للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا عَدَا هَذِهِ مِنَ الْعُلُومِ كَالْوَسِيلَةِ لَهَا، فَلَمَّا جَمَعَتِ الْفَاتِحَةُ هَذِهِ كَانَتْ جَدِيرَةً بِأَنْ تَكُونَ عُنْوَانَ الْقُرْآنِ بِالتَّقْرِيرِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابن أبي الأصبع.

[الْقُذَاذَةُ فِي تَحْقِيقِ مَحَلِّ الِاسْتِعَاذَةِ]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى.

وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا يَقَعُ مِنَ النَّاسِ كَثِيرًا إِذَا أَرَادُوا إِيرَادَ آيَةٍ قَالُوا: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَيَذْكُرُونَ الْآيَةَ هَلْ (بَعْدَ) هَذِهِ جَائِزَةٌ قَبْلَ الِاسْتِعَاذَةِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ أَصَابَ الْقَارِئُ فِي ذَلِكَ أَوْ أَخْطَأَ؟

فَأَقُولُ: الَّذِي ظَهَرَ لِي مِنْ حَيْثُ النَّقْلُ وَالِاسْتِدْلَالُ أَنَّ الصَّوَابَ أَنْ يَقُولَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى، وَيَذْكُرُ الْآيَةَ وَلَا يَذْكُرُ الِاسْتِعَاذَةَ فَهَذَا هُوَ الثَّابِتُ فِي الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ - أَخْرَجَ أحمد، وَالْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «قَالَ أبو طلحة: " يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢] وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءُ» " الْحَدِيثَ، وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالْبَزَّارُ عَنْ حمزة بن عبد الله بن عمر قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: حَضَرَتْنِي هَذِهِ الْآيَةُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢] فَذَكَرْتُ مَا أَعْطَانِي اللَّهُ فَلَمْ أَجِدْ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ جَارِيَةٍ لِي رُومِيَّةٍ فَأَعْتَقْتُهَا، وَأَخْرَجَ ابن المنذر عَنْ نافع قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَشْتَرِي السُّكَّرَ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، فَنَقُولُ لَهُ: لَوِ اشْتَرَيْتَ لَهُمْ بِثَمَنِهِ طَعَامًا كَانَ أَنْفَعَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: إِنِّي أَعْرِفُ الَّذِي تَقُولُونَ لَكِنْ سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢] وَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ يُحِبُّ السُّكَّرَ.

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ علي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً وَلَمْ يَحُجَّ بَيْتَ اللَّهِ فَلَا يَضُرُّهُ مَاتَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: ٩٧] » " وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>