للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" «إِنَّ اللَّهَ قَضَى عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ مَنْ آمَنَ بِهِ هَدَاهُ، وَمَنْ وَثِقَ بِهِ نَجَّاهُ» " قَالَ الربيع: وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [آل عمران: ١٠١] ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ: مَا تَقُولُ فِي سُلْطَانٍ عَلَيْنَا يَظْلِمُونَا، وَيَعْتَدُونَ عَلَيْنَا فِي صَدَقَاتِنَا أَفَلَا نَمْنَعُهُمْ؟ قَالَ: لَا، الْجَمَاعَةَ الْجَمَاعَةَ، إِنَّمَا هَلَكَتِ الْأُمَمُ الْخَالِيَةُ بِتَفَرُّقِهَا، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: ١٠٣] ؟

وَأَخْرَجَ أبو يعلى، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( «لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ» ) قَالَ الحسن: وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} [آل عمران: ١١٨] ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وابن مردويه عَنِ ابن عمرو «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْجُمُعَةِ: " هِيَ كَفَّارَةٌ إِلَى الْجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهَا وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: ١٦٠] " وَالْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ فَالصَّوَابُ الِاقْتِصَارُ عَلَى إِيرَادِ الْآيَةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِعَاذَةٍ اتِّبَاعًا لِلْوَارِدِ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ الْبَابَ بَابُ اتِّبَاعٍ، وَالِاسْتِعَاذَةُ الْمَأْمُورُ بِهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [النحل: ٩٨] إِنَّمَا هِيَ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِلتِّلَاوَةِ، أَمَّا إِيرَادُ آيَةٍ مِنْهُ لِلِاحْتِجَاجِ وَالِاسْتِدْلَالِ عَلَى حُكْمٍ فَلَا، وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَهُ: " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ أَعُوذُ بِاللَّهِ " تَرْكِيبٌ لَا مَعْنَى لَهُ وَلَيْسَ [فِيهِ] مُتَعَلِّقٌ لِلظَّرْفِ وَإِنْ قُدِّرَ تَعَلُّقُهُ بِقَالَ فَفِيهِ الْفَسَادُ الْآتِي، وَإِنْ قَالَ: قَالَ اللَّهُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَذَكَرَ الْآيَةَ فَفِيهِ مِنَ الْفَسَادِ جَعْلُ الِاسْتِعَاذَةِ مَقُولًا لِلَّهِ وَلَيْسَتْ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنْ قَدَّمَ الِاسْتِعَاذَةَ ثُمَّ عَقَّبَهَا بِقَوْلِهِ: قَالَ اللَّهُ وَذَكَرَ الْآيَةَ فَهُوَ أَنْسَبُ مِنَ الصُّورَتَيْنِ، غَيْرَ أَنَّهُ خِلَافُ الْوَارِدِ، وَخِلَافُ الْمَعْهُودِ مِنْ وَصْلِ آخِرِ الِاسْتِعَاذَةِ بِأَوَّلِ الْمَقْرُوءِ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِ فَاصِلٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِلتِّلَاوَةِ، وَبَيْنَ إِيرَادِ آيَةٍ مِنْهُ لِلِاحْتِجَاجِ جَلِيٌّ وَاضِحٌ.

مَسْأَلَةٌ: إِذَا قَرَأَ كَلِمَةً مُلَفَّقَةً مِنْ قِرَاءَتَيْنِ كَالرَّحِيمِ مَالِكِ بِالْإِدْغَامِ مَعَ الْأَلِفِ، وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى بِتَرْكِ الْأَلِفِ وَعَدَمِ الْإِمَالَةِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا؟ وَإِذَا قُلْتُمْ: يَجُوزُ، فَهَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ سَوَاءٌ أَخَلَّ بِالْمَعْنَى أَمْ لَا؟ غَيَّرَ نَظْمَ الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ: {لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} [يونس: ١١] بِبِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْمَفْعُولِ مَعَ نَصْبِ اللَّامِ أَمْ لَا؟ وَمَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: الْقِرَاءَةُ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>