَدِيثِ الْمُشْتَهِرِ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْكُثُ فِي قَبْرِهِ أَلْفَ سَنَةٍ، وَأَنَا أُجِيبُ بِأَنَّهُ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ، ثُمَّ جَاءَنِي رَجُلٌ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ - وَهِيَ سَنَةُ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ - وَمَعَهُ وَرَقَةٌ بِخَطِّهِ، ذَكَرَ أَنَّهُ نَقَلَهَا مِنْ فُتْيَا أَفْتَى بِهَا بَعْضُ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ مِمَّنْ أَدْرَكْتُهُ بِالسِّنِّ، فِيهَا: أَنَّهُ اعْتَمَدَ مُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَنَّهُ يَقَعُ فِي الْمِائَةِ الْعَاشِرَةِ خُرُوجُ المهدي وَالدَّجَّالِ، وَنُزُولُ عِيسَى وَسَائِرُ الْأَشْرَاطِ، وَيُنْفَخُ فِي الصُّورِ النَّفْخَةُ الْأُولَى، وَتَمْضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>